إبعاد المالكي يعيد حظوظ عون
الانتخابات الرئاسية والنيابية تتبلور بعد منتصف أيلول
من المفيد عدم الاستعجال في تقييم التطورات الإقليمية وآخرها زيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان للسعودية على أهميتها في التوقيت الراهن. ومن الخطأ بناء التكهنات والتوقعات حول مسار الامور وانعكاساتها على لبنان بناء على هكذا تطورات كون النتائج رهن الخواتيم، وأولوية الملفات تفترض الانتظار.
في قراءة ديبلوماسية لبنانية للتطورات العربية استناداً الى لقاءات مع عدد من سفراء عواصم القرار، يرسم ديبلوماسي مخضرم شبه خريطة طريق دونها الكثير من العقبات، يحتاج تذليلها الى وقت وتأنّ، ويقول «قبل أشهر كانت امكانية الاستغناء عن نوري المالكي في العراق تدخل في باب المستحيلات، ليتبين راهناً أن ايران وحلفاءها تراجعوا عن خيار المالكي لصالح رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي، وليبدأ تحدّي تشكيل الحكومة التي بامكانها أن تقلّع برضى سعودي، إذ هناك ضغط كبير لكي تسير الحكومة العراقية بعيداً من منطق غالب ومغلوب إنما وفق التوازنات الواقعية لكل اطياف النسيج العراقي الطائفي والعرقي».
ويرى الديبلوماسي «أن اعتماد المنطق السوري، اي الدعم المطلق للنظام والتمسك النهائي بالرئيس بشار الاسد، لم يثبت في العراق، فكان لا بد من ايجاد دينامية للكلام وبعث الرسائل، فتمّت ازاحة المالكي في رسالة إيرانية واضحة لملاقاتها الى منتصف الطريق، ويبقى الامتحان في الحكومة وتشكيلها وترجمة هذا التشكيل على الصعيد الأمني، تماماً كما حصل في الحكومة الحالية في لبنان عند تشكيلها عندما وزّعت الحقائب، لا سيما الامنية والاساسية بعناية فائقة».
في رأيه ان حل العقدة العراقية يعني ان النقاش سيبقى دائراً على كل ملفات المنطقة، ومنها لبنان، «وهذا النقاش ليس بالضرورة أن يأخذ طابع التفاوض، انما سيظل في دائرة التباحث، فهناك اتجاهات مختلفة وكلّها قابلة لاعادة النظر».
كيف يمكن قراءة التطورات الاقليمية لا سيما على خط طهران ـ الرياض لبنانياً؟
يعتقد الديبلوماسي نفسه أن التأثيرات على الوضع اللبناني ينظر اليها من زاويتين:
الأولى، على المستوى الداخلي لجهة اظهار مقدرة داخلية على ايجاد الحلول، «وهذا يتطلب تنازلات وصولا الى تسويات».
الثانية، على المستوى الاقليمي، «اذ لو بقي المالكي رئيساً للحكومة العراقية مع بشار الاسد رئيساً لسوريا لبقيت حظوظ العماد ميشال عون في دائرة المستحيل، الا ان ازاحة المالكي اعادت حظوظ عون، ولكن ليس الى درجة كبيرة».
إذن، الامور تنتظر تأليف الحكومة العراقية «وهذا ما ينصبّ عليه التواصل السعودي الايراني الخفي سابقاً والمعلن راهناً، بما يعني أنه بدءاً من 10 ايلول تظهر الاتجاهات الرئاسية في لبنان من دون الافراط في امكانية اتمام الاستحقاق. اما اذا ربطت الرئاسة بملف التفاوض الايراني مع الغرب حول النووي فيعني ذلك ان الانتظار سيستمر الى نحو ستة اشهر مقبلة، وبالتالي فان لبنان بملفاته، لا سيما الرئاسي منها، سيتحول الى ورقة انتظار»، وفق الديبلوماسي اللبناني.
يشير الديبلوماسي إلى وجود اتصالات سرية تجري مع الخارج ومحورها اكثر من عاصمة اقليمية وغربية، موضحاً أن هناك من يزور العواصم الفاعلة ايضا اقليميا ودوليا، لا سيما من القوى السياسية ومن المرشحين المعلنين والمضمرين. ويلفت الانتباه إلى ان العمل الديبلوماسي نشط جدا، «فكل البعثات الديبلوماسية المعتمدة في لبنان، وتحديدا المعنية بملف الاستحقاق الرئاسي، تتحرك مع كل الافرقاء بلا استثناء في محاولة لتحضير الاجواء والظروف المناسبة لملاقاة اي تطور اقليمي ـ دولي يفتح باب الحل للاستحقاق الرئاسي». معرباً عن اعتقاده أن هذا الحراك الديبلوماسي «سيتصاعد ويتكثف كلما ظهرت معالم تسويات لملفات اقليمية، وابرزها مسألة التوافق على تشكيل الحكومة العراقية، حتى ان ملف الاستحقاق النيابي ستتوضح معالمه في النصف الثاني من ايلول بحيث تكون الاتجاهات توضّحت إقليميا».