IMLebanon

استغفر الله (2)

بعدما قرأنا خطاب أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصرالله رأينا أنّ هناك نقاطاً عدة مهمة جداً أثارها نريد أن نتوقف عندها:

أولاً- كان يحذّر من أنّ الوضع خطير وخطيراً جداً وحسّاس ويجب أن نتجاوز الخلافات لنتناقش بشأنه.

حول هذه النقطة نقول: كم جلسة حوار عُقدت حتى اليوم، ورئيس الجمهورية، الله يوجّه له الخير، العماد ميشال سليمان، قدّم «إعلان بعبدا» وتعهّد الجميع بالتوصّل الى الاستراتيجية الدفاعية… وطلع النائب محمد رعد ليعلن الموافقة على «إعلان بعبدا»… ويعرف الجميع كيف تراجع الحزب عن تلك الموافقة! واضطر الرئيس سليمان الى تقديم الإثبات على الموافقة التي تراجعوا عنها؟!

فمن هو الذي ستكون له الثقة بأنّ الحزب سيلتزم بما يوافق عليه؟

ثانياً- يقول إنّه يجب انتخاب رئيس جمهورية، وهو يتمسّك بميشال عون، وهو يعرف مئة في المئة أنّه من المستحيل أن يقبل المسيحيون بعون ولا 14 اذار تقبل به. ولا حل إلاّ بالتوافق بين 14 آذار و8 آذار كما جرى بالنسبة الى حكومة المصلحة الوطنية برئاسة الرئيس تمام سلام… جرّبوا حكومة اللون الواحد برئاسة نجيب ميقاتي، ففشلت فشلاً ذريعاً، وكانت النتيجة ما يعرف الجميع… الى أن عادوا الى حكومة الوحدة الوطنية التي من حسن حظ لبنان أنّها موجودة في السراي في هذه المرحلة الدقيقة.

فلا ميشال عون ولا سمير جعجع يمكن أن يصلا الى رئاسة الجمهورية، ولا بدّ من رئيس مقبول من الأطراف كافة أو من معظمها بأقل تقدير.

ثالثاً- يكرّر سماحته أنّه يقاتل في سوريا كي لا يأتي الإرهاب الى لبنان، والقاصي والداني يعرفان أنّ ذلك التورّط استدرج المقاتلين السوريين الى هنا، فالسوري يقول: لقد جاء «حزب الله» الى سوريا ليقتلني، ليقتل أخي وولدي وابن عمي الخ… وأنا سأذهب الى لبنان لأقاتله… ولا ننسى أنّنا عرب وقبائل وعشائر.

ثم هل يفوت السيّد حسن نصرالله أنّ الشيعة في لبنان عددهم مليون نسمة، بينما السنّيون في سوريا عددهم 20 مليوناً.

رابعاً- أمّا أن يكون «حزب الله» يدافع عن النظام السوري فهنا ملاحظتان:

الأولى: أنّ النظام هو الذي «ابتكر» وعزّز «النصرة» و»داعش».

والثانية: أنّ هذا النظام الذي يصفه سماحة الأمين العام بأنّه مقاوم وممانع هو الذي لم يطلق طلقة واحدة على إسرائيل منذ العام 1973:

أ- ضربت إسرائيل المفاعل النووي السوري في «القائم»… ولم يرد النظام تحت الشعار الأثير: «نحن نقرّر مكان وزمان الرد ولن نسمح للعدو أن يستدرجنا الى التوقيت والمكان اللذين يناسبانه»!

ب- ضربت إسرائيل قاعدة عسكرية سورية بالغة الأهمية، في منطقة «عين الصاحب» قرب دمشق، وكان الموقف السوري ذاته، تحت الشعار الأثير ذاته.

ج- إغتالت إسرائيل الجنرال الايراني حسن الشاطري الذي كانوا يسمونه في لبنان المهندس حسام خوش نويس الذي كان المشرف على التدريبات العسكرية لـ»حزب الله» والجيش السوري، وهو كان مساعد قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني… وأحدثت الغارة دوياً وشبه هزة أرضية هائلة توازي 6 درجات على مقياس ريختر واستمرت طويلاً… ومع ذلك «نحن نقرر مكان وزمان الرد»…

وهنا يحضرني كلام الإمام علي رضي الله عليه: «إذا دعوتكم الى القتال أيام الحرّ قلتم «أمهلنا ينصرم عنا قيظ الحر» وإذا دعوتكم الى القتال أيام القر قلتم «أمهلنا ينصرم عنا البرد والقر» كل هذا وأنتم من السيف أفرّ يا أشباه الرجال ولا رجال حلوم الأطفال وعقول ربات الحجال»..!

خامساً- وأمّا احتفال سماحة السيّد حسن نصرالله بـ»النصر الإلهي» في حرب تموز 2006 فقد ذكّرنا مراراً وتكراراً بالخسائر الفادحة التي لحقت بالحزب ولبنان (من ألف قتيل و5000 جريح وتدمير الضاحية وبلدات الجنوب والبنى التحتية اللبنانية في مختلف المناطق بما قدّره الخبراء بـ15 مليار دولار).

مع الإشارة الى أنّ إسرائيل دفعت في اجتياح العام 1982 بـ150 ألف ضابط وعسكري وحاصرت بيروت 100 يوم، بينما في العام 2006 دفعت فقط بستة آلاف ضابط وعسكري… وهذه الأرقام تتحدّث عن ذاتها بذاتها…

وهل فات سماحته كيف كانوا يناشدون فؤاد السنيورة أن تتدخل حكومته لدى أصدقائها في العالم للحصول على قرار وقف إطلاق النار من مجلس الأمن الدولي؟.. ونحن نحترم محاولتهم حفظ ماء الوجه أمام جمهورهم.

ولكن الحقيقة يجب أن تُعرف وتُقال.