تبدو الاجراءات المتخذة للحد من استيعاب اللاجئين السوريين الى لبنان هزيلة، بالمقارنة مع عددهم المتصاعد يوميا في كل المناطق، هربا من القتال بين قوات النظام ومعارضيه، والمواجهات العنيفة بين “داعش” وتيارات معارضة أخرى. وانتقدت فاعليات سياسية بعض تلك الاجراءات المانعة لعودة اللاجىء السوري المسجل في المفوضية العليا للاجئين اذا زار سوريا. ورأت أن هذا التدبير يثبت اللاجىء في لبنان ولا يجعله يفكر في الرجوع الى بلاده، طمعا بمكتسبات اللجوء التي تمنحه اياها تلك المفوضية. ووصفت التدبير الأخير بأنه “غير عملي”، وهو التثبت من ان السوري الراغب او المرغم على المجيء الى لبنان، يشهد مكان اقامته اشتباكات عنيفة تجعله يتركه، اما لانه اصيب كليا واما جزئيا، او لانه محاط باشتباكات دائمة، فيسمح له بالدخول وتسجيل اسمه في المفوضية العليا.
وقللت اهمية الثناء الدولي على ان لبنان هو الدولة الاكثر استيعابا للاجئين السوريين، وقد تدفق اليه 38 بالمئة من مجموع اللاجئين السوريين وفق بيانات المفوضية العليا للاجئين أي مليون ومئة الف لاجىء، مسجلاً حتى الآن، وان الدول التي وعدت بالتبرع لمواجهة الوضع الانساني للاشهر المتبقية من هذا العام لم تف حتى الآن الا بـ23 في المئة من مليار و600 مليون دولار مطلوب للتمويل.
وسألت ماذا ينفع الاطراء اذا لم يقدم من دعم مادي الا النزر اليسير؟ وتوقع وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ان يرتفع عدد اللاجئين السوريين في لبنان في نهاية العام الجاري الى مليون ونصف مليون نسمة، اي سيزيد على ثلث السكان.
ولفتت الى ان الاجتماع نصف السنوي الذي خصص لمراجعة وضع اللاجئين السوريين في لبنان، والذي عقد أمس وضم وزراء ومسؤولين عن منظمات اغاثة دولية، لم يحمل اي حلول عملية كلية أو جزئية للمشاكل الناجمة عن هذا اللجوء، بل عرض العجز في اكثر من مجال بسبب معدلات التمويل غير الكافية، سواء لدمج 72 طفلاً سوريا لاجئا في المدارس اللبنانية، وفق ما ابلغته الممثلة الاقليمية لمفوضية الامم المتحدة للاجئين نينت كيلي التي صرفت النظر عن اطلاق حملة للتلقيح ضد شلل الاطفال لمن هم دون الخامسة، كما سيحرم 800 الف لاجىء “معونة الشتاء” بحسب كيلي.
ولم تستبعد، في ظل العجز المتوقع ان تشهد البلاد تحركات من اللاجئين حول تلك المطالب المعيشية، تظاهرات ربما.
وسألت ايضا عن موقف المسؤولين من تحذير رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة انطونيو غوتيريس من ان تفاقم الازمة في سوريا “قد يشكل تهديدا خطيرا لأمن لبنان وزعزعة لاستقرار المنطقة بأسرها، ما لم يوفر المانحون نسبة 70 في المئة من المساعدات التي هي بقيمة 3 مليارات و74 مليوناً، وهي مبالغ ضرورية لتمويل الحاجات الطارئة للاجئين.
ومما يزيد الازمة تعقيداً ان الدول الكبرى ذات العضوية الدائمة لدى الامم المتحدة رفضت التجاوب مع مجموعة اقتراحات طرحت عليها من أجل تخفيف عبء اللاجئين السوريين، مثل اقامة مخيمات لهم على طرفي الحدود بين البلدين، لأن أمن هؤلاء لن يكون مضموناً، على اساس ان لا اتصال بالقيادة السورية لتوفير الامن. كما ان سوريا رفضت بدورها الاقتراح باعتبار ان لها اراضي واسعة لتستوعب ابناءها.
وقد تجاوب بعض الدول جزئياً مع اقتراح رسمي آخر هو استضافة اعداد من اللاجئين، وكان التجاوب الابرز من المانيا التي استضافت 5000 نسمة.
بازاء هذا الوضع المعقد، هل من مؤامرة على لبنان من جراء ضخ هذا العدد الهائل من اللاجئين من دون تمويل كاف، ومع الايحاء انهم قد يوترون الوضع امنيا في وقت لاحق؟