IMLebanon

اختراق سياسي يواكب استعادة عرسال والدعم السعودي الحريري العائد: تعالوا إلى توافق واسع لانتخاب الرئيس

اتخذت العودة المفاجئة للرئيس سعد الحريري امس الى لبنان بعد ثلاث سنوات واربعة اشهر من غيابه، ابعاداً ودلالات اضفت طابع الحدث الاستثنائي على هذه العودة التي بدت بمثابة الاختراق السياسي الاكبر للوضع المأزوم داخليا منذ أمد بعيد.

ولم يكن أدل على اهمية هذا الحدث من إشاعته اجواء ارتياح واسعة على الصعيدين السياسي والشعبي عكست في نواح كثيرة منها انطباعا عاما ان عودة زعيم “تيار المستقبل” الى لبنان في هذا التوقيت وفي هذه اللحظة الشديدة الخطورة على مجمل الاوضاع الامنية والسياسية انما تحمل بشائر انفراجات تبدأ بالاولوية الملحة المتصلة بترجمة الدعم السعودي الجديد للجيش ولملمة تداعيات احداث عرسال بمواكبة استكمال الجيش بسط سلطة الدولة عليها وصولا الى الدفع نحو تحريك ملف الانتخابات الرئاسية. ومهما يكن من أمر، فإن العودة الحريرية رسمت معالم تطور داخلي غير معزول عن آفاق خارجية ايضا في شأن الحفاظ على الاستقرار الداخلي عقب اخطر اختبار تعرض له جراء المواجهة في عرسال التي كانت عودة الحريري الوجه السياسي الملازم لصمود الجيش فيها واستعادتها من محتليها الارهابيين. كما ان هذه العودة عكست التعبير العملي عن الدعم السعودي للبنان وخط الاعتدال السني فيه الذي يجسده الحريري و”تيار المستقبل” في مواجهة خط التطرف ومن خلال هبة المليار دولار التي شرع الحريري فور وصوله في وضع أطرها التفصيلية مع المسؤولين الرسميين وفي مقدمهم رئيس مجلس الوزراء تمام سلام. واتخذ هذا الدعم بعده ايضا في الاتصال الذي تلقاه سلام امس عقب وصول الحريري من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي حرص على ابلاغ سلام “تضامنه مع لبنان ووقوفه الى جانبه في معركته ضد الارهاب وحرصه على تعزيز امنه واستقراره وسيادته”، كما ابلغه انه “ائتمن الرئيس الحريري على المساعدة التي قدمها الى لبنان بقيمة مليار دولار” لتلبية الحاجات الملحة للقوى اللبنانية الشرعية.

وخصص الاجتماع الذي انعقد بعد الظهر في السرايا في حضور الحريري للبحث في هذه الحاجات وطرق تلبيتها سريعا.

وأوضح الرئيس سلام لـ”النهار” ان الموضوع الاساسي في محادثاته مع الرئيس الحريري كان الهبة السعودية للجيش وقوى الامن اللبنانية”ونحن في صدد اعداد الاليات القانونية لانفاق الهبة بمتابعة مني ومن الحكومة”. وردا على سؤال عن مدة بقاء الرئيس الحريري في لبنان قال: “اننا نريده هنا ليبقى ولنتعاون معا في تحمل المسؤوليات”. وعن تطورات عرسال قال ان الوضع هناك قيد المتابعة لاطلاق العسكريين وعناصر قوى الامن الداخلي المخطوفين.

وعلمت “النهار” من اوساط شاركت في اللقاءات التي عقدها الرئيس الحريري نيابيا وسياسيا، انه شدد على ان تمسك “تيار المستقبل” وكتلة “المستقبل” بمشروع الدولة “لا رجعة عنه”ويجب عدم الخلط بينه وبين” أخطاء يرتكبها مدني او عسكري والتي يجب أخضاعها للمحاسبة بهدوء”. كما شدد على “مواجهة الارهاب من خلال الهدف الاهم الا وهو مشروع الدولة”. وأكد ان الهبة السعودية التي هي السبب الرئيسي لعودته الى لبنان “ستحقق اهدافها سريعا”. وأفاد انه عاد الى لبنان ليستقر من غير ان يعني ذلك انه لن يتحرك خارجيا كلما دعت الحاجة.

في بيت الوسط

اما البعد السياسي للعودة، فبرز في المواقف التي اتخذها الرئيس الحريري في اجتماعين موسعين عقدا مساء في بيت الوسط لكل من كتلة “المستقبل” والمكتب السياسي للتيار ولقوى 14 آذار بأركانها الرئيسية. وابرز الحريري اهمية الهبة السعودية قائلا ان “ليس هناك اليوم اهم من دعم الدولة ومساعدة الجيش والقوى الامنية” وأضاف: “كثيرون يقولون ان عودتي لها علاقة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والحقيقة انني كنت اتمنى ان يحصل ذلك وان يكون اول تحرك لي فور العودة زيارة القصر الجمهوري او النزول الى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد”. ولاحظ ان انتخاب رئيس جديد “هو مسؤولية الجميع وليس صحيحا ان هذه المسؤولية يتحملها سعد الحريري منفردا ” واعتبر انه “آن الاوان لان نفتح الباب امام توافق واسع على انتخاب الرئيس والانتقال الى التضامن الوطني لمواجهة التحديات الماثلة”.

وذكّر الحريري بأن “دور تيار المستقبل هو حماية الاعتدال ومنع التطرف من التمدد والانتشار ومنع كل محاولة لاشعال الفتنة”، مشيرا الى انه “اذا كان حزب الله يرتكب اخطاء بحق لبنان فهذا لا يعني ان نرد عليه باخطاء مماثلة او ان نلجأ الى كسر شوكة الدولة وهيبتها”.

وأصدرت قوى 14 آذار بيانا وصفت فيه عودة الحريري بأنها “فسحة امل في مستقبل لنا ولاولادنا “، مؤكدة تمسكها الكامل بالدولة “واستكمال بنائها بدءا بانتخاب رئيس للجمهورية”. واشادت بالدعم السعودي، مكررة مطالبتها بضبط الحدود اللبنانية – السورية في كل الاتجاهات وبانسحاب “حزب الله” من سوريا.

وعلمت “النهار” ان الاجتماع القيادي لـ14 آذار تخللته كلمات تباعا للرئيس الحريري والرئيس امين الجميل والدكتور سمير جعجع (الذي حضر متأخرا) والرئيس فؤاد السنيورة والدكتور فارس سعيد. ولدى مقاربة موضوع استحقاق رئاسة الجمهورية، رفض الرئيس الحريري ربط عودته بهذا الاستحقاق. وأبرز استثمار السعودية في الامن اللبناني بأربعة مليارات دولار. وأكد الرئيس الجميل تضامن قوى 14 آذار، ودعا جعجع الى تراص هذه القوى.

وتوقعت مصادر المجتمعين ان تنطلق دينامية جديدة في المشاورات بين مكونات 14 آذار بما يؤسس لمرحلة لاحقة وليس لمرحلة مباشرة.

عرسال

في غضون ذلك، بدأت وحدات الجيش بالانتشار امس في عرسال على ان يستكمل هذا الانتشار في الساعات المقبلة في انحاء البلدة. ووصفت مصادر متابعة المفاوضات التي أجرتها “هيئة علماء المسلمين” مع الخاطفين في شأن الاسرى العسكريين بأنها مشوشة نتيجة الخلافات بين “جبهة النصرة” وتنظيم “داعش”، خصوصا ان الاخير ينتظر توجيهات قيادته ومقرها حلب بما يعرّض المفاوضات للتأخير. وفي المقابل، اكدت المعلومات ان المخطوفين سالمون. بيد ان التطور السلبي الذي برز امس تمثل في اشتراط الخاطفين الافراج عن سجناء اسلاميين في سجن رومية في مقابل اطلاق الاسرى العسكريين. ونقلت وكالة “رويترز” عن قائدين عسكريين قريبين من الجماعة التي تحتجز الجنود قولهما في مكالمة هاتفية ان المطالب ارسلت الى الحكومة اللبنانية والجيش. كما نقلت عن مسؤول امني ان المتشددين قدموا اسماء نحو 20 متشددا اسلاميا محتجزين وطالبوا بالافراج عنهم. وقال أحد المتشددين اللذين تحدثا الى “رويترز”: الامر بسيط، جنودهم مقابل الرهائن الاسلاميين”.