IMLebanon

أُمَّتان معاً

كيف يمكن لاحتفالٍ بذكرى استقلال الولايات المتحدة قبل أسبوعين من موعده أن يريَنا الروابط والقِيم التي يتشارك فيها اللبنانيون والأميركيّون؟

 

بالنسبة للأميركيين، الرابع من تمّوز هو وقتٌ للاحتفال. هو ذكرى تبنّي الكونغرس الذي كان يمثّل في ذلك الوقت ثلاث عشرة مستعمرة، إعلانَ الاستقلال الذي يشير إلى أنّ أميركا لم تعُد مستعمرة، بل أمّة. ونحن نحتفل بهذا الحدث في وطننا وخارجه، لنستذكّر التضحيات التي بُذِلَت لضمان الحرّية ولنتأمّل في كيفية التمسّك بقيمِنا.

هذه السنة هي المرّة السابعة التي أحتفلُ فيها هنا في لبنان بيوم الاستقلال الأميركي مع عدد كبير من الأصدقاء والزملاء. وهذا لم يجعلني أتأمّل بالتجربة الأميركية فحسب، بل أيضاً بالقِيم التي تربط بين الولايات المتحدة ولبنان، ومن بينها الدفاع عن الحرّية الشخصية وحرّية التعبير والصحافة، والحرّية الدينية؛ والرغبة بحكومة ذات صفة تمثيلية وتخضع للمساءلة، والاحترام المتبادل والتعايش بين مختلف الأديان؛ والإيمان بفوائد السوق الحرّة وروح المبادرة؛ والانفتاح على العالم حولنا؛ والاهتمام بالاستثمار في التعليم.

ومع أخذِنا بعين الاعتبار قيمة الاحترام المتبادل، أقمنا احتفالنا في شهر حزيران للمواءَمة مع الصائمين في شهر رمضان المبارك الواقع في شهر تمّوز.

إنّ العيش كجيران مع الذين يختلفون عنّا في بعض الأمور، واحترام واستيعاب تلك الفوارق ليس وجهَ الشبه الوحيد بين الأميركيّين واللبنانيين. فقد بيّنت لي السنوات التي قضيتُها في لبنان وكما ظهر لي من الناس، أنّ هناك الكثير من الحالات حيث تتقاطع المُثُل والأهداف والأحلام الأميركية واللبنانية مع بعضها البعض.

الأهل، سواءٌ في بيل فو أو بعلبك، أو طرابلس أو تالاهاسي، يريدون تعليماً جيّداً لأولادهم. كما أنّ مجتمعَينا يدركان أنّ الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل إيجابي لبلداننا. إنّ جذور المؤسسات التعليمية الأميركية في لبنان عميقة، وتعود إلى العام 1835 عندما تأسَّست المدرسة الأميركية للبنات والتي أصبحت فيما بعد الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU). وتلك الجذور هي واسعة، مع المدارس الأميركية التي أُسّست في النبطية جنوب لبنان وطرابلس في الشمال. وقد قدّمت حكومة الولايات المتحدة العون إلى العديد من هذه المدارس من خلال المساعدات والمِنح المدرسية، ونحن فخورون بدعم مجموعة متنوّعة من برامج التعليم لدعم الشباب والعائلات في لبنان.

ولكنّ الروابط التربوية بيننا ليست مجرّد عمل تقوم به الحكومات معاً. إنّها تُظهِر أيضاً كيف يختار بعض الأميركيين واللبنانيين، على الصعيد الخاص، العملَ معاً للتأكيد على الحوار المفتوح، والبحث، وتبادل الأفكار في حرم هذه الجامعات. وقد كان هناك تحوّل وتغيير، جيلاً بعد جيل، من الأميركيين واللبنانيين بسبب تبادل تلك الخبرات. 

التجارة أيضاً هي إحدى الروابط القوية بيننا، وقد ساعدت هي الأخرى في إحداث التغيير في الناس والأماكن، في كلّ من البلدين. فالسُفن التجارية من بوسطن وماساتشوستس كانت ترسو في ميناء بيروت في القرن الثامن عشر، حتى قبل تاريخ استقلال الولايات المتحدة. وفي السنوات الأخيرة نظّفت شركة أميركية مَكبَّ النورماندي قرب الميناء ذاته، وقد كان العقدُ مع هذه الشركة من العقود الأولى التي مُنحت لشركة أميركية عند نهاية الحرب الأهلية في لبنان، وما كان يذكّر بتلك الاضطرابات هو الآن مكانٌ للاحتفال، مثل احتفالنا الليلة الماضية بيومِنا الوطني في مركز بيال. وغرفة التجارة الأميركية – اللبنانية في لبنان هي إحدى أقوى شركائنا هنا، فيما نعمل معاً لجذبِ الاستثمارات وتوسيع التجارة وبناء علاقات اقتصادية أقوى من أيّ وقت مضى لأجل مصلحتنا المشتركة. وقد انضمّت العديد من الشركات الأميركية العاملة في لبنان إليَّ الليلة الماضية، في استضافة حفلنا لمناسبة عيد الاستقلال.

تربطنا أيضاً علاقات عسكرية وأمنية. وقد شهدنا النجاح في تعاوننا لجهة اكتساب الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وسائلَ أفضل لحماية الناس في لبنان، وحماية الحدود والأرض، والعمل للحفاظ على دولة مستقرّة تعيش بسلام من خلال سُبُلٍ تخضع لمساءلة جميع اللبنانيين. وقد استثمرنا منذ العام 2005، أكثر من مليار دولار في هذه المؤسّسات.

إنّ النجاح يأتي مع التضحية. فلقد كنتُ مؤخّراً في جولة في متحفٍ في رومية مُخصّصٍ للضبّاط والجنود الشجعان من فوج المغاوير اللبناني الذين ضحّوا بأرواحهم في القتال من أجل لبنان، وهو ذكرى مؤثّرة للمشاكل التي عانى منها هذا البلد، وتذكيرٌ أيضاً بقوّة شعب موحَّد. وسوف تُواصِل الولايات المتحدة العملَ مع لبنان وشعبِه لضمان هذه القوّة وهذه الصلابة ولتخفيف هذا الأسى.

فيما نحتفل في الولايات المتحدة تقليدياً باستقلالنا في شهر تمّوز، تبقى هذه المُثُل والقِيم معنا طوال السنة، ويمكننا، بل يجب علينا أن نتذكّرها ونعيشها كلّ يوم. إنّ القيَم المتبادلة بين بلدَينا، بالإضافة إلى أهدافنا المشتركة تقود علاقاتنا على الصعيدين العام والخاص، وتربط بين لبنان والولايات المتحدة. إنّني أتطلّع قدُماً إلى مواصلة وتعميق هذه العلاقة وبشكلٍ يوميّ.