IMLebanon

أوساط نيابية بيروتية: تركيز على إطلاق الحوار الوطني

استبعدت أوساط نيابية بيروتية أن تكون عودة الرئيس سعد الحريري قد ساهمت في تحريك الركود في ملف الإستحقاق الرئاسي، مؤكدة أن الموقف المعلن بالنسبة لتوافق القيادات المسيحية في فريقي 8 و 14 آذار على مدى الأشهر الماضية من قبل الرئيس الحريري لم يتغيّر ولن يخضع لأي تعديل في المرحلة المقبلة. لكنها استدركت أن هذا الواقع لا يلغي إحتمال توافر إمكانات أو خيارات للبحث في كيفية الوصول إلى حوار سياسي بين كل القوى السياسية المؤثّرة لتسهيل التوافق «المسيحي» حول الإنتخابات الرئاسية وخاصة أن استحقاقاً إنتخابياً آخر قد بات على الأبواب وهو الإنتخابات النيابية. وفي هذا المجال، فإن الحديث عن تسوية أو حلحلة على صعيد الإستحقاق قد يكون مبكراً تضيف الاوساط نظراً لاستمرار هذا الملف رهينة الواقع الإقليمي الذي يشهد تصعيداً خطيراً خلال الأسابيع الماضية، وتحديداً منذ تبدّل المعادلات العسكرية الميدانية في سوريا والعراق بعد تقدّم تنظيم «داعش»، ودخول الولايات المتحدة الأميركية وللمرة الأولى على خط المواجهات منذ انسحابها من العراق، كما أكدت الأوساط النيابية، والتي كشفت أن الفرصة الإقليمية، كما الدولية التي كانت متاحة في أيار الماضي لانتخاب رئيس للجمهورية بقرار لبناني ومن دون أي تدخّل خارجي قد زالت اليوم، مما يجعل من الإيجابية التي تحقّقت على الساحة الداخلية مع عودة الرئيس الحريري تزامناً مع الدعم الخارجي للبنان في مواجهة الإرهاب، عاجزة عن تحقيق الدعم اللازم للحثّ على نضوج الظروف المحلية لإنتاج إنتخابات رئاسية.

ومع تجديد بكركي دعوتها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، أكدت الأوساط النيابية نفسها، أن الحراك الجاري على أكثر من مستوى لإنهاء الشغور الرئاسي سواء في الكواليس أو في العلن، سيستمر وقد يتشارك به الرئيس الحريري كما باقي المرجعيات السياسية في البلاد، معتبرة أن هذا التحرّك هو بمثابة المدخل للبحث في قواسم مشتركة، أو على الأقلّ نقطة انطلاق الحوار «الرئاسي» المنتظر. لكن هذا الواقع لا يعني أن العنوان الإنتخابي هو خارج التداول في المرحلة الراهنة، بل على العكس، فإن كل العناوين التي رافقت العودة السياسية للحريري تشمل، إلى جانب الملف الأمني ودعم الجيش في معركته مع الإرهاب، إعادة الحياة إلى الحوار الوطني من خلال فتح قنوات التواصل مع أكثر من جهة في فريق 8 آذار من قبل تيار «المستقبل»، كما هو الواقع على سبيل المثال مع «التيار الوطني الحر»، مع ما يعنيه هذا التواصل من احتمال التنسيق في أكثر من ملف داخلي بعد تعذّر الإتفاق على الإستحقاق الرئاسي.

وفي انتظار نضوج ظروف «الحوار الرئاسي»، فإن التركيز لا يزال منصبّاً، وكما أضافت الأوساط النيابية البيروتية، على العنوان الأمني، وذلك من قبل كل القوى السياسية، إذ أن المخاطر الأمنية المحدقة بمنطقة عرسال من قبل التنظيمات المتطرّفة في جرود المدينة، لا تزال كبيرة وتهدّد الإستقرار العام وتتطلّب تفاهماً داخلياً بأبعاد إقليمية وغطاء دولي، وهذا ما تحقّق في الآونة الأخيرة على الساحة المحلية من خلال توحيد الخطاب السياسي لكافة القوى في 8 و 14 آذار رغم بعض الإستثناءات والتي زالت لاحقاً، على مواجهة كل أنواع الإرهاب والإرهابيين على اختلاف إنتماءاتهم وعلى دعم الجيش والأجهزة الأمنية الرسمية، وبالتالي الدولة، كون هذا الخيار يعتبر السلاح الأمتن والأكثر إعتدالاً في مواجهة التطرّف الزاحف إلى لبنان من دول الجوار. وفي هذا السياق، فإن المرحلة المقبلة تستدعي تحييد الخلافات السياسية بما فيها الخلاف حول الإستحقاق الرئاسي بين كل الأفرقاء السياسيين، والتنبّه إلى الخطر الذي لا يقتصر فقط على تطرّف الخارج، بل على بعض ما سجّل داخلياً على هذا المستوى واقتضى تصويب الخطاب الوطني، والتأكيد من قبل الجميع على دعم وجود بيئة حاضنة للإرهاب في أي من المناطق اللبنانية من دون استثناء.