إطلاق مساعي إستعادة العسكريين مناورات وشروط صعبة
الحريري في جدة لإطلاق آلية التنفيذ .. والتمديد يفتح «بازار» المفاوضات
فيما عادت السياسة تلعب على حبل «الوفاق المفقود» بين التيارات والكتل السياسية، تارة على ملعب الرئاسة الأولى المرشحة لاستمرار الشغور لأشهر، وحيناً آخر، على وتر استدراج عروض التمديد لمدة زمنية تساوي ولاية كاملة للمجلس النيابي الحالي، الذي مدّد له أول مرة في 31/5/2013، لسبع عشرة شهراً، تنتهي في 20 تشرين الثاني المقبل، بقيت المطالب الاجتماعية، تتفاعل في الشارع، في محيط كهرباء لبنان في كورنيش النهر مع مياومي الكهرباء، وفي وسط بيروت، وأمام محيط المجلس النيابي، مع هيئة التنسيق النقابية، التي اجتمع أركانها مع رئيسة لجنة التربية النيابية النائب بهية الحريري، بحضور وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، من دون التوصل الى مقاربة موحدة، تنهي مأزق تصحيح الامتحانات الرسمية، وتجنب الطلاب منح الإفادات، حتى ولو كانت معطاة من وزارة التربية، وتتيح لحامليها، الذين يحملون وثائق ترشيح للامتحانات من دخول الجامعات ومعاهد التعليم العالي في لبنان والخارج..
وفي المقلب الحكومي، احتلت المفاوضات الجارية، عبر «هيئة العلماء المسلمين» بين لبنان الرسمي ومسلّحي عناصر «داعش» و«النصرة» اللتين تحتجزان 19 جندياً و17 دركياً، غداة انتهاء المعارك بين الجيش اللبناني و«العناصر المسلحة» الوافدة من سوريا، والتي اندلعت في الثاني من الشهر الجاري، من دون وضوح مسار هذه المفاوضات، في ضوء المطالب المعقدة التي يحملها الوفد الوسيط، والتي تتضمن المطالبة بإطلاق سراح عدد من «الموقوفين المتشددين» بمن فيهم الموقوف السوري عماد جمعة، فضلاً عن «فك الحصار عن المخيمات في عرسال، ومعالجة الجرحى».
مجلس الوزراء
وهذا الملف الى جانب الهبة المالية السعودية لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، ستكون على طاولة مجلس الوزراء اليوم، والمتخم بـ 130 بنداً، فضلاً عن مناقشة الخطة الوطنية للتخلص من النفايات الصلبة، وما يتعلق بخطة مطمر الناعمة، والتي قد تقرّ بعد أن ناقشتها اللجنة الوزارية المعنية التي اجتمعت في السراي الكبير برئاسة الرئيس تمام سلام.
وعشية الجلسة، غادر الرئيس سعد الحريري الى جدة، لإجراء محادثات مع القيادة السعودية، تتعلق «بالعمل على وضع الهبة التي قررها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للجيش اللبناني والقوى الأمنية موضع التنفيذ»، وفقاً للبيان الصادر عن المكتب الإعلامي لزعيم «تيار المستقبل».
والآلية التي سيتولى الحريري مناقشتها مع المسؤولين السعوديين تبلورت بعد الاجتماع الأمني الذي عقد في السراي برئاسة الرئيس سلام، ومشاركة الرئيس الحريري وقادة الأجهزة الأمنية، وما اعقبه من مناقشة حاجات كل جهاز على حدة.
وتقرر مبدئياً توزيع المليار دولار على النحو الاتي: 500 مليون للجيش و300 مليون لمؤسسة قوى الأمن الداخلي و150 مليوناً لمديرية الأمن العام و50 مليوناً لأمن الدولة. وتؤكد المصادر ان هبة المليار دولار تشكّل أسرع وسيلة دعم للبنان واجهزته الأمنية في مواجهة موجات التطرف والارهاب التي اطلت برأسها من الساحة السورية وتمددت في اتجاه العراق ونال لبنان حصته منها في عرسال.
التمديد: خيار وحسابات
من الثابت أن الرئيس الحريري خلال لقاءاته وتصريحاته بعيد وصوله إلى بيروت، أعطى إشارة التمديد للمجلس النيابي الحالي، وتولى النائب نقولا فتوش اعداد اقتراح القانون، بانتظار تحديد موعد جلسة التعديل الدستوري.
الا أن ما نقل عن الرئيس نبيه برّي في لقاء الأربعاء النيابي لجهة تساؤله: ما فائدة التمديد لمجلس معطّل لا يشرع ولا يلعب دوره كاملاً؟ طرح غير علامة استفهام لجهة جديته، مع تأكيد الرئيس برّي أن موقفه «لا يندرج في إطار المناورة السياسية، كما يتراءى للبعض».
وفي هذا الإطار، نقل عن نائب في كتلة التحرير والتنمية التي يرأسها برّي قوله في مجلس خاص أن موقف رئيس المجلس مرده لرفضه تحميله مسؤولية التمديد كما حصل في المرة الأولى في نهاية أيّار من العام 2013.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة «اللواء» انه بدءاً من الأسبوع المقبل يفترض أن تتبلور المواقف النهائية من موضوع التمديد للمجلس النيابي، مشيرة إلى أن هناك ميلاً لدى معظم الكتل النيابية للسير بالتمديد خشية من انعكاسات ظروف معينة في البلاد.
وقالت المصادر أن التمديد على ما يبدو خياراً يسلكه البعض وأن التصدّي له من بعض النواب والتمسك باجراء الانتخابات النيابية قد لا يلقى الصدى الإيجابي، موضحة أن رئيس المجلس الرافض لمثل هذا الاجراء قد يقتنع في نهاية المطاف أن لا مناص من ذلك، على الرغم من تسجيل اعتراضه عليه.
واعتبرت انه حتى الرافضين للتمديد سيجدون أنفسهم أن موقفهم لن يبدّل شيئاً، وبالتالي القرار في هذا الشأن سيتخذ من دون معرفة ما إذا كان سيكون وفق اقتراح النائب نقولا فتوش أم لا.
وكشف رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن كتلته لن تصوت لمصلحة التمديد، نحن «ضد التمديد للمجلس»، كاشفاً انه خلال اجتماعه مع الرئيس الحريري بعد عودته ناقش معه هذا الموضوع، ولكن «ما قدرت قنعته، وما تمكن من اقناعي، ولن أسير بالتمديد، واجراء الانتخابات أسلم من التمديد للمجلس وأفضل».
سياسياً، يطل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله عند الثامن والنصف من مساء الغد، ليتحدث عن الانتصار في حرب تموز 2006، وقد يتطرق إلى الأوضاع الداخلية، من زاوية التمسك بالاستقرار ودعم المؤسسات الدستورية والعسكرية والأمنية.
قهوجي في عرسال
ميدانياً، تفقد قائد الجيش العماد جان قهوجي قوى الجيش المنتشرة في محيط عرسال ومنطقتها وزار المراكز، ووقف على الإجراءات الميدانية التي تنفذها هذه الوحدات حفاظاً على امن المنطقة واستقرارها.
واجتمع العماد قهوجي خلال الجولة الى قادة الوحدات واركانها وزوّدهم التوجيهات اللازمة.
وخاطب العسكريين قائلاً: أبقيتم بشجاعتكم على لبنان، وبرجولتكم وصمودكم في مواجهة الارهاب.
وكان قهوجي وصل الى عرسال على متن مروحية عسكرية آتياً من اللبوة حيث ينتشر اللواء الثامن.
عراجي لـ«اللواء»: سيناريو اعزاز
وعلى صعيد المفاوضات غير المباشرة لاستعادة العسكريين الاسرى لدى «داعش» و«النصرة» اكد عضو كتلة المستقبل النيابية عاصم عراجي لصحيفة «اللواء» ضرورة اطلاق العسكريين المحتجزين من عرسال من دون اي مقابل، مبدياً خشيته من ان يتكرر سيناريو مخطوفي اعزاز في هذا الملف.
وقال: لا بد من العمل على اعادة هؤلاء العسكريين الذين عملوا على حماية حدودنا بأي ثمن، معلناً ان الرضوخ لمطالب الخاطفين خطأ، ولكن يجب في الوقت نفسه العمل على تحرير المحتجزين وعدم احداث اي ارباك في الشارع والعلاقة بين النازحين السوريين والمواطنين اللبنانيين.
واضاف: لا يمكنني التنبؤ بما سيكون عليه موقف الحكومة من مطالب الخاطفين، امس قمت بزيارة عرسال ولمست وجود معلومات متضاربة عن الجهة الخاطفة، فقد يكون هناك محتجزون لدى جماعة «داعش» وآخرون لدى جبهة النصرة، وجبهة النصرة لا تطالب سوى بعدم التعرض لاهاليها في المنطقة واسترداد الجرحى، في حين ان مطالب «داعش» غير واضحة، وهناك من يعتقد ان مطالبها تقضي صراحة بمبادلة المحتجزين بموقوفين لدى سجن رومية.
وقال: اذا كانت هذه الجماعة تطالب بذلك، فهي على خطأ، لكن في الوقت نفسه علينا النظر الى كيفية تحرير المحتجزين البالغ عددهم 40 شخصاً، مؤكداً ان هذه المسألة تشكل اولوية لدى الجميع.
وتحدث عن وجود كتمان في ما خص عملية التفاوض التي تتولاها حتى الآن فقط هيئة العلماء المسلمين، نافياً وجود معلومات دقيقة عن اماكن تواجد العسكريين، لا سيما ان البعض يتحدث عن وجودهم في آخر جرود الاراضي السورية.
وكان وفد «هيئة العلماء المسلمين» سلّم الحكومة اللبنانية شريط فيديو يظهر فيه 7 من العسكريين ا لمحتجزين لدى المسلحين السوريين، وهم عبد الرحيم دياب، خالد مقبل حسن، علي السيد، حسين محمود عمار، علي زيد المصري، سيف حسن ذبيان ومصطفى وهبة. وإذ أفيد أن الشريط المنقول هو نفسه الذي بثته قناة «العربية»، أشارت المعلومات الى أن هؤلاء في عهدة «داعش»، وقد نقل الوفد الى الحكومة أيضاً، مطالب التنظيم مقابل إطلاق سراحهم، وأفيد أن «العلماء» لا زالوا في انتظار تسلّم مطالب مسلحي «جبهة النصرة» للإفراج عن العسكريين المحتجزين لديهم.
ولفتت المعطيات في هذا الإطار الى أن عدد العسكريين المخطوفين في حوادث عرسال هو ستة عشر عسكرياً، من بينهم سبعة لدى «داعش» وتسعة لدى «النصرة».
وكشفت مصادر هيئة العلماء المعنية مباشرة بملف المفاوضات مع المسلحين في جرود عرسال لـ«اللواء» عن أنّ «أحد المتطوّعين من البقاع بادر إلى القيام بالمخاطرة الكبيرة، وتوجّه إلى الجرود حيث التقى بالجهات المسلّحة التي تحتجز العسكريين، وقام بالتفاوض المباشر معهم، وحصل منهم على شريط يصوّر هؤلاء العسكريين وهم أحياء لطمأنة أهاليهم أولاً، ولاستمرار الوساطة مع الجهات اللبنانية لتحقيق بعض المطالب، وفي مقدّمها الحفاظ على أمن وكرامة النازحين السوريين في عرسال ومحيطها».
وذكرت هذه المصادر أنّها فقدت مفاوِضاً بارزاً في هذه القضية هو أبو محمد الرفاعي الذي قضى بأحد البراميل المتفجّرة التي ألقتها الطائرات الحربية على مواقع المسلحين، ما أفقد الهيئة قناة تواصل مهمة، خصوصاً أنّ المسلّحين لا يستعملون أي وسيلة اتصال حديثة لدواعٍ أمنية، كما إنّ المنطقة وعرة والتغطية الهاتفية فيها تكاد تكون معدومة، ما يحتّم على أي مُفاوِض المخاطرة بأمنه والذهاب إلى المناطق الوعرة مع ما يستدعيه ذلك من خطورة على أمنه الشخصي في هذه المناطق المعرّضة للغارات الجوية والقصف المدفعي في أي لحظة (راجع ص 5).
هيئة التنسيق: مأزق التصحيح مستمر
تربوياً، تعهدت رئيسة لجنة التربية النيابية النائب بهية الحريري امام وفد هيئة التنسيق النقابية ان سلسلة الرتب والرواتب ستقر، ولكن من دون تحديد سقف زمني، ونقلت عن الرئيس الحريري خلال اجتماع عقدته مع الاساتذة في مجلس النواب بحضور الوزير بوصعب، انه سيعمل على اقرار السلسلة في اقرب وقت، الا ان الظروف التي تمر بها البلاد على الصعيد الامني والسياسي، وعدم انتخاب رئيس للجمهورية جمدا باقي الملفات المعيشية والحياتية.
نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض أشار في حديثه لـ «اللواء» إلى أنّ الاجتماع كان مقرّراً مع الرئيس الحريري عند السادسة مساء، لكن بسبب سفره الاضطراري كلّف النائب الحريري بالاجتماع الذي كان شبه إيجابي، لافتاً إلى أنّه خلال الأيام المقبلة ستجري الهيئة سلسلة اجتماعات، على أمل عقد لقاءات مع عدد من السياسيين لبحث موضوع السلسلة، فيما أفادت مصادر المجتمعين بأنّ النائب الحريري طلبت من الأساتذة العودة عن مقاطعة التصحيح بناء على وعد الرئيس الحريري.
وكان إضراب الهيئة قد نجح في شل البلاد، حيث توقّف العمل في المؤسّسات العامة والإدارات الرسمية في المناطق اللبنانية كافة تنديداً بعدم إقرار مجلس النواب للسلسلة، وتزامن الإضراب مع اعتصام مركزي نفّذه الموظّفون في القطاع العام والاساتذة في التعليم الرسمي والخاص مقابل السراي الحكومية في ساحة رياض الصلح، حيث جدّدت الهيئة موقفها من عدم التراجع عن مقاطعة التصحيح طالما لم تقر السلسلة، لكنها في الوقت نفسه أعلنت عن انفتاحها على الإتصالات لتحصيل الحقوق (راجع ص 8).
وفي المعلومات ان النائب الحريري طلبت من وزير المال علي حسن خليل صرف 30٪ من كلفة السلسلة، لاعطائها للاساتذة والموظفين، لكن وزير المال رفض، مطالباً بجلسة تشريعية للانفاق المالي وزياداته.