نحن أمام تصريحين إيرانيين متناقضين؛ الأول لـ«المعتدل» الرئيس الإيراني حسن روحاني، والثاني لمستشار المرشد الأعلى للشؤون العسكرية، والقائد السابق للحرس الثوري، الجنرال يحيى رحيم صفوي، الذي أعلن أن حدود إيران الدفاعية هي في جنوب لبنان!
ويقول مستشار خامنئي إن «منطقة شلمجة، الحدودية بين إيران والعراق في جنوب غربي البلاد، لا تمثل الحدود الدفاعية لإيران، وإنما حدودنا الدفاعية هي جنوب لبنان. ويشكل البحر الأبيض المتوسط بالقرب من إسرائيل العمق الاستراتيجي لإيران». ويضيف مستشار المرشد: «نلاحظ اليوم امتداد النفوذ الإيراني حتى البحر الأبيض المتوسط للمرة الثالثة»! وبعد هذه التصريحات المستفزة التي تقول إن شيئا لم يتغير في سلوك طهران، يقول الرئيس الإيراني كلاما مناقضا لتصريحات مستشار خامنئي، وذلك ردا على مظاهرات حركة «نحن قلقون» الإيرانية التي ترفض الاتفاقية النووية الإيرانية مع الغرب، حيث يقول روحاني إن «الشعارات ليست الطريق لتسوية المشكلات السياسية»!
ويضيف روحاني أنه ليس معارضا للشعارات «لكنها ليست الطريق للحل بل علينا أن ندرك ماذا يجري في العالم ومدى صوابية طرق الحل التي اعتمدناها سابقا»، مضيفا أن على من ينتقد «أن يعرف العالم ويدرك معاناة الشعب ويعرف ما هو طريق الحل»! وكرر روحاني في تصريحاته تمسكه بشعار الاعتدال قائلا: «من خبرتي في عالم السياسة والمسؤوليات التي توليتها، أدركت أن التطرف والإفراط يضران بنا، ولا فرق في ذلك بين يسار ويمين. علينا بناء طريق العقلانية والاعتدال»، مع تأكيده أن إيران تعيش «في عالم ومنطقة معقدين، والقوى الكبرى تحمل يوميا فتنة ومخططا، ليس لنا فقط بل لجيرانها وأصدقائها أيضا»!
حسنا، الآن أي إيران علينا أن نصدق؛ إيران روحاني «المعتدل»، أم إيران مستشار علي خامنئي؟ إذا كان علينا أن نصدق روحاني، مثلا، فلماذا لا يبادر ويحول هذه التصريحات «المعتدلة» إلى أفعال؟ لماذا لا يقدم روحاني مبادرة في سوريا تتمثل بوقف دعم جرائم الأسد؟ ولماذا لا يبادر روحاني ويوقف تدفق المتطرفين الشيعة المحسوبين على إيران في سوريا من الميليشيات العراقية، وقبلها ميليشيات حزب الله؟ بل ما الفرق أصلا بين روحاني الرئيس، وصفوي مستشار خامنئي، إذا كان كلاهما يدعم ترشح الأسد للانتخابات السورية، ويريان في الأسد حليفا استراتيجيا يمكنهم من توسيع نفوذهم إلى البحر الأبيض المتوسط، وكما قال صفوي، وهو ما تؤكده أيضا سياسات حكومة روحاني بسوريا والمنطقة؟
الحقيقة أنه من الصعب ملاحظة أي فرق بين روحاني وصفوي، إلا أن أحدهما مباشر والآخر يلجأ إلى التقية، لكن الهدف واحد في النهاية، كما أنه من الصعب تصديق التباين في التصريحات الإيرانية، خصوصا أن واضع السياسات هناك، وصاحب الكلمة الفصل، هو المرشد الأعلى علي خامنئي وإن تغير الرؤساء، ولذا فإن السؤال الأهم هو: أي إيران التي يصدق الرئيس أوباما، والغرب؟