IMLebanon

الإجتياح والإستحقاق

الرئيس تمام سلام عبّر في مناسبة الذكرى الرابعة والتسعين لإعلان دولة لبنان الكبير أفضل تعبير عن الحالة التي وصلت إليها البلاد في ظل إخفاق السياسيين في انتخاب رئيس الجمهورية وفق الآلية التي نصّ عليها الدستور بقوله أن هذا الإخفاق في تنفيذ الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها وأولها انتخاب رئيس الجمهورية هو التعبير الأوضح عن الوضع غير السليم الذي تكتسب معالجته أهمية مضاعفة في ضوء موجة العنف والتطرّف الهائلة التي تجتاح المنطقة، وتضرب كياناتها السياسية وتركيبة مجتمعاتها، فماذا يريد بعض السياسيين من إصرارهم على إبقاء الفراغ في رئاسة الجمهورية وإبقاء البلاد بلا رأس معرّضة لتداعيات ما يحصل في هذا الإقليم بعدما اجتاح التطرّف وضرب كيانات ويهدّد بضرب كيانات أخرى وتركيبة مجتمعاتها، هل يريدون انتقال العدوى الى لبنان، وقد بدأنا نشهد بوادرها ومؤشراتها هنا وهناك من المناطق اللبنانية التي تمتاز بطابع طائفي ومذهبي خاص، هل يريدون بهذا الإصرار على التعطيل الذي لا مبرّر له، لا قانونياً ولا دستورياً، ولا سياسياً إلا الإمعان في التصلّب بالمواقف التي لا تخدم مصلحة الوطن والمجتمع اللبناني الذي يعيش هواجس ما يحصل في هذا الإقليم من حروب واجتياحات وقتل وذبح وتهجير لجماعات متجذّرة في هذه الأرض منذ آلاف السنين ولعبت دوراً كبيراً ومتقدماً في النهضة العربية، وفي الحضارة الإنسانية، بل هل يريدون بإصرارهم على إبقاء الجمهورية بلا رأس، الإجهاز على هذه الجمهورية الفريدة في تركيبتها الديمغرافية والحضارية والتي شكّلت على مدى مئات السنين النموذج المحتذى للتعايش الإسلامي – المسيحي، بل للعيش المشترك بين كل الطوائف والمذاهب التي يتشكّل منها النموذج اللبناني، وتحويلها الى مجتمع مغلق على نفسه لا ينفع نفسه، ولا ينتفع منه أحد من المجتمعات الواسعة في أرض الله الواسعة.

لقد بُحّت الأصوات من البطريرك الماروني مار بشارة الراعي الى مجمع البطاركة الى فريق واسع من اللبنانيين، وهي تطالب، وتلحّ بالمطالبة، بل وتترجى هذا البعض لكي يتخلّي عن مشاريعه التهديمية وطموحاته التكفيرية وينخرط مع الآخرين لانتخاب رئيس للبلاد يحفظ وحدة هذا البلد، ويُعيده الى موقعه في الخريطة الدولية معافى ومحصّناً ضد الهجمة الإرهابية والتكفيرية التي حذّر منها رئيس الحكومة العالم ببواطن الأمر ودعا الجميع الى التكاتف والتعاون ولا سيّما الى احترام الدستور والواجب الوطني للخروج من دوامة أزمة الاستحقاق الرئاسي وإخراج هذا البلد من عنق الزجاجة، ولكن ليس من مجيب؟!