IMLebanon

استباحة… قيد النجاح!

لا يحتمل خطر الفراغ الرئاسي الزاحف انتظار سقوط الجمهورية لرفع الاصوات بتحميل المسؤوليات بمفعول رجعي لأن هذا الذي يجري التآمر عليه ليس مجرد منصب ولا كرسي، بل هو موقع رئيس الجمهورية. نقول ذلك وقد راعنا مع ما تبقى من دستوريين متجردين في هذا البلد المصاب بأسوأ انحدار وهبوط وتحلل في الثقافة الدستورية والديموقراطية، ان تبلغ الاستباحة الجارية للاستحقاق الاول هذا المنحدر في التواطؤ التآمري على المهلة الدستورية، والإمعان في استهلاكها تحت مسميات زائفة ومزورة لروح الدستور والأهداف الحقيقية للتشريع بما يمسخ النظام اللبناني مسخاً أشد خطراً من الممارسات التي فرضت ايام الوصاية السورية.

ولا نغالي في القول ان فراغاً مهرولا ليل ٢٤ – ٢٥ أيار الى قصر بعبدا لن تكون وطأته مماثلة لتلك التي تركها فراغ عام ٢٠٠٧ بل اشد خطورة بكثير مما يتناهى او يراد له ان يمرر ويدبر في شيء انقلابي. هذا الفراغ الرابع المحتمل في تاريخ الجمهوريتين الاولى والثانية عبر نهايات عهود الرؤساء كميل شمعون وامين الجميل واميل لحود وصولا الى نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان، اذا التحقت التجربة بسابقاتها، سيمسي في ظل الخطر الآتي رصاصة الرحمة فعلا في رأس الجمهورية والنظام ولا حاجة بعد ذلك الى رفع العويل والتخويف من مؤتمر تأسيسي لانه سيصبح في حيز تحصيل الحاصل ولو انكر السعي اليه كل الناكرين والمنكرين.
لم تعد ظروف لبنان ووقائعه تنطبق على مقاسات ونماذج سابقة حتى تلك الأقرب منها كفراغ عام ٢٠٠٧ بل ان ستة اعوام فقط من عهد الرئيس سليمان كانت وحدها كافية وناطقة بثقل الصراع المحموم بين المنحى الدستوري والمنحى الاستقوائي على الدستور الى ان انفجر هذا الصراع بذرواته ليس في استرهان الدولة فحسب بل في اخضاع الاستحقاقات الديموقراطية الانتخابية للمنحى الاستقوائي تماما. ولا يقل تعطيل نصاب الجلسات الانتخابية بعد تكريس مثير للشكوك والريبة لنصاب الثلثين الدائم عن تحجير بالقوة القاهرة على ارادة المشرع مهما تفنن اصحاب الفتاوى والاجتهادات في إيهام اللبنانيين بذرائعهم.
ولعل الآسوأ من كل ذلك ان تمضي الطبقة السياسية في خبث قاتل بين مستسلمين ومتواطئين كأنها تنقاد قصدا او عفوا، ولا فارق في النتائج، نحو ازهاق الاستحقاق ضمن مهلته وكأن الفراغ صار عرفاً او حالة مألوفة لا يرف حيالها جفن. انه صمت المتواطئين او الخانعين بكل المعايير المدمرة للنظام. وانها الاستباحة الشاملة للدستور الذي يفرض واجب النصاب والحضور والانتخاب ولا يسوغ الفراغ باي وجه. وأنها لكارثة مقبلة لا يبدو ان كثيرين يدركون مدى تداعياتها وانعكاساتها. أما والفراغ يقرع باب القصر فأقل الإيمان الا تقيد الكارثة “ضد مجهول” اجهز على الجمهورية.