IMLebanon

أوباما ـ كلينتون

 

ليس هناك أصعب من ضربة المتردد والمضطر، ولا أقسى منها. بل هي، بحكم طبيعة صاحبها، لا يمكن أن تكون هشّة أو غير حاسمة!

بيل كلينتون جاء وقطف ثمار انتهاء الحرب الباردة، لكنه في طبعه الأصيل لم يكن رجل حرب ونزال ونزاع وضرب وبارود وعسكر.. وفي أيامه، شهد العالم رعاية أميركية ناجحة وسلسة لإنهاء ومحاولة إنهاء الكثير من النزاعات المشتعلة وفي مقدمها النزاع العربي الإسرائيلي في الشرق الأوسط والنزاع الإيرلندي في أوروبا.. بل في أيامه واكبت واشنطن أكبر عملية تحوّل في خارطة العالم بأكبر قدر من النبل، بدءاً من تفكك الاتحاد السوفياتي وصولاً الى كل المعسكر الاشتراكي في أوروبا الشرقية.

.. لكنه إزاء تطور الانفصال اليوغوسلافي باتجاهات دموية صاخبة ومُحرجة للعالم الحر وقيمِه، ولأوروبا وشعوبها وتاريخها بعد الحرب العالمية الثانية، وجد نفسه، وبعد طول تردد أيضاً، مضطراً للتدخل والذهاب إلى الحرب من أجل إنهاء الحرب ووضع حدّ لأشنع وأبشع مذبحة شهدها العالم الحديث على أيدي صرب ميلوسيفيتش. وجاء تدخله حاسماً ونهائياً.

تردده كلّف أطراف الحرب اليوغوسلافية أثماناً بشرية وعمرانية مهولة، وساعد تحديداً القوميين المتطرفين الصرب، أكثر من غيرهم من الكروات والبوسنيين، على المزيد من التطرف، باعتبار أن حساباتهم كانت راسية عند عدم وجود مطرقة في يد أحد قادرة على لجم الرؤوس الحامية وتبريدها.. شطحوا في الحساب والارتكاب إلى أن جاءت تلك المطرقة (الأميركية الأطلسية) وفعلت فعلها. ولولا ذلك لكانت المذبحة هناك لا تزال قائمة ومفتوحة حتى اليوم!

كأن في أوباما شيئاً من كلينتون، وفي سوريا شيئاً من يوغسلافيا، وفي «داعش» شيئاً من ميلوسيفيتش!

تردّد أوباما إزاء المجزرة السورية، الناتج عن طبيعته وسياسته، وهو تكرار عبثي لتلك السالفة. وقراره في الحرب على «داعش» تكرار عملي اضطراري لذلك القرار ضد الصرب. ولذلك يصحّ الافتراض والاستنتاج أن النتيجة يجب أن تكون مشابهة. أي حرب حاسمة، ليس ضد التنظيم الظلامي الإرهابي وارتكاباته فقط وإنما ضدّ استمرار النكبة السورية في مجملها. والأمران بحكم المنطق والحساب مترابطان: «داعش» الأحجية ما كان ممكناً لولا تلك النكبة. والقضاء عليه من دون وقفها قد لا يعني شيئاً في حين أن العكس صحيح. وقف النكبة ينهي «داعش» واحتمالات تكراره. من دون ذلك ينتهي ويأتي غيره!

والواضح أن مستر أوباما لا يريد ذلك ولا يريد حرباً طويلة واستنزافية، ولا يريد توريث خلفه مثل ما ورث من سلفه. ولذلك لا خيار أمامه إلا الحسم الاضطراري.. والمزدوج.