ان تعتقل مخابرات الجيش الخارجين عن القانون، ولاسيما الارهابيين منهم، ليس بجديد على هذا الجهاز الذي برهن في اكثر من حالة عن مهنية مشهود لها من اجهزة عالمية. الا ان توقيفها اثنين من المتورطين في اطلاق الصواريخ على اسرائيل حظي باهتمام واسع، ليس فقط محليا بل عربيا واقليميا ودوليا ايضا، وبارتياح كبير لدى قيادة “اليونيفيل” في الناقورة ولدى قيادة “قوة حفظ السلام” في نيويورك، لأن معرفة مطلقي الصواريخ هو تمهيد لكشف هوية الجهة التي تقف وراءهما وسائر المشاركين في الفترة الواقعة بين 11 تموز و14 منه، حيث تمكن الفلسطينيان خليل خراز وشقيقه حسن من نقل الصواريخ الى اماكن اطلاقها.
وفي المعلومات المتوافرة ان عددا من الملحقين العسكريين في سفارات دول كبرى في بيروت حاولوا جمع تفاصيل عن انتماء الاخوين خراز وهل تصرفا بقرار شخصي ام ان جهة فلسطينية معينة هي التي سلمت الصواريخ؟ صحيح انهما من التابعية الفلسطينية، لكن ذلك لا يخولهما توريط لبنان في مواجهة مع اسرائيل من اجل حفنة من الصواريخ ساهمت في ادخال الرعب الى العمق الاسرائيلي وانزلت السكان الى الملاجئ، الا ان اسرائيل التي تقاتل “حماس” ردت على الفور بقذائف مدفعية عديدة. صحيح انه لم تسجل اصابات بشرية، لكن تل ابيب سارعت الى تقديم شكوى الى مجلس الامن، وسترد وزارة الخارجية والمغتربين بمثلها امام المجلس عينه، ريثما تحيل وزارة الدفاع الوطني تفاصيل الاعتداءات على لبنان، وفي الشكوى الرسمية التي سيقدمها مندوب لبنان لدى المنظمة الدولية نواف سلام، سيؤكد للمجلس ان الدولة العبرية هي التي خرقت وقف القرار 1701، واذا استمرت على هذا المنوال فإن ذلك سيؤدي الى تصعيد خطير قد تفتعله اسرائيل. وما انفك المنسق الخاص للامم المتحدة ديريك بلامبلي يجول على عدد من الزعماء موحيا أن استمرار اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان سيشكل حافزا سياسيا لتشن اسرائيل هجوما على مواقع داخل لبنان، وهو ما يزيد المشاكل التي يعانيها، كالفراغ في رئاسة الجمهورية وترسيخ الشلل في كل من مجلس النواب والحكومة.
وأفادت دوائر ديبلوماسية “النهار” ان توقيف الاخوين الفلسطينيين امر بالغ الاهمية لأسباب عدة منها خفض التوتر الى ادنى مستوياته على الجبهة الجنوبية، وهذا خرق للتفاهم القائم مع الفلسطينيين وخرق لما تعهد به الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اكثر من مناسبة، سواء في الناقورة او في اقصى نقطة من الحدود. وشددت على اهمية سوق الموقوفين امام المحكمة بسبب توريط الدولة في حرب ليست مستعدة لها.
وابدت اهتماما بمعرفة هوية المرتكبين من الفلسطينييين، معتبرة ان اخوين اثنين ليس في وسعهما توريط لبنان بتراشق صاروخي ومدفعي. صحيح ان اي اصابات بشرية لم تقع، لكن استمرار التراشق يمكن ان يؤدي الى مواجهة.
وأكدت قيادات سياسية وحزبية ان ضبط الحدود لا يعني ان اسرائيل لم تعد عدوا، بل على العكس من ذلك، على الحكومة ان تتقيد بالقرار 1701 الذي يفترض ان يؤدي الى تحرير ما تبقى من اراض محتلة.
وقالت انها تؤيد تصرف السلطات الامنية، وعلى القضاء المختص معاقبة هؤلاء لوضع حد لتصرف بعض الفلسطينيين المنتمين الى فصائل تعارض الرئيس عباس، لكن لا يجوز لهم تحت اي ذريعة جعل لبنان ينزلق ويبرر لاسرائيل الاعتداء، ايا يكن حجمه، ما دامت الدول العربية المحتلة اراضيها لم تتخذ قرارا بمواجهة اسرائيل.