IMLebanon

أين أميركا وأين إيران من تمدّد داعش؟ سيناريو عسكري – سياسي لاحتواء فشل المالكي

بدا بالنسبة الى مراقبين للتطورات في العراق ان الوضع في المنطقة من العراق الى سوريا وسائر دول المنطقة التي تشهد توترات على خلفية مذهبية لا يمكن ان ينتظر انتهاء المفاوضات الاميركية الايرانية او مفاوضات الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران حول ملفها النووي في الوقت الذي تسعى فيه ايران الى تسجيل امر واقع تفاوض عليه لاحقا بعد الانتهاء من مفاوضاتها الدولية وحين لا تكون تركت شيئا يمكن التفاوض عليه سوى النذر القليل. فهذا البعد للامور بدأ يفرض نفسه في ما بعد صدمة الساعات الاولى لتفكك الجيش العراقي وهربه امام تقدم تنظيم داعش في مدن عراقية اساسية مع عدم امكان تجاهل مشهد الوفد الايراني المفاوض حول الملف النووي يتنقل من مفاوضات مع الاميركيين الى اخرى مع الروس وسائر الدول الكبرى اعضاء مجموعة الخمس زائد واحد. فهل لهذا صلة فعلا في تفجر الوضع العراقي على نحو صادم لدول عدة؟

على رغم الالتباس السياسي والاعلامي في تحديد من يقف وراء داعش ومن يدعمها في ظل اتهامات المنتسبين الى المحور الايراني السوري بان التنظيم مدعوم خليجيا في مقابل اقتناع شائع عن ولادة هذا التنظيم من رحم السجون السورية والسجناء الذين اطلقهم الرئيس السوري من اجل اضعاف المعارضة وتغيير وجه الازمة في سوريا من ثورة ضد حكمه الى حرب على الارهاب والارهابيين وتعاون الاسد مع المالكي، فإن العنصر الخلافي في سياسة المالكي وتفكيكه للعراق سياسيا جنبا الى جنب مع الاحباط السني العميم في العراق برز في تفسير ما حدث اكثر بكثير من واقع قدرة تنظيم من بضعة الاف من المسلحين على السيطرة على مدن كبيرة. ولذلك مع مشهد مفاوضات ثنائية كانت تجري تزامنا في جنيف علنا بين وفدين من الولايات المتحدة وايران تمهيدا لوضع خريطة الطريق لاتفاق نهائي على الملف النووي لا ينبغي بالنسبة الى المراقبين توقع اسقاط هذا العنصر من الاعتبار ايضا. اذ يعتبر هؤلاء انه، وان كان عنوان ما حصل في العراق يقف وراءه تنظيم داعش المصنف ارهابيا على اللائحة الاميركية، فإنه يجب النظر الى ما حصل من زاوية عدم اهمال ان يكتسب ذلك شكل ثورة اهل السنة على اهمالهم وابعادهم في العراق انطلاقا من ان هذا التنظيم الذي كان رفضه ابناء الطائفة السنية وجد بيئة حاضنة ساعدته على الاستيلاء على مدن عراقية اساسية وعلى منابع النفط ايضا فيما استسلم الجيش العراقي امامه، كما استسلم جيش صدام حسين في مدة قياسية ايضا قبل 11 عاما امام الجيش الاميركي.

يحمل هؤلاء المراقبون مسؤولية ما جرى في الدرجة الاولى الى الولايات المتحدة بارتباك سياستها ازاء كل من العراق وسوريا على حد سواء. ففيما تمنع الرئيس الاميركي باراك اوباما طيلة ثلاث سنوات من عمر الازمة السورية عن تسليح المعارضة المعتدلة وتقويتها ضد النظام السوري متخوفا من وقوع اسلحة فتاكة بين يدي المتطرفين، فإنه وجد فجأة الاسلحة الاميركية الفتاكة التي قدمتها الولايات المتحدة للجيش العراقي في ايدي تنظيم داعش على نحو اثار ارتباكا في دوائر القرار في العاصمة الاميركية عكسته مواقف النواب ووسائل الاعلام. وفيما تركت الولايات المتحدة لايران الهامش واسعا من اجل ادارة الوضع العراقي على نحو غير مباشر، فإنها لم تضغط على نوري المالكي فيما كان الرئيس اوباما يستقبله في واشنطن او فيما كانت الادارة الاميركية تقرر ارسال المزيد من الاسلحة الى العراق من اجل استيعاب كل المكونات العراقية بدلا من استفزازها وتطويقها. كما ان المواقف الانتقادية القوية لسياسة اوباما في سوريا من جانب مسؤولين كبار عملوا معه او الى جانبه كما هي الحال بالنسبة الى وزيرة الخارجية الاميركية سابقا هيلاري كلينتون والسفير الاميركي سابقا لدى دمشق روبرت فورد تشكل عنصرا قويا في اعتبار المراقبين المعنيين ان واشنطن مسؤولة عن بقاء سياسة المالكي في العراق كما هي وعلى ترك الامور في سوريا الى مصير مماثل للعراق في اهمال للمكون السني المعتدل وترك ايران تعمم نفوذها عبر تثبيت المالكي كما تثبيت بشار الاسد من دون اي رد فعل اميركي يطاول ايران او يحد من طموحها في مقابل الحساسية والتوتر الكبيرين اللذين تثيرهما ايران ان في العراق او في سوريا وذلك بذريعة رغبة الولايات المتحدة الوصول الى اتفاق ينهي الملف النووي الايراني وينهي طموح ايران الى اكتساب القنبلة النووية في اقرب وقت ممكن.

اي سيناريو للمرحلة المقبلة اذا؟ وكيف يمكن ان تساهم واشنطن في انقاذ مصالحها المهددة في العراق؟

ثمة دفع سياسي واعلامي لاستيعاب سريع لوضع العراق وايجاد حل له من خلال عمل عسكري اميركي يمنع تمدد داعش وذلك على وقع تعاون اقوى يتوقعه كثر مع ايران على خلفية انقاذ مصالحهما المشتركة في العراق في الدرجة الاولى ومنع هذا التطور من تهديد مصالحهما في المنطقة ايضا. ويرفق ذلك باقتراحات الدفع في اتجاه حكومة وحدة وطنية حقيقية وليس كما فعل المالكي سابقا مع ترجيح ضرورة وحتمية الاستغناء عنه الى جانب اجراء مصالحات وارضاء المكون السني في العراق واعادة الاعتبار اليه التفافا على توسع سيطرة داعش جنبا الى جنب مع توجيه ضربات عسكرية لمواقع سيطرة هذا التنظيم. فهل يمتد ذلك الى لجم تمدد هذا التنظيم في سوريا ايضا؟