لماذا عاد الحديث عن “التمديد” للرئيس ميشال سليمان؟ الأرجح لسببين، أو ربما لثلاثة. أولاً، استحالة موافقة مسيحيي 14 آذار على العماد ميشال عون مرشحاً أوحد كما لو أنه “توافقي”. ثانياً، عدم التقدّم حتى الآن في البحث في مرشح ثالث مقبول لأن عون لا يزال مرشحاً غير معلن وسمير جعجع مرشحاً معلناً. أما الثالث، ولعله الأهم، فهو أن الدخان الأبيض المرتقب من توافق اقليمي لا يبدو متوقعاً قبل موعد 25 أيار… وقد تكون هناك نقطة لمصلحة التمديد اذا صحّ أن البطريرك يحبذه أو لا يمانعه، تفادياً للفراغ حتى لو كانت الحكومة تستطيع دستورياً تعويضه.
في غضون ذلك، ربما يفيد الحوار بين زعيمي “تيار المستقبل” و”التيار العوني” لمراجعة العلاقة التي انكسرت باكراً بينهما، ولخفض التشنّج الذي شابها بعد انتخابات 2005 وتعذّر التفاهم على مشاركة العونيين في الحكومة الأولى لفؤاد السنيورة. كان الرئيس سعد الحريري خاض حواراً طويلاً مع عون وأركانه في اطار مشاوراته لتأليف الحكومة عام 2009، غير أن مواقف الوزراء العونيين أظهرت بعدئذ أن الحوار لم يرأب الصدع، حتى أنهم انحازوا كلياً الى “حزب الله” في حملته على المحكمة الدولية، وكانوا رأس الحربة في اسقاط حكومة الحريري. وقبل ذلك كان عون وتياره الأكثر تطرفاً خلال غزوة بيروت في 7 أيار 2008 كما في الأزمة التي مهّدت لها.
الأكيد أن صوغ الموقف من انتخاب الرئيس يختلف عما كان بالنسبة الى تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام. لماذا؟ لأن فريق 8 آذار يعتقد، لأسبابه، ومن بينها “انتصارات” “حزب الله” في سوريا وانعكاساتها على لبنان، أن الرئيس المقبل يجب أن يأتي من صفوفه ويكون منسجماً معه في السياسة التي فرضها على الدولة اللبنانية. لذلك سُوِّق ترشيح عون باعتباره تحصيلاً حاصلاً، وأن الأفضل للحريري إن لم يكنْ لفريق 14 آذار بمجمله أن يتكيّف مع هذا الواقع طالما أنه لا يملك الغالبية المطلوبة ولا حتى النصف + واحد.
ليست لدى السعودية أي أسباب تدفعها الى تزكية ترشيح عون لأن موقعه السياسي لم يتغيّر عملياً، وهي تشجع حوار عون – الحريري حتى لو بقي بلا نتائج. أما الحريري نفسه فمضطر لأخذ حساسيات فريقه في الاعتبار، ولا شك أنه مدرك أنه أمام احتمالين: لن يكسب عون حتى لو أيّده للرئاسة، ولن يضمن تماسك فريق 14 آذار اذا خذل مسيحييه. في التوافق على تشكيل حكومة سلام كانت هناك جوانب غامضة أمكن تجاوزها، أما التوافق على الرئاسة – اذا كان له أن يحصل – فيجب أن يكون مكتوباً وواضحاً وشفافاً، بموازاة “وثيقة التفاهم” بين التيار العوني و”حزب الله”.