أعاد إطلاق الصواريخ على إسرائيل من الأراضي اللبنانية الوضع الأمني في الجنوب إلى الواجهة مجدداً، في الوقت الذي يزداد الحريق في المنطقة اشتعالاً، من العراق إلى سورية إلى غزة، ما يطرح السؤال هل أن الهدف من إطلاق الصواريخ من الجنوب على عدد من المستعمرات الإسرائيلية نقل هذا الحريق إلى لبنان؟ المعطيات المتوافرة حول هذا الحادث لا زالت غير واضحة المعالم، باعتبار أن الجهة التي أطلقت الصواريخ لم يتم تحديدها بعد، لكن ذلك لا يمنع من القول إن هناك محاولة لزج لبنان في الصراع الدائر في المنطقة من خلال توريطه في حرب جديدة مع إسرائيل، بعد فشل محاولات إغراقه بالفتنة الطائفية والمذهبية على خلفية ما يجري في سورية والعراق. وبصرف النظر عما إذا كان وراء إطلاق الصواريخ جهات عسكرية محسوبة على فصائل فلسطينية أو سورية تعمل في لبنان أو أفراد، فإن توقيت هذا العمل المشبوه يطرح الكثير من الأسئلة عن المستفيد من وراء استدراج إسرائيل للاعتداء على لبنان، في الوقت الذي يجهد اللبنانيون لحماية بلدهم من التداعيات السورية والعراقية، بالرغم مما شهدته الأشهر الماضية من عمليات تفجير إرهابية أودت بحياة عشرات من اللبنانيين وخلفت أضراراً بشرية ومادية كبيرة.
وتقول أوساط سياسية مراقبة إنه إذا كان الهدف من وراء إطلاق الصواريخ على المستعمرات الإسرائيلية الرد على العدوان الإسرائيلي على غزة، فهذا العمل من المنظار العسكري لا يعني شيئاً وسلبياته أكبر بكثير من إيجابياته، وبالتالي فإن هناك رسائل أخرى يمكن اعتمادها أكثر فاعلية من هذه التصرفات العشوائية التي يمكن أن تدفع إلى إعطاء إسرائيل مبرراً لشن عدوان على لبنان وهذا لن يكون في مصلحة أحد من اللبنانيين.
وتشير الأوساط إلى أنه لا يمكن التقليل من خطورة إطلاق الصواريخ وما يمكن أن تتركه من انعكاسات في حال تكرارها، باعتبار أن إسرائيل تتحين الفرصة للقيام بعدوان على لبنان، للانتقام من هزيمتها في تموز الـ2006، بحيث أنه يفترض بالجيش اللبناني والقوات الدولية أن يقوما بسحب هذه الذريعة من أيدي الإسرائيليين عبر تشديد الإجراءات الأمنية والعسكرية شمال الخط الأزرق وتكثيف التحريات لمعرفة الجهات التي تقف وراء عملية إطلاق الصواريخ وبالتالي التشدد في مراقبة الوضع الميداني في هذه المنطقة المتاخمة للحدود السورية للحؤول دون أي اختراق أمني قد يسمح لبعض الجهات أو الأفراد القيام بأعمال تثير الشبهات من خلال إطلاق صواريخ على إسرائيل، متسائلة هل أن «حزب الله» الذي تتواجد عناصره بكثافة في المناطق الجنوبية والحدودية خاصة، لا يعلم الجهات التي تقف وراء إطلاق هذه الصواريخ؟ ولماذا لم يتم التصدي لهم، مع العلم أن عناصر «حزب الله» الذين ينتشرون في هذه المنطقة يراقبون بدقة كل تحرك عسكري ولا يمكن أن يُخفى عنهم شيء؟
وفي الإطار عينه، لا تستبعد الأوساط السياسية أن تكون هناك أطراف تعمل لحساب إسرائيل تريد تقديم الذريعة لها بكافة الوسائل لدفعها إلى استهداف لبنان مجدداً في المواجهة التي تنتظرها مع «حزب الله» لرد الاعتبار لجيشها التي تلقّى هزيمة نكراء في عدوان 2006.