IMLebanon

أهالي العسكريين: أولادنا أهمّ من سجناء رومية

الحريري يحذّر من «استنساخ الحالتين السورية والعراقية».. ورهان سعدنايل على الدولة يحرّر أيمن صوان

أهالي العسكريين: أولادنا أهمّ من سجناء رومية

 

كما لم يخب رهان «سعدنايل» وأهلها على الدولة ومؤسساتها في التوصل إلى تحرير ابن البلدة أيمن صوان، بحيث أثبت إطلاقه أمس في بريتال، تحت وطأة تضييق الجيش الخناق على خاطفيه، أنّ يد الشرعية تبقى هي العليا فوق أيدي المفتنين في الأرض الساعين إلى تهميش وتهشيم الدولة وسلمها الأهلي، لا يزال الرهان معقوداً على الحكومة وجهودها داخلياً وخارجياً في التوصل إلى الإفراج عن العسكريين المخطوفين. وقد وضع أهاليهم أمس هواجسهم في عهدة السرايا الحكومية مطلقين في المقابل صرخة امتعاض وانتقاد للقوى السياسية المعترضة على مبادلة أبنائهم ببعض السجناء عبّر عنها أمهات العسكريين الأسرى بالقول خلال اجتماع السرايا: «أولادنا أهمّ من سجناء رومية».

وأوضحت مصادر وزارية شاركت في اجتماع رئيس الحكومة تمام سلام وخلية الأزمة الحكومية مع أهالي العسكريين لـ«المستقبل» أنّ «الأهالي عاتبوا الحكومة على عدم اتخاذ قرار يقضي بإطلاق عدد من سجناء رومية في مقابل تحرير أبنائهم»، ونقلت المصادر أنّ «عدداً من الأمهات إنتقدوا بقوة موقف وزراء «التيار الوطني الحر» الرافض لعملية مبادلة العسكريين المخطوفين ببعض السجناء، حتى انّ إحداهنّ قالت خلال الاجتماع: ماذا ينفعنا السجناء إن خسرنا أولادنا.. أصدروا عفواً عاماً.. أعطوهم كل السجن بس خلصونا وردوا لنا أبناءنا». 

المصادر الوزارية شددت على «تفهّم مخاوف الأهالي والرعب الذي يعتريهم في ظل ما خبروه وعايشوه من مشاهد بربرية مصوّرة بحق العسكريين الأسرى»، وأكدت في المقابل أنّ «الأهالي أبدوا خلال الاجتماع ثقتهم بالدولة وبجهودها المبذولة إلا أنهم طالبوا في مقابل مناشدتهم التحلي بالصبر والتريّث بأن يحصلوا على ضمانات رسمية تجزم بألا يلقى أبناؤهم مصير الشهيدين علي السيد وعباس مدلج».

وكان الرئيس سلام قد وضع أهالي العسكريين خلال الاجتماع في أجواء المساعي الهادفة للإفراج عن أبنائهم «عن طريق وساطة قطرية»، وقال: «مطالب الخاطفين ما زالت غير واضحة وهم يتصرفون بدهاء ويلعبون على غرائزنا وخلافاتنا السياسية بهدف شق صفوفنا»، محذراً في هذا السياق من مغبة «الإيقاع بين أهالي المخطوفين والحكومة والجيش». 

وإذ شدد على وجوب ألا يُحسب الخاطفون «على أي جهة طائفية أو مذهبية»، دعا رئيس الحكومة الأهالي إلى «التماسك وعدم الانسياق للانفعالات والقيام بممارسات لن تفيد في الإفراج عن العسكريين». وخلص الاجتماع إلى تشكيل لجنة مصغرة من أهالي المخطوفين للبقاء على تواصل مع رئاسة مجلس الوزراء. 

اللجنة الوزارية

ولاحقاً، رأس سلام اجتماعاً لخلية الأزمة الوزارية المكلفة متابعة ملف العسكريين المخطوفين أعرب في مستهله عن الأسف لأحداث اليومين الماضيين في بعض المناطق، منبهاً إلى أنّ «هذا المشهد الذي استحضر صفحات قاتمة من الحرب يظهر حجم المسؤولية الملقاة على الجميع في ضبط المشاعر وتخفيف الاحتقان وتغليب منطق الحكمة».

وفي حين استمع أعضاء اللجنة إلى عرض من القادة الأمنيين للأوضاع الأمنية خصوصاً في منطقة البقاع والإجراءات المتخذة لضبطها، أوضحت مصادر المجتمعين لـ«المستقبل» أنّ «قائد الجيش العماد جان قهوجي استعرض خلال الاجتماع الوضع العسكري على الأرض، بينما أكد الرئيس سلام له أنّ الجيش يملك غطاءً كاملاً من السلطة السياسية في مهماته»، ولخصت المصادر الأوضاع في ضوء التقارير الأمنية والعسكرية بالقول: «الوضع الميداني تحت السيطرة لكنّ تثبيت الاستقرار والأمن في البلد يحتاج إلى مزيد من اليقظة والعمل والجهد».

الحريري

تزامناً، حذر الرئيس سعد الحريري من «لغة العصبيات المتخلفة» ومن محاولات «النفخ في رماد البحث عن الفتنة»، وقال في بيان أمس: «إننا بكل صراحة ومسؤولية لا نجد مخرجاً لكل الوجع الذي يشعر به أهالي العسكريين المخطوفين من كل المذاهب والمناطق سوى التضامن وراء الدولة وعدم الانجرار لتصرفات وممارسات لا وظيفة لها سوى تحقيق مآرب القوى الارهابية بتوسيع رقعة التخريب والفوضى إلى ساحة لبنان».

الحريري شدد على أنها «أيام للتضامن حول الجيش والقوى الأمنية الشرعية وليست أياماً للفلتان من سلطة الدولة والقانون وإنشاء الجيوش الخاصة»، وأضاف: «حماية بلدنا من الانزلاق إلى الفتنة بأيدينا وبإرادتنا من كل الأطياف والمذاهب، بل هي في الدرجة الأولى بإرادة المسلمين في لبنان، سنةً وشيعة، الذين يمتلكون قرار إخماد الفتنة في مهدها ورفض استنساخ الحالتين السورية والعراقية».

مؤتمر جدة

وعشية انعقاد الاجتماع العربي الأميركي بمشاركة تركيا في المملكة العربية السعودية لبحث مسألة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في المنطقة، أكد السفير اللبناني في المملكة عبد الستار عيسى لـ«المستقبل» أنّ لبنان سيتمثل على مستوى وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر جدة غداً الخميس، وقال: «المؤتمر سيبحث بنداً وحيداً يناقش بموجبه سبل مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله».

بدورها، أوضحت مصادر ديبلوماسية لبنانية لـ«المستقبل» أنّ الموقف اللبناني في مؤتمر جدة «سيتطرق إلى دور المحكمة الجنائية الدولية الذي كان لبنان قد أثار ضرورة اللجوء إليها في مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى الدور الذي يضطلع به الجيش اللبناني ميدانياً في مكافحة الإرهاب لا سيما في ضوء المستجدات الأمنية الأخيرة في عرسال وجرودها». وأعربت المصادر الديبلوماسية عن توقعها أن تكون مقررات مؤتمر جدة «مرتبطة بشكل أو بآخر بمقررات اجتماع الجامعة العربية الذي خصّص لموضوع مكافحة الإرهاب وتنظيماته في المنطقة».

من جهتها، وإذ لم تستبعد مصادر رسمية لبنانية لـ«المستقبل» أن تشكل بيروت إحدى محطات جولة وزير الخارجية الأميركي جون كيري على المنطقة، نقلت مصادر عربية لـ«المستقبل» أنّ جولة كيري ومشاركته في مؤتمر جدة إنما تهدفان إلى «استكشاف الدور الذي تقوم به الدول العربية وتركيا في سبيل مكافحة الإرهاب واستطلاع آفاق التعاون مع الولايات المتحدة والخطوات الممكن اتخاذها في هذا الإطار»، لافتةً الانتباه إلى أنّ مؤتمر جدة يأتي في سياق مكمّل لقرار تشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب والذي تبلورت نواته خلال قمة الناتو الأخيرة في ويلز.