IMLebanon

الإفادات للطلاب = شهادة في السياسيين

اعتماد الإفادات التعليمية، بديلاً من الإمتحانات الرسمية خلال الحرب اللبنانية (1987) لم يكن سوى إعلان عن تهاوي سلطة الدولة المركزية وتأكيد لهيمنة قوى الأمر الواقع، وتشرذم السلطات الرسمية بينها، واستحالة القرار الواحد.

الافادات، أخيراً، تشي بما قالته قبل 30 سنة: الدولة لا تملك قرارها، وتجرجر فشل الطبقة السياسية في ابتداع قاعدة لتداول السلطة، واحترام الدستور والقوانين، وحفظ سمات الشخصية الوطنية. هي تتويج لـ “التواطؤ الوطني” الذي يسير البلاد منذ الاستقلال، والذي كانت ولادته “الرسمية” عندما اتُخِذ النفيان، لا للانتداب الفرنسي ولا لدولة الوحدة العربية، قاعدة للحياة السياسية،فحددا ما يجب تجنبه، بالتوازي، لكنهما لم يرسما ما يجب احلاله،وهو وشائج الوطنية، وسمات المواطنة، وهذه لا تستقيم من دون التسليم العام بالدولة، أي سلطة القانون، الذي يعطيها القوة، المادية والمعنوية، لردع من يخالفه، ويعتدي عليه، أو يتعداه.

ما يميز اليوم، عن مثيله نهاية الثمانينات من القرن الفائت، أن الميليشيات كانت تتناتش الدولة، سلطة ومؤسسات، في الشارع ومنه، فيما هي اليوم تتناهش الدولة من داخلها، وبالتراضي، وإن استحال، فبقوة الشارع وبسلاحه، وهما ما يفرض التوازنات، والاختلالات، ويكرس الخطأ صوابا، ويحيل الصواب خطأ.

فرصتان ضاعتا أمام صوغ الدولة الراعية-الرادعة: الأولى حين طوّع نظام الوصاية الأسدي “اتفاق الطائف”، بتواطؤ عربي –دولي، والثانية حين خرج بعض اللبنانيين عن إجماع وطني لإعادة استيلادها بدم رفيق الحريري، في 14 آذار 2005.

مذذاك، تكرست الوطنية وجهة نظر، والميثاقية غب الطلب، والدولة خيمة مطاطية، تكبر مع مصالح المهيمن، وتصغر عندما يحتاج اليها المستحِق: يستقيل وزراء الثنائية الشيعية، فيهدًّد بدلاؤهم، ويتباكى أصحاب الأمر والإمرة من الحكومة “البتراء”. وفي الـ2011 تشكل حكومة الحزب “القائد” ضد إرادة الغالبية النيابية، لكنها، وبقوة السلاح، تنتزع “أحقية” التمثيل. يقفل مجلس النواب أبوابه، سنة ونصفا، ويرمي رئيسه المفتاح في جيب محتلي وسط بيروت، فيصوَّر الفراغ وتعطيل المؤسسات كحالة طبيعية. يتم تحديد الأغلبية في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، ممن لا يحق له تفسير الدستور، أو تأويله، فيصبح رأيه قاعدة تستنفر تهليل المدلسين. لا ينتخب رئيس للجمهورية لغاية في نفس الحزب، الذي يرشح عون، ولا يرشحه، فتصبح المشكلة أن جعجع “تجرأ” وترشح. تنأى حكومة الحزب بنفسها عن الشأن السوري، “لتحمي لبنان”ويتدخل بميليشياته في الحرب السورية ليحمي ما ومن لم يرسُ بعد على تحديده، عدا المصالح الإيرانية. بلد كهذا تتحكم فيه قوى سياسية تستحق أعلى الشهادات في اللامسؤولية، أليس طبيعيا أن يكون لأبنائها إفادات تعليمية، توازي بين المجتهد والكسول، بقوة اللانضج الوطني، من دون حاجة، هذه المرة، لفائض قوة السلاح؟

حال لا تغيرها عودة إلى التصحيح، أو استقرار على الإفادات.

مستقبل الشباب أرجوحة الحاكمين!