عملية المتحف اليهودي في بروكسل، التي قُتل فيها أربعة بينهم الإسرائيليان مريم ريفا وإيمانويل ريفا، أثارت وتثير الكثير من الأسئلة التي لا توجد إجابات واضحة وحقيقية، وقد لا تتوافر في المستقبل القريب، لكن من المهم التعامل معها ولو بكثير من الحذر. من ذلك:
[إنّ مهدي نيموش الذي نفذ عملية المتحف، هو بحسب كل التوصيفات التي صدرت «إرهابي» من «داعش»، قاتل في سوريا، وكان قد أمضى أربع سنوات في السجون الفرنسية بتُهم لا علاقة لها بالإرهاب، ويبدو أنّه جرت إعادة تأهيله «إسلامياً« كما حصل ويحصل للعديد من سجناء الحق العام في فرنسا ومختلف السجون الأوروبية. وهو وإن كان تحت المتابعة، إلاّ أنّه نجح في التنقّل بين بروكسل وفرنسا، ولولا الصدفة لم يقبض عليه لأن الجمارك هي التي أوقفته في عملية روتينية بحثاً عن المخدرات، وبدلاً من ذلك عُثر على السلاح ومستند العملية معه.
[إنّ المنفّذ مهدي نيموش طرح بعمق المأزق الغربي وهو أنّ كل العناصر التي توجّهت الى سوريا، هي عناصر «مؤهّلة» للإرهاب لدى عودتها إلى الغرب، وأنّه يجب وضعهم تحت المراقبة ورصد نشاطهم، لكن لا يمكن القبض عليهم فقط لأنهم كانوا في سوريا، ولذلك يجب قيامهم بنشاط يقع تحت طائلة القانون وهنا يكمن الخطر اليومي. وهذا كله يعيد السؤال الى المركز وهو كيفية العمل في سوريا؟ هل يجب ترك «الملعب« السوري مساحة مفتوحة لاستنزاف المنظمات الإرهابية والمتطرفة وبالتالي عدم عودتهم جماعياً؟ هل حان الوقت للمساهمة في دعم القوى المعتدلة بقوّة للتعجيل بصياغة الحل السياسي لإقفال هذا «الملعب» الذي أصبح «كرة من النار» المتدحرجة؟
[هل مهدي نيموش إرهابي نفذ عملية إرهابية عمياء ضدّ موقع يهودي له رمزيته؟ أم إنّه «مقاتل» نفّذ عملية مدروسة بعناية ودقة خصوصاً وأنّه نفّذها بحرفية عالية المستوى؟ السبب في هذا التباين العميق يعود الى جملة وقائع.
انّ الإسرائيليَّين مريم وإيمانويل ريفا ليسا شخصين عاديين، وإنما هما بحسب التسريبات الغربية والإسرائيلية ضابطان كبيران ومهمان في الموساد عملا سابقاً في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي وعملا أربع سنوات في ألمانيا وحضرا مؤخراً الى بلجيكا.
ولذلك لزمت إسرائيل وكل الإعلام الغربي المنفتح أو المتعاون مع إسرائيل ما يشبه التردّد وأحياناً التكتّم، علماً أنّ المتوقّع حملة إعلامية ضخمة ضدّ معاداة السامية، خصوصاً في ظل صعود اليمين المتطرّف في فرنسا وأوروبا. وإذا صحّ ذلك تصبح العملية عملية «مقاومة» للثأر لمحمود المبحوح الذي اغتاله الموساد في قطر وأيضاً لعماد مغنية الذي اغتيل في دمشق بعد خروجه من مكتب آصف شوكت وبالقرب منه.
احتمال آخر أنّ «داعش» أرادت توريط حزب الله في عملية عمياء تشبه عملية السفير الإسرائيلي في لندن والتي جعلت منها إسرائيل حجّة لغزو لبنان، فتتكرّر القصة ويتم توريط الحزب في حرب جديدة تخرجه من سوريا، وانّ الصدفة أوقعت بالمنفذ «الداعشي» فقُبِضَ عليه، فسقط اتهام الحزب بتنفيذ العملية.
الأهم أنّ كل يوم حرب جديدة في سوريا هي حرب ضدّ الشعب السوري، وارتفاع منسوب الخطر على العالم الخارجي، فهل سيتم الإسراع في التخلص من الإرهابيين « الداعشي والأسدي»، أم سيستمر المتفرّج الغربي حتى تدخل النار الى «البيت» الغربي.