IMLebanon

إسلام واحد.. لا إسلامان؟

بداية يجب الاعتراف بان تقسيم الاسلام، بين اسلام معتدل او وسطي، وبين اسلام اصولي سلفي تكفيري، هو تقسيم خاطئ وغير صحيح، ومن يعتمده يكن واحداً من اثنين، اما انه يجهل المفهوم الحقيقي للاسلام، واما انه يريد ان تنسحب الحركات التكفيرية الاجرامية على الاسلام ككل، بهدف «ابلسة» السنّة وتصويرهم على انهم جماعة يريدون الغاء كل آخر مختلف عنهم، حتى ولو كان هذا الآخر من مذهب اسلامي آخر، وهذه المذاهب متعددة في الاسلام، كمثل تعددها وتنوّعها في المسيحية، وهذه «الابلسة» يروج سوقها في هذه الايام، وتنتشر بين بعض المسلمين والمسيحيين، الذين يرون ان تنظيم «داعش»، والتنظيمات التكفيرية الاخرى، هي وجه الاسلام القبيح، مع انها في حقيقة الامر هي حركات ارهابية تكفيرية، شهد الاسلام مثلها منذ نشأته، وكانت دائماً تلبس لبوس الاسلام، ولكن ادوات عملها لم يكن نابعاً من الاسلام، بل من دور لرجال دين مسكونين بالجهل والدموية والتعصب، تستخدمهم غالباً انظمة وحكام، لتغطية اعمالهم الوسخة المتناقضة تماماً مع تعاليم الاسلام، ويستخدمون في اعمالهم الاجرامية، المخدرات والمال وغسل الادمغة، وتحوير الآيات حيناً، وحرفها عن حقيقة مقاصدها احياناً لتخدم اهدافهم لدى المغرّر بهم من الشبان والشابات الذين تنقصهم التربية الدينية الصحيحة، وبما ان منطق القوة هو دائما الاقوى، اعتمدت الحركات التكفيرية سابقاً وحالياً، على هذا المنطق، لتنفيذ عملياتها الاجرامية البشعة، كما يحصل حاليا في عدد من الدول العربية، وفي شكل خاص في سوريا والعراق، لاشاعة اجواء من الذعر والخوف، ليس في قلوب المختلفين معها فحسب، بل في قلوب اهل السنّة الذين يعرفون جيداً ان اعمالهم ليست من الاسلام بشيء، ولكنهم لا يجرأون على البوح العلني خوفاً من قطع رؤوسهم كما حصل في مدينة الموصل مؤخراً.

***

في المقابل، هناك علامات استفهام كبيرة حول موقف بعض الدول الغربية او ربما اكثريتها، وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية، الملتبس من هذه الجماعات، حتى مثلا لم تبذل اي جهد لمنع مواطنيها من الالتحاق بهذه التنظيمات التكفيرية، مع معرفتها التامة بميولهم واسمائهم واعدادهم، وهي تأخذ التدابير عند عودة بعضهم وليس عند مغادرتهم، كما ان الدول ذاتها، وهي المتحكمة بحركة الاموال في العالم كله، لم تقدم حتى الآن على اجراء اساسي لعرقلة عمل هذه التنظيمات، كتجفيف منابع الاموال التي تتدفق على التكفيريين الارهابيين من هذه الدول، او من الدول العربية الحليفة، بما يؤمن تدفق السلاح على عصابات تعمل على تغيير وجه منطقة الشرق الاوسط خدمة لاسرائيل. وتأكيداً «لحقها» في اقامة دولة دينية، طالما ان هناك دولة اسلامية في ايران للشيعة، ودولة اسلامية يتم تركيبها حتى الان في العراق وسوريا للسنّة، ودولة اسلامية «مخلوطة» من العرب السنّة والشيعة والمسيحيين في قسم من العراق، ودولة كردية مشابهة في جزء ثالث من العراق، قد تتمدد بدورها باتجاه سوريا وتركيا وايران، كما انه لافت صمت جماعة صدام حسين، من السنّة ومن البعثيين وبعض اليساريين المعروفين ببعدهم عن التعصّب المذهبي والطائفي، بقيادة عزّت الدوري، حيال تصرفات تنظيم داعش المنحرفة، خصوصاً بعدما قيل ان تنظيم داعش هو الاقل عدداً وتسليحاً من باقي التنظيمات الاخرى التي ثارت على حكومة نوري المالكي، كما انه الاكثر استغراباً، عجز المالكي وجحافله وقواته ومساندة ايران له، عن وقف المدّ التكفيري التهجيري الذي يحصل في منطقة الموصل ونينوى وجوارهما، وكأن هناك تسليماً وقبولاً بما يحصل.

علامات الاستفهام هذه لا بد وان تجد لها اجوبة واضحة قريباً، ليعرف الانسان العربي، هل ماتت العروبة لتحيا خلافة التكفير؟!