IMLebanon

إرجاء جديد للإستحقاق.. وبرّي: مبادرة «14 آذار» إستعداد للتنازل إذا تنازلت «8 آذار»

فيما الاستنفار الغربي والعربي مستمرّ لصَدّ الإرهاب التكفيري، أعلنَت «داعش» ذبحَ صحافي أميركي ثانٍ بعد زميله جيمس فولي وهدّدت بذبح جنديّ لبناني جديد إذا لم تفاوضها الدولة اللبنانية في مطالبها. وتزامنَت هذه التطوّرات مع تطوّر سعوديّ لافت تمثّلَ بإعلان السلطات السعودية أمس عن اعتقال 88 شخصاً يُشتبَه في انتمائهم إلى خلية لـ»القاعدة» كانت تُخطط لمهاجمة أهداف في المملكة العربية السعودية وخارجها، وهم سعوديّون ويمَنيّ واحد.

توزَّع الاهتمام السياسي أمس بين الاستحقاق الرئاسي، في ضوء تمديد الشغور الرئاسي أسابيع إضافية بفعل ترحيل جلسة انتخاب رئيس جمهورية جديد إلى 23 أيلول الجاري، بسبب عدم اكتمال نصاب جلسة الأمس لغياب التوافق على الرئيس العتيد، والملفّ الأمني الذي رحَّل مجلسُ الوزراء أيضاً البحثَ فيه إلى جلسة الغد، بعدما لامسَ الموضوعَ عرَضاً في جلسته المالية أمس.

الملف الرئاسي

فلِلمرّة الحادية عشرة على التوالي، فشلَ مجلس النواب في انتخاب رئيس جمهورية جديد، وتكرّرت نسخة الجلسة السابقة بعدم اكتمال النصاب القانوني، فأرجَأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة الى موعد جديد.

وخرَق مشهدَ ساحة النجمة أمس مبادرةٌ قدّمها فريق 14 آذارلإنقاذ الاستحقاق الرئاسي، وقد تضمّنت، وفق ما أعلن الرئيس فؤاد السنيورة: التشديدَ على احترام المهَل الدستورية كافة ومبدأ تداول السلطات، وتمسّكَ قوى 14 آذار بترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، مع استعدادها التامّ في الوقت نفسه للتشاور مع جميع الاطراف في إسمٍ يتوافق عليه اللبنانيون ويلتزم الثوابتَ الوطنية، ثمّ قيامَ 14 آذار بالاتصالات اللازمة مع جميع القوى السياسية سعياً للتوافق على تسوية وطنية، وذلك انطلاقاً من اتفاق الطائف والتزاماً به وتأسيساً عليه، تبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية فوراً، وأخيراً البقاء على الموقف الحالي في حال فشَل مساعي هذه التسوية الوطنية».

برّي

وعلّق برّي أمام زوّاره أمس على جلسة الانتخابات الرئاسية التي لم تنعقد، فقال: «دعَونا إلى الجلسة الثانية عشرة، وربّما الثالثة عشرة، ولا جديد حتى الآن على الصعيد الرئاسي».

كذلك علّق بري على مبادرة فريق 14 آذار، فقال: «ليست جديدةً، لأنّه سبقَ للدكتور سمير جعجع ان طرحَها في حزيران الماضي، ولا جديدَ فيها، أللهمّ سوى تأليف لجنة اتصالات».

وأضاف: «إنّ هذا الفريق يقول في المبادرة إنّه مستعدّ للتنازل عن مرشّحه إذا تنازل الآخرون» وسُئل برّي هل استُمزج رأيك في هذه المبادرة قبل إطلاقها، فأجاب: «لا، لقد اطلعتُ عليها من الإعلام، لكنّ المطلوب ان يُقنعوا العماد عون بها، وعلى كلّ حال جوابه لم يتأخّر».

وسُئل بري أيضاً: هل حانَ وقتُ البحث عن مرشّح تسوية لرئاسة الجمهورية؟ فأجاب: «في أيّ وقت يمكن إجراء الانتخابات الرئاسية، أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد».

وعن مصير تحرّكه ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في شأن انتخابات الرئاسة، قال برّي: «لقد قامت القيامة ولم تقعد عندما قال جنبلاط إنّه يُجري اتصالات معي ومع السيّد حسن نصرالله، فأشاعوا جوّاً مفادُه أنّ المسلمين يقرّرون الرئيس المسيحي، الآن توقّفنا عن هذا التحرّك، ولنرَ ماذا سيفعلون».

«مبادرة ممجوجة»

ولم يتأخّر تكتّل «التغيير والإصلاح» في الردّ على مبادرة 14 آذار، فأكّد بعد اجتماعه الاسبوعي أنّها «قديمة وممجوجة ولا معنى لها»، وشدّد على أنّ كلّ طرح خارج مبادرة رئيس «التكتل» النائب العماد ميشال عون «العلمية والموضوعية» هو «طرحٌ تمويهيّ لإضاعة الوقت»، وجدّد المطالبة برئيس ومجلس ميثاقيَّين وبمشروع متكامل للدولة.

«حزب الله»

وفيما اقتصر رَدّ «حزب الله» على عبارة «لا تعليق»، عِلماً أنّه لا يزال على موقفه المعروف الذي أعلنَه الأمين العام السيّد حسن نصر الله في خطابه الأخير، قالت مصادر قيادية بارزة في قوى 8 آذار لـ«الجمهورية»: «إنّ الوظيفة الوحيدة لهذه المبادرة هي توفير مخرج مشرّف لجعجع من معركة الرئاسة، وإذا كان لدى فريق 14 آذار نيّات طيّبة، فعليه أن يتوجّه الى الرابية لمحاورة العماد ميشال عون».

كتلة «التنمية»

ولم يرَ عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم أيَّ جديد في المبادرة، وقال: «بل لمَسنا تكراراً لمواقفها».

جعجع

وكان جعجع أكّد في مؤتمر صحافي من معراب أنّه ليس مرشّح «أنا أو لا أحد»، قائلاً: «مبادرة «14 آذار» خطوة الى الأمام، وسنحاول الوصول الى نتيجة مع جميع الأفرقاء»، معتبراً أنّه «سيكون لي كلامٌ أكبر في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية يوم السبت المقبل».

«المستقبل»

من جهتها، اعتبرَت كتلة «المستقبل» أنّ هذه المبادرة «تفتح الطريق للتوافق على الرئيس العتيد، وبالتالي لإتمام هذا الاستحقاق الوطني المهم والعبور بلبنان الى ضفّة الأمان، وبما يساهم في تحقيق التماسك الوطني وتعزيز الاستقرار وقدرة لبنان واللبنانيين على مواجهة الأخطار الراهنة».

قضيّة المخطوفين

أمّا في ما يتعلق بملفّ العسكريين المخطوفين فلا يزال مصيرُهم الشغلَ الشاغل للجميع. وقد واصلَ ذووهم تحرّكهم على الارض، فتكرّر بذلك مشهد قَطع الطرُق في الشمال والبقاع.

وفي غضون ذلك، هدّد «أبو مصعب حفيد البغدادي» أحد مسؤولي «الدولة الإسلامية» في القلمون، والذي سبقَ أن نشرَ خبرَ ذبح العريف في الجيش اللبناني الشهيد علي السيّد وصورَه، هدّدَ «الدولة اللبنانية بذبح عسكري جديد في حال رفضَت التفاوض». وقال عبر «تويتر»: «أظنّ أنّ الدولة اللبنانية مستغنية عن أحدِهم، الدولة الإسلامية سَنَّت السكّين لتذبحَ أحدَهم. هل ستُفاوضون أم لا؟».

في هذا الوقت، شدَّدت «هيئة العلماء المسلمين» على قراراتها السابقة، ومنها أنّ وفد الهيئة يمكنه العودة إلى التفاوض في قضية الجنود اللبنانين المخطوفين، وذلك عندما تتوافر الظروف المناسبة وتجد الهيئة أنّ دخولها مجدّداً يدفعُ بالمفاوضات إلى الأمام».

واعتبرَت ذبحَ جنديّ لبناني «عملاً مُداناً بكلّ المقاييس»، وناشدَت الخاطفين «التوقّف عن مثل هذه الأعمال التي لا تخدم القضية السورية ولا السِلم في لبنان»، وطالبَتهم بالإفراج عن بقيّة الجنود في أسرع وقت، كذلك طالبَت الدولةََ اللبنانية بالعمل الحثيث على تأمين أيّ ظروف ممكنة لتسهيل إطلاقهم.

مجلس وزراء

على صعيد آخر، خُصِّصت الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء في السراي الحكومي برئاسة الرئيس تمّام سلام، للبحث في الوضع المالي للدولة، واستمعَ المجلس من وزير المال علي حسن خليل إلى شرحٍ مُسهَب عن الأوضاع المالية في البلاد.

وبيّنَ خليل بالأرقام، معدّلات النموّ والمبالغ العائدة لخدمة الدين مع كلفة الفوائد والرواتب. وأشار إلى «زيادة العجز الناتجة عن ارتفاع الإنفاق وثبات الإيرادت، وسُبل تمويل هذا العجز من خلال إصدار سندات خزينة ويوروبوند». وقد تلا وزير الإعلام رمزي جريج البيانَ الختامي للجلسة، وأشار فيه إلى «مقترحات وتوصيات لتخفيض نسبة العجز وزيادة الإيرادات».

حكيم لـ«الجمهورية»

لكنّ التوصيات والاقتراحات التي تحدّث عنها البيان الختامي لجلسة الحكومة نفاها وزير الاقتصاد آلان حكيم، الذي أكّد لـ«الجمهورية» أنّ «الجلسة لم تشهد سوى شرح للوضع المالي للدولة بالأرقام. وقد اطّلعَ الوزراء على آليّة الصرف المُتّبَعة ووجهات الإنفاق التي تبيَّن أنّها محصورة بثلاثة أبواب، هي: خدمة الدين العام، رواتب وأجور القطاع العام، وعجز الكهرباء».

وأكّد حكيم أنّه لم يتمّ وضع أيّ حلول أو إجراءات للتنفيذ، وأنّ جلسة مجلس الوزراء اقتصرَت على عرض الوضع المالي فقط، قائلاً: «كان مجرّد عرضٍ بهدف العرض». وأضاف: «الدولة اليوم بحاجة إلى إدارة اقتصادية ماليّة سليمة، وإلى وضعِ موازنةٍ تتضمّن رؤية اقتصادية بعيدة المدى لا تقتصر على دفع النفقات فقط».

واعتبرَ حكيم «أنّ النقطة الإيجابية الوحيدة هي أنّ نسبة 53 في المئة من الدين العام تعود للمصارف اللبنانية، و30 في المئة لمصرف لبنان، ولا أرى أيّ شيء إيجابي غير ذلك». (تفاصيل ص11).

خليل لـ«الجمهورية»

وكان وزير المال قال لـ«الجمهورية» بعد الجلسة: «تطرَّقنا إلى تفاصيل عدّة ترتبط ببُنية المالية العامة وهيكليتها، وتحدّثنا عن واقع ماليّة الدولة، بدءاً من حجم الدين العام، أي نفقاتنا التي كانت تزداد باطِّراد خلال المرحلة الماضية، وهو ما سنُوزّعه بالتفصيل، مقابل الثبات في الواردات خلال السنوات الأربع الماضية، وهذه تُعتبَر من المؤشرات التي تؤثّر سلباً على الوضع المالي».

وإذ رأى خليل أنّ «هناك ايجابيات تمّ التركيز عليها خلال الجلسة لكي يُبنى عليها مستقبَلاً لتطويرها»، لفتَ إلى «أنّنا تحدّثنا أيضاً عن سلبيّات عدة مرتبطة بواقعنا المالي وعن سُبل معالجتها».

وعن موضوع سلسلة الرتب والرواتب، أكّد خليل «أنّه أحد القضايا المرتبطة بتوازننا المالي، وقد تَوافَقنا في الجلسة على أنّ إقرارَ السلسلة ليس في حدّ ذاته مشكلة كبيرة في حال لم يتمّ إرفاقها بمجموع الواردات التي حصلت، ومن ضمنها تلك التي سبقَ أن قرّرناها واتّفقنا عليها»، موضحاً أنّه «حتى لو أنجزنا هذا الإنفاق الكبير، وأقرَّينا السلسلة كما هي، فهي ستخفّف العجز ولن تزيدَه، في ظلّ غياب إصدار قرارات بالواردات خلال السنوات

الماضية».

جريج لـ«الجمهورية»

وأوضح وزير الإعلام رمزي جريج لـ«الجمهورية» أنّ المجلس تطرَّق بإسهابٍ في بداية الجلسة الى ملف العسكريين، وقال: «هذا همُّنا اليومي، ونتحدّث عنه باستمرار، ولكنّ الجلسة اليوم كانت مخصّصة للوضع المالي، والجلسة العادية التي ستُعقد الخميس ستُخصَّص لمواكبة التطورات الأمنية، ومن المقرّر أن تبحث في جدول أعمال من 37 بنداً عاديّاً، بينها خمسة بنود من الجلسة السابقة» .

المشنوق

وقبيلَ بدء الجلسة، قال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«الجمهورية» عمّا يُشاع عن مقايضة العسكريين المخطوفين بسُجناء رومية: «إنّ القرار يعود للحكومة». وإذ أوضحَ أنّ ملفّ المخطوفين ليس على جدول أعمال الجلسة، لم ينفِ إمكانية طرحِه، وقال: «من الطبيعي أن يُطرحَ الملف وشروط الخاطفين في مستهلّ الجلسة المخصّصة لمناقشة قضايا المالية العامة»، وشدّد على «ضرورة توافر الغطاء الوطني الإجماعي لأيّ قرار».