عن ردّ فِعل المملكة المغربية على مطالبة مندوبة أميركا في الأمم المتحدة مجلس الأمن بادانتها بسبب مشكلة الصحراء الغربية، تحدّث أحد أبرز المسؤولين نفسه في تجمُّع يضم غالبية المنظمات والجمعيات اليهودية الأميركية الفاعلة، قال: “قامت قيامة المملكة، فاتصل بي مكتب الملك محمد السادس، وأطلق المتحدث باسمه تهديداً بوقف التعاون العسكري بين بلاده وأميركا وباستدعاء السفير المغربي من واشنطن اذا استمرت رايس في طرح مشروع قرار الادانة على مجلس الأمن. اتصلت بالبيت الأبيض ولم يبدُ لي أن معاوني الرئيس أوباما على علم بهذا الموضوع. فطلبوا مني امهالهم يوماً للاستعلام واتخاذ اللازم. بعد انقضاء اليوم أبلغوني أنهم يدرسون الموضوع. أمضوا ثلاثة أيام وهم يماطلون. في النهاية وردني اتصال من مكتب العاهل المغربي قيل لي فيه: سئمنا المماطلة. اذا لم يحصل شيء اليوم أي اذا لم تتراجع رايس عن طرح مشروع القرار فاننا سننفِّذ ما هدَّدنا به. اتصلت بالبيت الأبيض وشرحتُ ما حصل معي. فعادوا اليّ بعد ساعتين طالبين مهلة جديدة هي يوم واحد. أجبتهم: ولا يوم. الآن أريد أن يرسل الرئيس رسالة إلكترونية (Email) الى الملك المغربي أو أحد كبار مساعديه تتضمن تأكيداً بأن أوباما قرّر سحب مشروع القرار من مجلس الأمن. تسلّمتُ الرسالة بعد وقت وأرسلتها بدوري الى مكتب الملك في المغرب. وبرّروا ما حصل باتهام رايس أنها أقدمت على تقديم مشروع القرار من دون استشارة أحد.
كيف يحصل ذلك؟ كيف يسمح لها الرئيس بذلك؟ لماذا لا يتعاطى هو بالسياسة الخارجية؟ يبدو أنه لا يتعاطى بها كثيراً. من يهمنا نحن أكثر كمصالح، أي أميركا، “البوليساريو” أم المغرب؟ علماً أنهم يستطيعون لاحقاً حلّ المشكلة بينهما باستفتاء على منح الصحراويين الغربيين حكماً ذاتياً أو ما شابه. حتى وزير الخارجية جون كيري لا توحي علاقته بالرئيس أوباما باهتمام الأخير بالقضايا الخارجية، فهو قال لي رداً على سؤال وجّهته اليه: انني أتصل بالرئيس أو أراه مرة في الأسبوع. هل هذه علاقة رئيس دولة عُظمى لها علاقات مباشرة وغير مباشرة بالعالم وقضاياه ومشكلاته؟ يجب أن يكون على اتصال يومي بوزير خارجيته وبكل المسؤولين. أنا أسأل حلقة الرئيس الضيقة من المستشارين ماذا يفعلون. حتى في مجلس الأمن القومي لا يعرفون شيئاً لكي يتحدثوا مع أحد به. هل قابلت أحداً منهم؟ هل قابلت فيل غوردون أبرزهم”؟
أجبتُ: كلا. حضرت غداء عمل ضم عدداً محدوداً من الديبلوماسيين والمسؤولين الاعلاميين وغيرهم تحدّث فيه عن قضايا عدة ولكن بعمومية كبيرة ولم يأت بجديد. عرّفني صديق به وابلغته أنني سأطلب موعداً منه فرحَّب. وعندما فعلتُ لم يرفض جماعته مباشرة اذ قالوا إن جدول مواعيده مزدحم، وبقي مزدحماً. وعندما طلبتُ لقاء مسؤول آخر في المجلس نفسه أعرفه من زمان تردَّدوا ثم حدَّدوا بعد إلحاحي موعداً اعتذرت عن تلبيته لأنه تضارب مع مواعيد أخرى مهمة جداً بدورها، فضلاً عن أن تأمينها لم “يعذبني”.
ماذا عن روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين وخصوصاً في ظل التطورات الخطيرة الأخيرة؟ سألتُ. أجاب: “بوتين زعيم ورئيس (Leader). التقيته يوم كان في الـ كي. جي. بي. (جهاز المخابرات أيام الاتحاد السوفياتي). أمضينا ساعتين في نقاش جدي حادٍّ أحياناً، وفي عشاء واسع بعض الشيء شاركت فيه، بعد ذلك توجّه نحوي ووضع أمامي أو الى جانبي زجاجة فودكا وصبّ لي كأساً منها. ثم رأيته عام 1999. كان جدّياً ولطيفاً وراغباً في حلول. بوتين دولته روسيا ضعيفة ولم تعُد شيئاً، ورغم ذلك فانه يحاول اعادة دورها السابق كدولة عظمى. بينما أوباما حوّل أميركا من دولة عظمى بل أعظم الى دولة ضعيفة لا تستطيع أن تحمي مصالحها أو أن تحافظ عليها. في أثناء ساعتَي النقاش مع بوتين قلتُ له لقد التقينا على نحو ما في السبعينات. سأل: أين؟ أجبتُ: في مولدوفا. وعندما زار أميركا رئيساً لدولة روسيا الاتحادية رآني في استقبال رئاسي له فوجّه اصبعه نحوي قائلاً: مولدوفا. ثم في الاجتماع الذي حصل قال لي: جعلت الجنرالات ينتظرون اجتماعهم بي 45 دقيقة”.
سألتُ: ألا تعتقد أن أوروبا وأميركا ارتكبتا خطأ مع بوتين عندما مدّتا حلف شمال الأطلسي الى حدود بلاده (توسّع) وقامتا بأمور أخرى؟ بماذا أجاب؟