أهالي المخطوفين يهدّدون.. والمسلحون يجولون في عرسال!
«ملف العسكريين» ينتظر مطالب الخاطفين النهائية
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثالث والتسعين على التوالي.
كثير من الثرثرة يملأ الشغور المتسع، ولا حلول للأزمات المستعصية، بدءا من الاستحقاق الرئاسي المعلق، مرورا بمجلس النواب المعطل، وصولا إلى ملفات حياتية تتصل بالكهرباء والمياه وسلسلة الرتب والرواتب والمياومين..
أما ملف المخطوفين من العسكريين والعناصر الأمنية، فلا يزال أسير المراوحة، إلى حين تبلور المطالب النهائية للخاطفين، في وقت عاد المسلحون إلى التجول في عرسال، يدخلون إليها ويخرجون منها بحرية، في إطار عمليات دهم «بحثا عن مطلوبين»!
وفي انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات تتصل بملف الأسرى، يمكن القول إن الدولة اللبنانية تميل إلى التركيز على القناة القطرية في هذه المرحلة، علما أن القطريين طلبوا الاستمهال قليلا للتواصل مع الخاطفين وسبر أغوار نياتهم، كما ظهر من خلال الاتصالات التي جرت مع الدوحة.
والمفارقة أنه مع مضي قرابة 24 يوما على جريمة الخطف لم يجد مجلس الوزراء بعد أي ضرورة لتخصيص جلسة واحدة لهذه القضية الوطنية، أقله من باب مواكبتها سياسيا وإحاطتها بالاهتمام المطلوب، إذا كان من غير المرغوب ان تُفلش تفاصيل المفاوضات المصنفة في خانة «سري للغاية» على الطاولة.
ليس ضروريا كسر قاعدة السرية والكتمان التي تتسلح بها «خلية التفاوض» الرسمية، في حال ارتأى المعنيون ذلك، لكن انعقاد مجلس الوزراء الذي يمثل كل المكونات اللبنانية دعما للعسكريين والعناصر الامنية – من دون البحث في أي بند آخر – سيعطي رسالة قوية للخاطفين ولأهالي المخطوفين وللوسطاء المفترضين بأن الدولة جادة في متابعة هذه القضية وإنهائها بالطريقة التي تحمي كرامة الجيش وقوى الأمن، وبالتالي كرامة لبنان واللبنانيين.
والمفارقة الأخرى، أن الأطراف الداخلية التي تستهلك الكثير من بلاغتها وطاقتها في سجالات جانبية وفي «العلك» السياسي اليومي، يبدو حضورها متواضعا وخجولا في ملف المخطوفين، فلا مواقفها صارخة ولا أصواتها مرتفعة، وهو خلل ينسحب على معظم القوى في «8 و14 آذار» على حد سواء.
وفي حين أكدت مراجع رسمية لـ«السفير» أن هناك رفضا تاما لمقايضة أي مخطوف من العسكريين والأمنيين بأي موقوف في السجون، أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«السفير» أن الجهد سيتواصل على كل المستويات لإطلاق سراح المخطوفين، موضحا أن التحرك مستمر، «وهناك أكثر من خط مفتوح على هذا الصعيد، لكن لا يمكنني التوسع أكثر في التفاصيل، لأن الكتمان ضروري في هذه الظروف».
ولفت الانتباه إلى أن مسألة المخطوفين شديدة التعقيد وتتعلق بمؤسسة عسكرية وأخرى أمنية، وبالتالي لا تجوز مقاربتها باستسهال، وهي لا تُعالج إلا في إطار أكبر قدر ممكن من السرية.
وردا على سؤال حول تعليقه على إعلان «هيئة العلماء المسلمين» عن تعليق وساطتها، قال: كان من الأفضل عدم الإعلان عن القيام بوساطة ولا حتى عن وقفها، وفي كل حال فإن الهيئة مشكورة على الجهد الذي بذلته، وهي فعلت ما تستطيع فعله ضمن قدراتها.
وبينما أوضح المشنوق أنه سيلتقي اليوم وفدا من أهالي المخطوفين، هدّدت لجنة الأهالي بخطوات تصعيدية، «ما لم نلمس جدية في التحرك لإطلاق أبنائنا». وحمّلت الحكومة عموماً ورئاسة الحكومة خصوصا، «مسؤولية سلامة أولادنا وإعادتهم إلى عائلاتهم وأهاليهم، قبل الوصول إلى أحداث ومشكلات لا تحمد عقباها».
في هذه الأثناء، سُجلت تحركات لمسلحين من «داعش» و«النصرة» في اتجاه بلدة عرسال، حيث أفادت المعلومات بأن مجموعات من المسلحين دخلت إلى البلدة أكثر من مرة، وأقدمت على مداهمة منازل مواطنين اعتبروا في عداد المتعاونين مع الجيش اللبناني.
وأشارت المعلومات إلى أن لدى المسلحين لائحة من أبناء البلدة المطلوبين لديهم بسبب تعاونهم مع الجيش (راجع ص 3).
وقد ندَّدت منسقية «تيار المستقبل» في عرسال بأعمال الاعتداء واحتجاز حرية الأشخاص كافة، كما نددت بدخول «أي مجموعة مسلحة غير لبنانية إلى لبنان عموما وإلى عرسال خصوصا تحت أي عنوان أو حجة كانت.»
وفي سياق متّصل، واصل الجيش اللبناني إجراءاته العسكرية في منطقة البقاع، حيث نفذ خلال اليومين الماضيين مداهمات لمراكز تجمعات السوريين، خصوصا في منطقة تربل والبقاع الشرقي المحاذي للحدود اللبنانية السورية عند السلسلة الشرقية.
وداهم الجيش أيضا مراكز لتجمع النازحين في منطقة بر الياس في قضاء زحلة، إضافة إلى مداهمات في قب الياس وحي البحصاصة.
وأوقفت مديرية أمن الدولة في البقاع 3 شبان سوريين داخل أحد التجمعات العشوائية للنازحين السوريين في منطقة الفاعور، لانتمائهم إلى «جبهة النصرة» وإقدامهم على تجنيد شبان سوريين ولبنانيين للقتال إلى جانب «الجبهة» في سوريا.
بري وجنبلاط:
المسعى الرئاسي «الصامت»
سياسيا، بقي طرح العماد ميشال عون بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب مادة للتجاذب السياسي، فيما نقل زوار الرئيس نبيه بري عنه قوله أمس إن اقتراح القانون المقدم من «تكتل التغيير والإصلاح» لانتخاب الرئيس من الشعب لا يمكن أن يُعرض على مجلس النواب قبل 21 تشرين الأول المقبل، موعد بدء الدورة العادية للمجلس، لأن أي تعديل دستوري يحتاج إلى أن يكون المجلس في حالة انعقاد عادي.
وفي ما خص مصير الاستحقاق الرئاسي، أشار إلى أنه يجري والنائب وليد جنبلاط مشاورات واتصالات بعيدا عن الأضواء، في محاولة لإنضاج تسوية رئاسية، موضحا أن هذا المسعى يتم بهدوء ومن دون ضجيج، وأنه يفضل عدم الخوض فيه كي لا يحترق، لكنه شدد على أن العماد عون هو أحد أبرز المعنيين به.