مقالتي اليوم تنقسم الى قسمين، الاول قراءة وتحليل لما يدور من احداث ومذابح في جوارنا العربي، وخصوصا في العراق وسوريا وفلسطين، وتنامي الحركات الاصولية التكفيرية في العديد من دول العالم، وخصوصا في افريقيا واسيا، والثاني، عرض للتعقيبات العديدة التي تناولت مقالتي في الديار يوم الاثنين وعنوانها «اسلام واحد لا اسلامان» وانقسمت بين مؤيد ومندد، فرأيت ان اجمع الموضوعين في مقالة واحدة، نظرا للترابط الوثيق بينهما، على اقله من الناحية الدينية التي تكاد تتحد بالمخططات الغربية – الاسرائيلية الهادفة الى تغيير وجه منطقتنا تغييرا جذيرا، يعمل له منذ عقود طويلة من الزمن، ويبدو واضحا من تصرفات قادة العالم الغربي، الذين يتجاهلون منذ سنوات ما يتعرض له المسيحيون في عدد من الدول العربية، من اضطهاد وقتل وتهجير واقتلاع، انه حان موعد تحقيق هذه المخططات لفرز العالم العربي الى طائفتين اثنين لا ثالث لهما، هما الاسلام بمذهبيه السنّة والشيعة، والدين اليهودي، اما الاقليات الاخرى من مسيحية واسلامية، فاما الاندماج القسري، واما الرحيل واما القتل.
ان المعطيات التي تؤشر الى الملامح الاساسية لهذه المخططات، بدأت باستغلال الغرب لحراك الشعوب العربية الرازحة تحت دكتاتوريات الانظمة العربية وفسادها، انطلاقا من تونس وليبيا ومصر واليمن، وانتقال هذا الحراك لاحقا الى سوريا والبحرين ولو بتفاوت درجات العنف بين البلدين، وعندما لمس الغرب ان الشعب السوري غرق بدماء ابنائه، والدمار اكل الاخضر واليابس في حوالى 70 بالمائة من بنية سورية التحتية والفوقية، وتملك الحقد مكونات سوريا من سنّة وعلويين ومسيحيين ودروز واكراد، وغيرها من المذاهب، بسبب اجتياح التنظيمات التكفيرية، المنظمة تنظيما جيدا، والمدججة بالمال والسلاح والرجال، على مرأى ومسمع ومباركة دول عدة عربية واجنبية سمح لالوف من المقاتلين «المؤدلجين»، بزوادة الكراهية والقتل والذبح والتدمير على يد شيوخ مستنسخين من قرون الظلام، بالدخول الى العراق والاردن ولبنان، كهدف وحيد هو اقامة الدولة الاسلامية على اكبر مساحة ممكنة من الارض العربية، تشبهاً، بالدولة الاسلامية الشيعية في ايران، والدولة اليهودية في فلسطين، واذا كانت المعلومات التي تداولتها وسائل الاعلام صحيحة، ان امير مؤمني داعش ابو بكر البغدادي هو من ام واب يهوديين، وان تنظيم «داعش» لا يرى موجبا لقتال اسرائيل لان القرآن لم يأمر بذلك، فهذا يعني ان اسرائيل جديدة اكبر ربما بخمس مرات من اسرائيل الحالية ستقوم في قلب العالم العربي، وقد تضم سنّة فلسطين، اذا نجحت اسرائيل في دفعهم الى الهجرة، وسيكون هناك تحالف وتعاون بين الدولتين في حال اكتمال المؤامرة.
***
اما بالنسبة الى مقالة «اسلام واحد…. لا اسلامان»؟ فقد تلقيت عددا غير قليل من الردود عليها، بعضها يؤيد ما جاء فيها، والبعض الاخر، ذكر بوضوح وفجاجة، انني اجهل حقيقة الدين الاسلامي «القائم على رفض الاخر وعلى تكفيره وتحليل دمه»، وتحداني ان اقرأ القرآن جيدا بعيدا عن «مسايرة حلفائي السنة»، وخصوصا آية المائدة، وآية التوبة، وآية البينة، كما ان بعض المتصلين وارجح انهم مسلمون يساريون، ذكروا انه لم يبق في ايران الاسلامية سوى خمس عدد المسيحيين المعرضين للاعدام والسجن والجلد ان هم لم يتقيدوا بشروط الاسلام، كما ان السعودية تمنع بناء الكنائس والمدارس والشعائر المسيحية، وان العلامة الشيخ عدنان ابراهيم وهو فلسطيني من غزة ومقيم في النمسا، تم تكفيره وتحليل دمه، لانه تجرأ وانتقد تصرفات بعض الحلفاء والحكام المسلمين ايام النبي محمد وبعد وفاته.
انني انقل باختصار ما حصل معي في الايام القليلة الماضية من منطلق الايمان بحرية الرأي، وادعو في المناسبة الى نقاش موضوعي هادىء لما فيه مصلحة الجميع من منطلق راسخ عندي، بصرف النظر عن اي قول آخر، ان هناك اكثرية طاغية لدى المسلمين، سنّة وشيعة وموحدون دروز وخلاف ذلك، ترفض العنف ضد الاخر المختلف، لمجرد العنف ولمجرد انه مسيحي او يهودي او بوذي، وتأخذ من القرآن الايات التي تقرّب بين الشعوب والطوائف، وتعتبر ان الايات الاخرى في حال وجدت، كانت تتعامل مع حالات محددة بالزمان والمكان، ولا يمكن دينياً ان تنطبق على كل زمان ومكان، ومن مصلحة الجميع في لبنان والعالم العربي، والعالم كله الالتزام بهكذا تصرف وتفكير.