IMLebanon

الأخطر من المواجهة استكمال الغاء الحدود عرسال تطلق الاختبار الحاسم أمنياً وسياسياً

بادر قائد الجيش العماد جان قهوجي بالنسبة الى بعض المراقبين الى نزع فتيل مقلق وخطير في تطورات انفجار الوضع الامني في عرسال بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة سورية، من خلال طمأنة الخائفين الى ان ” عرسال بلدة عزيزة ونريد ان نحافظ عليها ” في اشارة مضمرة الى ان لا اجندة امنية خفية يخشاها اطراف كثر في ما يحصل من تطورات تستهدف البلدة. فمفاعيل الحملات الاعلامية والسياسية التي تفعل فعلها منذ ما يزيد على سنة ونصف سنة وعلى اثر انخراط “حزب الله” في الحرب السورية بدت وكأنها تضع البلدة على قارعة انتظار اللحظة الملائمة للاستهداف او ” التنظيف ” كونها موئلا من موائل لجوء معارضي النظام. ويساهم في تعزيز المخاوف الاستهداف المتواصل من النظام عبر طائراته لجرود عرسال بذريعة ملاحقة المسلحين اضافة الى حسابات سياسية لافرقاء كثر محليين وغير محليين يمكن ان تدخل على الخط من اجل تحقيق اهداف معينة. فلم يخف سياسيون بعد ساعات على انفجار الوضع الامني في عرسال خشية وضع مشابه مثلا لما حصل في صيدا وحارتها من اجل وضع حد لتحرك الشيخ احمد الاسير. ما يترجمه ذلك هو ترقب لاحتمال انخراط “حزب الله” الى جانب الجيش في مواجهته للمسلحين الذين يتحصنون في عرسال وما يمكن ان يعنيه ذلك من اتجاهات تؤثر على صدقية الجيش من جهة ويمكن ان تشعل بيئة باتت قابلة للاستغلال من تنظيمات كما تنظيم داعش على غرار ما حصل في العراق من جهة ثانية. ذلك علماً ان مصادر معنية استبعدت ذلك مبدئياً نظراً للخطورة التي ينطوي عليها هذا الامر في هذا التوقيت بالذات وعدم امكان سماح ايران بان تتسبب بما يمكن ان يورط “حزب الله” في حرب داخلية باتت الاجواء مهيأة لها اكثر من السابق نظرا لعدم امكان تحمل وطأة استهداف امتدادها في لبنان بعد ما بات يواجهه نفوذها في سوريا والعراق.

الأصداء السياسية للحدث من جانب القوى الاساسية الفاعلة كانت إيجابية لجهة الإجماع على دعم الجيش على نحو يؤمل بامكان البناء عليه، الا ان مواقف بعض السياسيين سارعت الى المساهمة في إذكاء مشاعر عدم الثقة وما يمكن ان يخبئه حدث امني من ابعاد خطيرة من غير المحتمل ان يقتصر على الحدود التي يجري فيها. فلم تمنع هذه الاصداء الايجابية عودة ظهور الانقسامات في ظل التداخل القوي بين واقع استباحة عرسال وتحميل قوى لبنانية اساسية “حزب الله” مسؤولية استدراج الجماعات المتطرفة الى الداخل اللبناني. اذ اعلن تيار المستقبل موقفاً مهماً داعماً الجيش بكل قوة رافضاً تبرير أي انتهاك للسيادة اللبنانية وأمن لبنان من جانب اي طرف سوري بحجة تورط حزب الله في الحرب السورية مطالبا الحزب في الوقت نفسه بالانسحاب من سوريا. فيما دعا الحزب الى مواجهة التنظيمات الارهابية بعيدا من ايجاد التبريرات لها كما قال.

اذا اخذ الحدث الامني في عرسال بما هو عليه وفقاً لما حدده الجيش اللبناني، فان عودة ظهور الانقسامات السياسية على حدتها قد لا يكون وحده الانعكاس الأخطر. بل ان التطورات الأمنية قد تكون الاخطر في فصول انعكاسات الازمة السورية وربما ايضاً بمفاعيل ارتدادات التشظي العراقي نتيجة اعتبارات عدة: اذ ان انتقال التنظيمات المتطرفة الى لبنان والغائها للحدود في اتجاه داخل منطقة عرسال من الجهة اللبنانية وان بدا مماثلاً للبعض لالغاء “حزب الله” الحدود مع سوريا وعبوره الى الداخل السوري، قد يكون استكمالاً لما جرى من الغاء للحدود بين العراق وسوريا. وتالياً فان لبنان بدا على خط الزلازل اكثر من اي وقت مضى من عمر الازمة السورية. ثم ان العامل الأخطر الآخر تبدى مع تأكيد قائد الجيش ان معظم المسلحين الذين اقتحموا بلدة عرسال وهاجموا مراكز للجيش في محيط البلدة خرجوا من مخيمات النازحين السوريين في عرسال التي تؤوي اكثر من ستين الف نازح سوري بما يكشف فداحة ثغرات تعاطي السلطات اللبنانية مع ملف النازحين السوريين. ما يجعل مخاوف كثر من ان يكون لبنان ينام على قنبلة موقوتة واقعية تستغل راهنا من أطراف سياسية عدة ويمكن استغلالها اكثر في المدى المنظور كما الحال بالنسبة الى توظيف واستغلال امتداد داعش في اتجاه لبنان.

ثالثاً: تكتسب طبيعة المواجهة في عرسال ومحيطها تعقيدات كبيرة وخطرة مع عدم استبعاد تحركات خارج اطار مسرح العمليات في البقاع وهو الامر الذي بدا مع تحرك مسلحين في طرابلس واضطرار الجيش وقوى الأمن الداخلي الى التعامل معه بالنار مع ما يحمل ذلك من مخاطر تهديد مصير الخطة الامنية في المدينة.

وفي ما يبدو التطور الامني الخطير في عرسال ومحيطها اختباراً حقيقياً للقوى السياسية من أجل منع اختلال الاستقرار النسبي في هذه المواجهة التي تستشعر جميع القوى خطورتها الفائقة، لا يخفي كثر علامات استفهام تطرح حول ما اذا كانت خطورة الوضع ستشكل عاملاً محركاً لتطورات سياسية محددة على وقع اعتقاد يصعب دحضه بالنسبة الى مراقبين كثر. وهو يختصر بواقع ان بعض الاحداث الامنية الخطيرة هي التي يمكن ان تستولد وضعاً سياسياً يسهل رفضه في اوضاع عادية نسبياً. والتطلع في هذا الاطار يطاول موقع رئاسة الجمهورية تحديدا.