IMLebanon

أيها الفلسطينيون والمسيحيون.. موتوا

ماتس غيلبرت، أستاذ في الطب ورئيس قسم الطوارئ في مستشفى «جامعة شمال النروج»، كتب رسالة إلى أصدقائه من مستشفى في غزة، غداة غزو القطاع. يقول:

«يا أصدقائي.

«كانت الليلة الماضية عسيرة، نجم عن الغزو لغزة، إصابة المئات، كانت تأتي بهم السيارات محملين فوق بعضهم البعض، وقد تقطعت أوصال بعضهم وقضى بعضهم الآخر نحبه. رأينا في هذه الليلة كل أنواع الإصابات، وكلهم فلسطينيون مدنيون، وكلهم أبرياء.

«الأبطال من طواقم الاسعاف والطواقم الطبية في مستشفيات غزة يعملون على مدار الساعة، في نوبات تستمر بلا توقف ما بين اثنتي عشرة ساعة وأربع وعشرين. شابت رؤوسهم من أهوال ما يرون، وبسبب الإجهاد والظروف غير الإنسانية التي يضطرون للقيام بمهامهم فيها، برغم عدم تلقيهم رواتبهم منذ أربعة أشهر. يعملون ويجهدون في محاولة لفهم ما لا يفهم من فوضى الأبدان الممزقة والأعضاء المبتورة والبشر، ممن يمشون ومن لا يمشون، من يتنفسون ومن لا يتنفسون، من ينزف ومن لا ينزف. نعم، كلهم بشر. كلهم فلسطينيون أبرياء.

«يعامل هؤلاء، كما لو كانوا حيوانات من قبل «أكثر جيوش الأرض أخلاقاً»!!!

«أنحني احتراما للجرحى، وأنا أراهم يبدون عزماً وثباتاً أسطورياً، برغم المعاناة والألم الشديد. ان قربي من الصمود الفلسطيني يمنحني القوة، برغم أنه ينتابني شعور عابر، من حين لآخر، بالصراخ بأعلى صوتي. بودي لو أعانق شخصاً ما بحرارة، أن أنتحب، أن أشم رائحة جلد وشعر طفل دافئ مضرج بدمائه، لعلي أحمي نفسي عبر ضمة لا نهاية لها.

«يا إلهي… لا، لا جديد. حمولة أخرى من عشرات المصابين والنازفين. ما زلنا نشق عباب بحيرات من الدم باتت تغطي أرض قسم الطوارئ… وصلتنا مئة حالة في 24 ساعة، لا كهرباء، لا ماء، لا شرائط لاصقة، لا معدات، لا شاشات لا.. كل ما هنا، علاه الصدأ، كما لو كان وارداً من متاحف مستشفيات الأمس البعيد. ومع ذلك لا يشكون. انهم أبطال حقاً.

«أكتب هذه الكلمات، يا أصدقائي، والدموع تنهمر من عيني، وحيداً مستلقياً على سرير، أسمع رشقات مدافع الزوارق الحربية، على مسافة قريبة من الشاطئ. أسمع هدير الأف 16، وأصوات الأباتشي، وكلها من صنع وتمويل أميركا.

أيها السيد أوباما، هل لك قلب؟

أدعوك لقضاء ليلة واحدة، فقط ليلة واحدة، معنا في مستشفى «الشفاء»، كن متخفياً، مثلاً، على شاكلة عامل تنظيف. وأنا أكيد مئة في المئة، أن ذلك لو حصل، كفيل بتغيير مجرى التاريخ.

«ستستمر أنهار الدم في التدفق في القادم من الليالي، فأنا أسمعهم يشحذون أدوات القتل والدمار.

«يا أصدقائي، أرجوكم، افعلوا ما تستطيعون. لا يجوز لهذه الحالة أن تستمر».

لا تعليق. أما بعد:

ماجد عزيزة (الموصلي) كتب ما يلي: «ونحن نغادر مدينتنا الموصل مطرودين، وقد أذلّنا حاملو راية الإسلام الجديد، (نغادرها لأول مرة في التاريخ) لا بد لنا أن نقدم شكرنا لأهلنا فيها، أهلنا الذين كنا نعتقد بأنهم سيحموننا، كما كانوا يفعلون، وسيقفون بوجه عتاة مجرمي القرن الحادي والعشرين ويقولون لهم: هؤلاء هم الأصلاء الذين أسسوا المدينة. كنا نطمئن النفس في أن لنا جاراً عزيزاً وابن محلة شهماً وإخواناً تظهر أخلاقهم يوم الشدة… ولكننا خذلنا ونحن نسحب أجسادنا سحباً نحو المجهول. خذلنا ونحن نترك تاريخنا وقبور آبائنا وأجدادنا ورموزنا وآثارنا وكل شيء عزيز علينا.

«وداعاً نقولها لمحال الساعة والجولات والدندان وباب لكش وباب الجديد وباب الطوب. وداعاً لجامع النبي يونس والنبي شيت… ودائماً لقصر المطران وكنيسة مسكنته وعين كبريت… وداعاً لشارع الفاروق وشارع نينوى والدوّاسة… وداعاً لكم جميعاً، ستفتقدوننا في الأعياد والمناسبات، في الأفراح وفي الأحزان.

«وداعاً قبور أهلنا ونحن نغادركم مطرودين من مدينتا. اعذرونا إن لم نودعكم صباح العيد… وعذراً د. سمير حديد ود. سيَّار الجميل ود. ابراهيم العلاف وأبا الطيب سعد وكل صحبتنا وأولاد محلتنا ومدينتنا. مرت مئات وآلاف السنين ونحن نعيش سوياً… وكما ترون، نطرد منها ونذل أمام الجميع. هكذا أخرجنا عتاة داعش القتلة من بيوتنا ومحالّنا وعوجاتنا ومن مدينتنا.

«نعم… وداعاً لكم وشكراً، ونحن نرحل بذل، مطرودين من الأرض التي رويناها بدمنا».

لا تعليق، أما بعد:

كتب أحمد العراف نصّاً تناقلته مواقع التواصل، أثبت بعضا منه هنا: اخرجوا يا مسيحيي دمشق ويبرود ومعلولا من أوطاننا، واخرجوا يا مسيحيي الموصل ونينوى وبغداد من بلداننا… واخرجوا يا مسيحيي فلسطين والجزيرة من شواطئنا وترابنا… اخرجوا جميعاً، لا نريدكم بيننا. اخرجوا، لنتفرغ لقتل بعضنا بعضاً… اخرجوا، لقد سئمنا كونكم الأصل في مصر والعراق وسوريا وفلسطين. اخرجوا لكي لا نستحي منكم عندما تتلاقى أعيننا بأعينكم المتسائلة عما جرى… اخرجوا، واتركونا مع التعصب والبغضاء والكراهية، اخرجوا فقد فاض بنا تحمّل ما ادعيتموه من حضارة، فبخروجكم سنتفرغ لإنهائها… وتكسير ما تركه أجدادكم من أوثان وآثار من حجر وشعر ونثر وأدب… اخرجوا، فنحن بعد «النصرة» و«داعش»، لسنا بحاجة للرحمة ولا للتعاطف، فالدم سيسيل والعنف سينتشر والقلوب ستقطع والأكباد ستؤكل والألسنة ستخلع والرقاب ستفك والركب ستنهار… ارحلوا يا مسيحيينا وخذوا معكم كل آثار وجثامين جبران وسركون بولص وبدوي الجبل وانستاس الكرملي ويوسف الصائغ وأبناء تقلا واليازجي والبستاني والأخطل الصغير… ارتحلوا عنا، فسنعود إلى صحارينا، اغربوا أيها المسيحيون عنا بثقافتكم، فقد استبدلنا بها ثقافة حفر القبور!».

لا تعليق. أما بعد، فلا بد من صلاة:

«أبانا الذي في السموات، ماذا تفعل هناك؟» هذه الديانات التي عندنا، ليست من عندك. انسحب منها. هذه بضاعة رجال دين، في أكثريتهم، باعة فضة وتجار هيكل ومروّجو سلاح. أما قادة العالم، من أوباما وأشقائه في الغرب، إلى نتنياهو وإخوانه من العرب، إلى البغدادي ومن نسج عباءته وأيد خلافته، علنا أو ضمنا، فلا حول ولا قوة، بغير قوة الاعتصام بشرف البؤس الإنساني في غزة ـ فلسطين، في الموصل وبلاد الدم الواسعة، لا حول ولا قوة، بغير الإيمان، بأن الإنسان قيمة فوق ربانية، تفوق ما شاع من قيم الأديان المعصومة وشرعة حقوق الإنسان المنتهكة. في هذا الزمن، تبرر الهجرة من الدين الحرام، إلى الكفر الحلال.