بضع نقط بارزة كانت لافتة في بيان «تكتل الإصلاح والتغيير» الذي تلاه، أمس، الوزير السابق سليم جريصاتي، نتوقف عند بعضها:
أولاً- الدعوة الى التمييز بين وصف السوريين الذين دفعت بهم الأحداث الدامية في سوريا الى لبنان بين تسمية «نازحون» أو «وافدون» أو «لاجئون».
طبعاً إنّ اللغة العربية واسعة، ونحن نعرف المدلولات القانونية لكل من تلك التسميات، ولكننا نود أن نقول لجريصاتي إنّ هذه القضية يدور حولها خلاف كبير، فهناك قسم كبير من اللبنانيين متعاطفون مع الثورة السورية، وقسم آخر منهم له مصالح مع النظام، والتسمية بين وافدين ولاجئين ونازحين لا أهميّة لها إزاء هذا الإنقسام الأساسي في الرأي العام اللبناني، ولكن الحقيقة في يقيننا واضحة: فالسوريون سيعودون الى بلدهم بعد انتهاء الأحداث ولن يبقوا في لبنان دقيقة واحدة.
ثانياً- طالب بلجنة حدود مشتركة مع سوريا على غرار اللجنة اللبنانية – الاسرائيلية…
وهنا أود أن أهنئه من كل قلبي على هذه المطالبة… يعني يجب أن نتعامل مع النظام السوري مثلما يتم التعامل مع الكيان الإسرائيلي… فعلاً إنّه حليف «بياخد العقل»! ومن كان عنده هكذا حلفاء ليس في حاجة الى أعداء!
ثالثاً- أسهب في الكلام على انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة إنطلاقاً من مبادرة النائب ميشال عون في هذا الصدد التي ولدت ميتة بعدما رفضتها الأطراف اللبنانية الأخرى بشبه إجماع لأسباب مختلفة وعديدة.
ومعلوم أنّ نظامنا اللبناني مركّب على أساس بنود دستورية معلومة، ما يعني أنّه لا بد من تعديل دستوري لتحقيق تلك الفكرة التي لسنا ضدّها من حيث المبدأ.
ولكن نحن عاجزون عن عقد مجرّد اجتماع تشريعي عادي لمجلس النواب… مجرّد جلسة يحضرها 65 نائباً، ويمكن أن تقر المشاريع العادية فيها بأكثرية 33 صوتاً… نحن عاجزون عن ذلك… فمَنْ يمكنه أن يتوقّع عقد جلسة يتم خلالها إقرار تعديل دستوري بأكثرية ثلثي عدد النواب جميعهم؟
ألَيْس هذا تصوّراً واهماً، وغير معقول حتى في ظروف طبيعية فكم بالحري في الظروف التي يجتازها لبنان حالياً؟!.
رابعاً- الإصرار على عقد جلسات المجلس والتشريع…
وهذا أمرٌ ضروري في الظروف العادية، ولكن في ظرفنا الراهن لا يجوز التمادي في تجاوز مرحلة الفراغ الرئاسي وكأنّها لم تكن… أقلّه مراعاة لشريحة كبيرة هي شريكة أساسية في هذا الوطن، عنيت بها المسيحيين اللبنانيين بأكثريتهم الساحقة!
هذا من حيث المبدأ، أمّا من حيث التفاصيل فثمة ملاحظتان، الملاحظة الأولى أنّ من يتقدّم باقتراحات وتعديلات جذرية يجب أن تكون تجربته في الحكم مختلفة عن تجربة فريق عمل الجنرال، خصوصاً أنّ ما نعانيه من أزمات في قطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات هو من مخلفات تولي وزرائه مسؤولية تلك الحقائب، وبالذات الوزراء جبران باسيل وشربل نحاس ونقولا الصحناوي.
والملاحظة الثانية أنّ أزمات الوطن الكبرى لا تزال بذورها مزروعة في أرض الحروب التي خاضها الجنرال، وتسبّبت بالويلات والمآسي (…)، حرب التحرير وحرب الإلغاء وحرب 13 تشرين 1990.