IMLebanon

«الأزرق» يبارك للجنرال عودته إلى قواعده سالماً!

«الأزرق» يبارك للجنرال عودته إلى قواعده سالماً!

معادلة «التكتّل»: «الأرثوذكسي» أهم من اسم الرئيس

إذا كانت الجلسة المحددة اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية هي لزوم ما لا يلزم من حيث المضمون، فلا ضير بالتركيز على الشكل. هي الجلسة التاسعة التي يدعو إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري. لم تقترب بعد من الرقم القياسي المحقق في العام 2008 (في الجلسة العشرين انتخب الرئيس ميشال سليمان) لكن كثراً صاروا على قناعة أن رقماً جديداً سيتحقق في الاستحقاق الحالي.

المشهد نفسه سيتكرر في مجلس النواب. أعضاء كتل «القوات» و«المستقبل» و«الكتائب» و«التنمية والتحرير» و«اللقاء الديموقراطي» وعدد من المستقلين سيتوافدون إلى القاعة العامة للمجلس، فيما يتولى أحد الموظفين تعدادهم، وإعلان أرقام يتلقفها الصحافيون الذين يقل اهتمامهم بالاستحقاق مع كل جلسة. بين ستين وسبعين نائباً هو المعدل الذي جرت العادة على حضوره إلى المجلس، قبل أن يعلن رئيسه تأجيلاً جديداً.

في الجلسة الأخيرة، كانت المبادرة التي أطلقها العماد ميشال عون (انتخاب الرئيس من الشعب وإجراء الانتخابات النيابية وفق قانون يؤمن المناصفة) مادة دسمة لإطلاق العنان لمجموعة من المؤتمرات الصحافية التي خصصت للرد أو الرد على الرد. وفي جلسة اليوم، يتوقع أن لا يتغير المشهد كثيراً، خاصة أن الفترة الفاصلة بين الجلستين شهدت شبه مبادرة من الرئيس الحريري (البحث عن اسم توافقي وتقديم انتخاب الرئيس على الانتخابات النيابية)، كما شهدت رداً عالي النبرة من «اللقاء المسيحي» وتلاه رد على الرد من الحريري، قبل أن يخرج عون من الرابية، أمس، برد أكثر وضوحاً، وإن رفض تسمية الحريري بالاسم.

وإذا كان الحريري اعتبر أن انتخاب الرئيس من الشعب يشكل مساساً بدستور الطائف، فقد أكد عون أن المناصفة الفعلية و«إحقاق الحق» هي أساس «الطائف». الأهم أن رئيس «تكتل التغيير» فرض معادلة جديدة، معلناً أن اسم الرئيس ليس أولوية إنما قوانين الانتخاب. قطع عون سريعاً الطريق أمام أي حديث عن اسم توافقي للرئاسة، معلناً أن المعركة هي معركة «حقوق». وبعدما كان يكتفي بالحديث عن قانون انتخاب يؤمن المناصفة، سمى للمرة الأولى «قانون اللقاء الارثوذكسي» بالاسم.

الأهم أن عون استطاع أن يخلق معادلة جديدة، مفادها أن انتخاب الرئيس ليس الأولوية إنما قانون الانتخاب. وعليه، إذا أقر قانون الانتخاب الذي يؤمن المناصفة لن يكون هناك مشكلة في من يأتي رئيساً. يقول أحد المقربين من عون أكثر من ذلك: «إذا أقر قانون انتخاب جديد يمكن عندها أن يعلن عون سحب ترشيحه إلى رئاسة الجمهورية، لأنه لن يكون اسم الرئيس مهماً إذا عادت الحقوق إلى أصحابها».

في رد فعل أولي لكتلة «المستقبل»، يؤكد أحد أعضائها أن عون فهم الرسالة أخيراً وعاد إلى قواعده سالماً. أما في مضمون طرحه، فلا يرى المصدر فيه إلا دعوة لتغيير النظام كبديل عن وصوله إلى الرئاسة.

باختصار صارت المعادلة العونية كالتالي: إما رئيس قوي، أو مجلس يستطيع المسيحيون أن يختاروا نصف نوابه. وإذا كان عون قد قدم خياراً معاكساً لخيار الحريري: الانتخابات النيابية أولاً لا الرئاسية، فإن ذلك يعني استعادة مرحلة ما قبل التمديد للمجلس النيابي الحالي قريباً. أما الحديث عن احترام موقف الكتل المسيحية رئاسياً ودعوتها إلى الاتفاق على اسم رئيس، فذلك ليس بحسب المقربين من عون سوى ذر للرماد في العيون، وإنكار لحقيقة أن كتلة عون هي الكتلة الأكثر تعبيراً عن المسيحيين. لكن الرئيس نبيه بري نفسه يتحدث عن «ما يقرره المسيحيون نسير به» وليس الحريري فقط. يعود المصدر بالذاكرة إلى ما قبل التمديد للمجلس الحالي: حينها قال بري إنه يؤيد ما يتفق عليه المسيحيون، وأقرن القول بالفعل من خلال تأييده لاقتراح «اللقاء الأرثوذكسي»، قبل أن ينقلب «القوات» على توقيعه.

يعوّل هؤلاء على الرئيس بري لإعادة طرح قانون الانتخاب على طاولة البحث. يعرف كثر أن ذلك سيشكل حرجاً كبيراً للكتل المسيحية التي تبرأت من «القانون الأرثوذكسي» بعدما وافقت عليه في البداية. «القوات» ستكون في الواجهة، لكن في «8 آذار» ثمة من يخشى الدخول إلى المجلس لبحث قانون الانتخاب. يسأل هؤلاء: من يضمن أن لا تتفق «14 آذار» مع النائب وليد جنبلاط على تمرير القانون المختلط الذي سبق وتوافقوا عليه في السابق. هذا القلق، يوحي أن مسألة قانون الانتخاب لا تختلف كثيراً عن مسألة انتخابات الرئيس أو حتى عن الجلسات التشريعية. كل هذه القضايا تحتاج إلى توافق، لا يبدو وارداً في المدى المنظور. ومقابل أولويات عون، ثمة أولويات مغايرة لـ«المستقبل». هو ما يزال عند موقفه الرافض لمجرد النقاش بمشروع «اللقاء الأرثوذكسي»، الذي يعتبره تعبيراً مباشراً عن الرغبة في تغيير النظام. أكثر من ذلك، هو ما يزال عند رفضه لأي قانون نسبي في ظل وجود السلاح. أما في المسألة الرئاسية، ومقابل «مقامرة عون ومراهنة حلفائه على متغيرات إقليمية يحققون من خلالها مكاسب داخلية»، فما يزال «المستقبل» يعتبر أن أفضل الحلول هو اللجوء إلى هدنة شبيهة بهدنة الحكومة، بحيث ينتخب رئيس توافقي يكمل نظرية «ربط النزاع» التي بدأت مع الرئيس تمام سلام.