IMLebanon

إلى أن يحين القطاف

طرفان يصدقان خرافة “داعش”: من يعرفها ويضخم دورها ليمرر دوره ونهجه، ومن يعاني فوبيا “11 سبتمبر”. الأول تقوده ايران التي ترى في ما يجري في العراق ضرباً للهلال الفارسي الذي تحاول استيلاده منذ الغزو الاميركي لأرض الفرات، ولم يعد يختبئ وراء أي غلالة، سواء كانت النصر على اسرائيل، أو رفع راية الإسلام.

لم تقصر طهران في التنديد بمشروع اميركي لتقسيم المنطقة، وهولت به على العرب، بينما كانت، عملياً، ترسم تحت غطائه حصتها من النفوذ والسيطرة في المنطقة: بَنَتْ، اولاً، سمعة العداء لإسرائيل ومحاربتها، فاكتسبت أدواتها، كـ”حزب الله”، في لبنان، هيبة القضية الفلسطينية، وانتحل “مفوّضوها” في لبنان والعراق وسوريا، الكلام باسم الاسلام المعتدل، إلى حين بات مناسبا إشهار مذهبية حادة لم تعد توارى.

اليوم، انتقل المخطط الايراني الى الهجوم، وعنوانه أبلسة الخصوم. ففي العراق وسوريا ولبنان، السيناريو ذاته: تضعضعت هيمنة الأسد والمالكي والحزب إياه، فكُني المعترضون على ديكتاتوريتهم بالإرهابيين، لتبرير “إفنائهم”، تحت عنوان الدفاع عن الاستقرار في وجه “الإرهاب”، وسعى أهل المخطط إلى استدعاء الغرب، تحت هذه الحجة للتحالف معهم ضد رافضي الهلال الفارسي، أي أكثر من نصف سكان الدول الثلاث، وأكثر.

السبب أن ما يشهده العراق يكسر هذا الهلال في اكثر نقاطه أماناً، وتطمينا لطهران، اذ ليس سهلاً ما استطاعت فعله في بلاد الرافدين من استتباع قوى سياسية، وتكوين مجموعات ميليشيوية، ما أشعرها باستتباب هيمنتها. لكن الغرب لم يتجاوب بعد مع التهويل بإرهاب “داعش”، أولا، لأن ما يجري في العراق أكبر بكثير من قدرة هذا التنظيم الملتبس، ويرقى الى مستوى انتفاضة شعبية. ثانياً، لأن ما يدفع واشنطن الى التدخل هو مصالحها، ومخاوف حلفائها الأوروبيين. وهؤلاء لم يحرك التفجير في المتحف اليهودي في بروكسل، مخاوفهم من مسلسل تفجيرات، ويرونه عملا فرديا، رغم ان المنفّذ قاتل في صفوف “داعش”، ويدعم تقديرهم عدم إصدار التنظيم بيانا بتبني العملية، فيما تتغطى واشنطن بالدعوة إلى ان “يقرر العراقيون مستقبل بلدهم بأنفسهم”.

وسّع العراق الانفجار بين مخطط الهيمنة الفارسية، وبين العروبة المتداعية للمنطقة، في مواجهة كانت صامتة منذ حرب الخليج الأولى، حين تسللت طهران إلى العراق من بين خطط جورج بوش الأب لـ”شرق أوسط جديد”.

لم يكن يومها من موقف عربي يعارض واشنطن، فيما تركيا أقرب إلى المتفرّج، وإسرائيل تترصّد.

اليوم، تتخذ السعودية موقفاً ودوراً. وتنعقد صفقات سياسية بين العسكر والليبراليين، في مصر وليبيا، وغيرهما على الطريق، في ما يشبه إعادة ترتيب “البيت العربي” المتداعي، وتتلقى طهران ضربة قاصمة في العراق، بينما تترصّد تل أبيب وأنقرة. أما البيت الأبيض فيتفرّج، إلى أن يحين القطاف.