IMLebanon

الإستحقاق المؤجَّل؟

مع دخول الفراغ في سدة الرئاسة الأولى شهره الثالث، بدت عملية انتخاب الرئيس وكأنها أُخرجت من إطار المهل والمواعيد المبدئية لإتمامها، وتُركت لمشاورات الكواليس الإقليمية إذا ما صح أن هناك كواليس، كما لمشاورات الكواليس الدولية على نحو بدأ يُثير القلق من إمكان تمدّد هذا الفراغ طويلاً وأكثر مما يعتقد بعض المتفائلين، ما دامت أزمات المنطقة من اليمن الى ليبيا والبحرين ومن العراق الى سوريا وامتداداً الى لبنان بعدما أقحمه حزب الله من خلال تورطه في سوريا وأوضاعها الملتهبة تتصدّر اهتمامات الخارج وتدفع بالوضع اللبناني الى أسفل سلّم الأولويات وليس أدلّ على ذلك سوى استثناء لبنان من الحركة الدبلوماسية الناشطة في المنطقة ومنها زيارة وزير الخارجية الأميركية وأمين عام الأمم المتحدة الى مصر للبحث عن تسوية توقف الحرب التي تشنّها اسرائيل براً وبحراً وجواً على قطاع غزة. فلو كانت الأزمة اللبنانية المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية تُثير قلق المجتمع الدولي ولا سيما الدول التي تتعاطف مع لبنان كالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وحتى ألمانيا لما كانت هذه الدول اكتفت بتمنيات ممثليها في لبنان للمسؤولين والقادة اللبنانيين الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية ولكانت تدخّلت أو طلبت من حكوماتها التدخل مباشرة لدى الجهات الداخلية المعنية وحملها على تسهيل مهمة انتخاب رئيس جديد بدل التلهي في مبادرات تُطلق من هنا أو من هناك ويعرف أصحابها مسبقاً أنها لن تلقى أي تجاوب لأنه لا يوجد نيّة حقيقية عند بعض الأطراف لسدّ الفراغ الحاصل في رئاسة الجمهورية وإطلاق عملية التوافق على رئيس يسدّ هذا الفراغ ويُطلق بدوره عملية انتخاب مجلس نيابي جديد في ظل حكومة اتفاق وطني تتمتّع بثقة واسعة عند كل المكوّنات اللبنانية، من دون أن يكون هناك تدخل خارجي جدّي لثني هذه القوى وإجبارها على المشاركة في تسهيل عملية انتخاب رئيس للجمهورية يسدّ الفراغ الحاصل ويُطمئن الجماعات المسيحية في هذه المرحلة التي يتعرّض فيها مسيحيّو الشرق الى الاضطهاد كما هو حاصل في مدينة الموصل في العراق، وفي بعض المدن السورية التي تسيطر عليها «داعش» وتُقيم حكم الخلافة الإسلامية.

صحيح أن عدم تدخل الدول الصديقة مع القوى اللبنانية المنقسمة عمودياً على نفسها لا يشكّل عاملاً إيجابياً لكنه أيضاً ليس سلبياً الى درجة تفرض على الدول الصديقة كفرنسا والولايات المتحدة وضع أزمات المنطقة جانباً للبحث عن حلول للتعقيدات اللبنانية الداخلية المفترض أن تُعالج من خلال فك ارتباط الأطراف الداخليين بالمحاور الإقليمية وعزل لبنان عن اتون النيران المشتعلة في سوريا والعراق والتي بات يُخشى إذا لم يتم الأخذ بالنصائح الدولية المتكررة أن تمتد ألسنتها الى الداخل بعدما ألهبته تداعياتها سياسياً وأمنياً واجتماعياً وبات خطر توسع هذه التداعيات وامتداداتها طبيعياً في ظل استمرار الانقسام العمودي بين الفرقاء الداخليين وعدم وجود رؤية مشتركة لما تحمله أحداث المنطقة من أخطار حقيقية على لبنان.