بات واضحاً أن جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية الثلاثاء المقبل ستكون كسابقاتها، ولن تفضي الى حصول انتخاب، لانعدام التوافق الداخلي على مرشح واحد، وغياب أي بوادر خارجية فعلية يمكن أن تساهم في التأثير على الأفرقاء لانتخاب رئيس.
إلا أن هناك استحقاقاً مهماً في التاسع من أيلول الجاري، قد يؤثر في الملف اللبناني. وهذا الاستحقاق، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة، هو موعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة رئيس الوزراء الذي تم تعيينه حيدر العبادي، والذي كان لديه مهلة شهر للتشكيل. فاذا شكلت حكومة وحدة وطنية ضمت الشيعة والسنة وحظيت بموافقة خليجية اساسية، يعني ان ايران تقدم تسهيلات في ملف العراق، ويؤمل بالتالي ان تقدم تسهيلات في ملفات اخرى في المنطقة ومن بينها الملف اللبناني، واستمرار التقاطع في المواقف الغربية الخليجية الايرانية حيال حكومة العراق، يعني أيضاً أن فتح باب البحث وامكان التقاطع حيال لبنان بنسبة 50 في المئة، بعدما كان تعيين العبادي فتح هذا الباب بنسبة 25 في المئة، ولم يكن الامر كافياً لكي ينسحب على لبنان. الانظار متجهة مجدداً الى الملف العراقي وما يمكن ان يعكسه من تطورات في ملفات اخرى، في ضوء وجود موقف خليجي أبلغ الى ايران، وهو انه لا يمكن القبول بأن تكون لايران اليد الطولى في كل من ملفي العراق وسوريا معاً، وانه يجب التخلي عن التأثير في احد الملفين. الباب فتح في الملف العراقي من دون ان تتخلى ايران عن نفوذها في العراق، انما ابدت مرونة، قد تستكمل بحكومة تحظى بموافقة الخليج.
لكن اذا لم يحصل التقارب الموعود، فان ملف لبنان سيرحّل بانتظار ما ستؤول اليه المفاوضات الغربية الايرانية، حول الملف النووي الايراني، وازالته، مقابل ازالة العقوبات الدولية كاملة عن ايران. في 24 تشرين الثاني المقبل، هناك استحقاق دولي مهم وهو معرفة مصير هذا التفاوض. مع ان ديبلوماسيين يرجحون فشله، وآخرين يرجحون نجاحه، الا ان التفاهم النهائي حول النووي سيطلق حتماً مرحلة جديدة من بداية حوار حول قضايا المنطقة ومن بينها لبنان.
وفي هذه الاثناء، طلبت دول بارزة، من رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون تسمية مرشح للرئاسة. الا انه لم يقبل بعد بذلك، ولا يزال يتمسك بترشحه شخصياً.
واذا جرى التقارب حيال تشكيل حكومة عراقية، لن ينعكس فقط على لبنان، انما ايضاً على ملفات المنطقة خصوصاً التي تهم الخليج، وفي مقدمها ملف البحرين حيث لوحظ ضبطه في حدود معينة خلال مرحلة التفاوض الغربي مع ايران. ثم هناك ملف اليمن، يليه ملف لبنان، ومن ثم الملف السوري. وملف لبنان التفاهم حوله أسهل من الملف السوري، نظراً الى طبيعة الأزمة، اي ضرورة التوافق على رئيس. اما في سوريا فالامور اصعب لان التفاهم مطلوب حول عملية تركيب السلطة.
وتشير المصادر الى ان انتخاب الرئيس في لبنان كان يحصل دائماً بالتزامن مع اجواء انفراجات اقليمية او اقليمية دولية. ولا يستبعد حصول الانتخاب من جراء مزيد من التقارب الخليجي الايراني، الذي انتقل من توجيه الرسائل المتبادلة غير المباشرة، الى الزيارات الرسمية، وان كان الحوار الجدي والفعلي لم يبدأ بعد، ولا يمكن تسمية ما يحصل حتى الآن حواراً، وهي كلمة كبيرة، كما لا يستبعد حصول الانتخاب في ظل النجاح المحتمل للتفاوض الدولي مع ايران.
وتؤكد المصادر، انه على الرغم من الصعوبات الحاضرة امام انتخاب الرئيس، الا ان الحركة الدولية حول لبنان لم تتوقف، فهناك حركة يقوم بها سفراء اجانب بين الولايات المتحدة وروسيا وايران والخليج، تتناول ملف لبنان وضرورة السعي للتوصل الى تفاهم لبناني على رئيس توافقي، ومن غير الواضح حتى الآن ما اذا كانت هذه الحركة ستفضي الى نتيجة.
هناك توقعات ديبلوماسية بأن يزداد دور الخليج ويتعمق اكثر في ما خص الحسم في ملفات المنطقة لا سيما الملف اللبناني، وهذا قد يستغرق وقتاً. مقابل ذلك تعمد ايران الى ابداء مرونة قد تؤدي الى حصول تقاطع في المواقف الاقليمية يستفيد لبنان منها.