انضم كل من الرئيس الاميركي باراك اوباما ووزير خارجيته جون كيري الى وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ في اعتباره ان تصاعد العنف في العراق هو نتيجة لاستمرار الحرب في سوريا وانتقالها الى العراق والتي رأى رئيس الديبلوماسية البريطانية في نتيجتها ضرورة ايجاد حل عاجل للازمة السورية فيما تردد ان ايران ارسلت كتائب مقاتلة من حرسها الثوري لدعم الجيش العراقي ولمساعدة رئيس الوزراء نوري المالكي على الصمود ومنع سقوط مزيد من المدن العراقية في ايدي تنظيم داعش بعدما استنزفت ايران تنظيماتها في كل من العراق ولبنان من اجل حماية النظام السوري ومنعه من الانهيار ومن اجل ضمان نفوذها حتى البحر المتوسط. وقد وبخت واشنطن على لسان رئيسها باراك اوباما المالكي لإهماله الطائفة السنية في المعادلة السياسية في العراق. وقال الرئيس الاميركي: “على مدى السنوات الاخيرة لم نر تعاونا بين السنة والقيادات الشيعية في العراق ويجب على الحكومة العراقية ادخال عنصر سياسي في جهد حل الازمة ” فيما قال كيري ان “على المالكي بذل المزيد لطرح الخلافات الطائفية جانبا في العراق “، الامر الذي يفهم منه عدم التخلي عن المالكي اقله في المرحلة الراهنة واحتمال استمراره رئيسا للحكومة الجديدة على رغم انه مسؤول الى حد كبير بالسياسات التي اعتمدها ضد الطائفة السنية عما يواجهه العراق من انقسامات وتفكك. بررت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ذلك بالقول: “كان على رئيس الوزراء المالكي القيام وفعل المزيد على مر الوقت. هذه رسالة ابلغناها اليه سرا وعلنا. ولكن العدو هنا، ونحن في حاجة الى العمل معا والوقوف كجبهة موحدة “. ويقول مراقبون ان الولايات المتحدة قد يصعب عليها في عز مفاوضاتها مع طهران حول ملفها النووي ان تدفع في اتجاه تغيير المالكي الذي يستمد نفوذه من الدعم الايراني ويعتبره كثر “دمية ايرانية ” فيما هو في احسن الاحوال نقطة تقاطع مصالح بين الولايات المتحدة وايران. وعدم التخلي عن المالكي باعتباره جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل خصوصا ان وجوده وسياسته يشكلان استفزازا للطائفة السنية ما سمح بسيطرة داعش على نطاق واسع لا يظهر بالنسبة الى المراقبين كيف يمكن تجاوز الازمة الخطيرة في العراق بالادوات نفسها واي ثقة يمكن ان توحي لتهدئة الوضع في المدن السنية التي رفض قادتها اعتبار ثورتهم او احتضانهم لما يحصل ارهابا استنادا الى تعاظم نفوذ تنظيم ارهابي وفق التصنيف الاميركي والغربي او دمغ هذه الثورة بالارهاب. وهو ما جاهر به مفتي الديار العراقية الشيخ رافع الرافعي على نحو اسبغ شرعية سنية على ما يحصل واصفا ما يحصل بعملية تحرير للشعب العراقي خصوصا السنة ورفع الظلم الذي لحق بهم من جيش المالكي. ويعقد هذا الوضع طبيعة التدخل الخارجي وتحديدا الاميركي في حال وروده متى اكتسبت التطورات الداخلية طابع الخلافات الطائفية والمذهبية الداخلية وليس السياسية فحسب على قاعدة سلطة تحارب الارهاب مثلا. كما ان دخول وحدات عسكرية ايرانية يمكن ان يساهم في اشعال الوضع المذهبي بدلا من تهدئته.
وفيما كان المالكي يشكل استفزازا ايضا للعشائر والقادة الشيعة الذين رفضوا التعاون معه لكنهم قد يتوحدون معه مذهبيا في الخطر الذي تشكله داعش على وحدة العراق. والمفارقة ان ما جرى في العراق والذي ساهم فيه “تشييع” المالكي (من شيعة) لأجهزة الامن العراقية من اجل حماية نظامه كما فعل بشار الاسد في سوريا حيث استند الى الفرق المقاتلة العلوية لحماية نظامه الامر يساهم في تفاقم الازمة وليس في حلها. وكذلك الامر بالنسبة الى استدعاء الطائفة الشيعية للتسلح ومواجهة التنظيم السني المتطرف جنبا الى جنب مع المساعدة العسكرية الايرانية وهو ما بدأ فعلا على الصعيد الميداني بحيث تبدو الازمة متجهة الى حرب اهلية في العراق حيث يغدو الوضع اقرب الى ان يشبه الوضع في سوريا اكثر فاكثر.
هل تستفز سورنة الوضع العراقي وفق المواقف الاميركية والبريطانية المعلنة المسارعة الى السعي الى ايجاد حل ضروري وعاجل للحرب الاهلية السورية من اجل منع انعكاساتها اكثر مما حصل حتى الان بحيث تتم التهدئة في العراق كما حصل في لبنان الذي طاولته الانعكاسات السورية ايضا ؟
ما يخشى كثر منه في ضوء الطابع المذهبي لما يجري في العراق ودخول ايران مجددا على الخط المباشر في دعم نظام بغداد سيناريوات يعتبرها من يدور في فلك المحور الايراني اشعالا للنار تحت اقدام ايران في منطقة تمددها ما يعني انها لن تتساهل مع هذا التطور وسستتورط من اجل الدفاع عما باتت تعتبره مصالح مكتسبة فيما يطلق ذلك حربا مذهبية في العراق كما في سوريا يمكن ان تتمدد الى دول عدة في المنطقة. فالوضع سيغدو اكثر خطورة وتعقيدا تماما كما حصل في سوريا الى حد قد يصعب معه القول بامكان استفزاز الوضع العراقي المجتمع الدولي من اجل الدفع لحل الازمة السورية بمقدار ما يمكن القول ان انفجار الازمة في العراق ربما يدفع في مراحل لاحقة الى طرح مسألة تغلغل النفوذ الايراني في المنطقة للبحث على نحو متكامل وليس بالقطعة اي في سوريا او لبنان او العراق. ويخشى الا يكون ذلك واردا او محتملا في المدى القريب في ضوء التطورات العراقية الاخيرة.