يقال في اوساط مقربة من حزب البعث ان الرئيس بشار الاسد مرتاح الى وضعه في السلطة بعد كل المعاناة التي مر ويمر بها منذ اكثر من ثلاث سنين، ويعيد هؤلاء الاسباب الى انشغال العالم العربي كل بمشاكله، اضافة الى انشغال العالم الغربي، واميركا تحديدا بالملف النووي الايراني، فضلا عن الملف الاوكراني الذي يكاد يعيد الحديث عن الحرب الباردة بين روسيا والعالم الغربي، مع كل ما يعنيه ذلك من امكان تطور الاحوال في منطقة البلطيق الى ما يشبه التطورات التي حتمت الحرب على المانيا الهتلرية (…)
ومن ضمن ما قاله الاسد تعبيرا عن ارتياحه الى وضعه، ان «الدول العربية والغربية التي دعمت الارهاب ستدفع ثمنا غاليا، متناسيا ان نظامه يقف وراء اطلاق ارهابيي داعش وسواهم في غير اتجاه، لاسيما بعد تحريك الارهابيين باتجاه لبنان والعراق تحديدا، من غير حاجة الى القول انه اكد السعي الى مصالحات داخلية على امل امتصاص النقمة التي احدثتها حربه في اكثر من اتجاه سياسي وامني – عسكري!
واللافت ايضا ان الاسد لا يزال يراهن على ضرب مواطنيه ببعضهم على امل تغيير دفة الاتجاه الحربي كي لا يفوته قطار المصالحة الحزبية مع سواه، على امل احياء الائتلاف الوطني ضد الثورة والمعارضة السورية. كما كرر دعوته الى ما وصفهم بانهم قد غرر بهم للايحاء بانه قادر على امتصاص النقمة بالنسبة الى كل من استشهد من خصومه جراء الاعمال الحربية او نتيجة التقاتل الداخلي المجرم الذي ادى الى مصرع الالاف من السوريين في ارض المعارك، بما في ذلك مقتل الذين توزعوا على المعتقلات من دون ان يجدوا ما يسد رمقهم؟!
كذلك، فان اللافت ايضا ان الاسد لم ينس شكر روسيا والصين «اللتين احترمتا قرار الشعب السوري»، ظنا منه ان الحرب لم تكن لتصل، لولا دفاعه الشخصي عن مواثيق الامم المتحدة وفي احترام سيادة الدول الشقيقة والصديقة، من غير ان ينسى ايضا توجيه الشكر الى «الاوفياء من ابناء المقاومة اللبنانية» اي حزب الله وبعض الاحزاب الدائرة في نطاق البعث الذين لهم حسابات خاصة على الساحة السورية من غير حاجة الى تفصيل ماهية تلك العلاقة بما في ذلك حسابات هؤلاء السياسية المعروفة من الجميع؟!
والسؤال المطروح في سياق ما ركز عليه الاسد، مفاده ان الدول التي دعمت الارهاب ستدفع الثمن غاليا من غير ان يحدد الطريقة التي تكفل له تحقيق ذلك، الا اذا كان المقصود شن حرب عليها وهو المحاصر في حربه الداخلية، الى حد الحاجة الى تدمير البقية الباقية من المدن والبلدات والمناطق السورية، خصوصا تلك التي دمرتها مدافعه وطائراته وبراميله المتفجرة التي تحتاج الى اعادة بناء من جديد، بعكس ما قال الاسد عن «مرحلة جديدة مختلفة تكفل محاربة الفساد الذي كان العنوان الاساسي في المطالبة بتغيير النظام، من غير حاجة الى طرح الاسماء في هذا الصدد، كونها مرتبطة عضويا بحرب البعث وبعائلة الاسد المعروفة بنزقها السياسي والمالي (…)
واذا كان الاسد قد ركز على ان «لا تعايش بعد اليوم ولا تسامح مع خصومه، فانه قد شدد على التكامل والتجانس مع الحلفاء الذين ساعدوه على تجنب انهيار نظامه الذي بدأ بحتمية التغيير الى درجة توحي وكأن لا مجال بعد اليوم لان يكون في سوريا نظام يحترم نفسه ويحترمه العالم المتمدن، من غير حاجة الى الاشارة لدور من جانب روسيا والحليف الغبي الاخر (الصين الشعبية) المستعدة لان تبيع الدب وجلده قبل اصطياده، وهذا من ضمن صفقات اقل ما يقال فيها وعنها انها «سياسة تبادل المنافع»؟!
ولجهة ردود الفعل بالنسبة الى ما قاله الاسد «في خطاب العرش»، فان ردود الفعل سجلت اشارة من واشنطن الى ان رفض الاسد التنحي «يساهم في اطالة امد معاناة شعبه»، لافتة الى انه يقف حجر عثرة في طريق السلام ومستقبل سوريا»، من غير ان تشير واشنطن الى ما ستفعله في حال استمرت الحرب في سوريا باستثناء القول انها ستساعد القوى المناهضة للاسد (…)
في غضون ذلك كان رد من جانب الهيئة التأسيسية في الائتلاف المعارض، وصف خطاب الاسد بــ «المهزلة التي لا يمكن تفسيرها»، في الوقت الذي تستمر الحرب من غير حاجة للقول ان الاسد حقق انتصارات ماجنة في اتكاله على الروس والصين وحزب الله والاحزاب الحليفة، من دون ان يتمكن من اقناع احد بانه صامد في موقعه، طالما ان الحرب لا تزال مشتعلة في اكثر من منطقة سورية، والشيء بالشيء يذكر بالنسبة الى خصوم الاسد من الدول العربية المتفقة على مناهضته، من غير حاجة الى شن حرب عليه؟!