IMLebanon

الإنتخابات النيابية في 16 تشرين الثاني محفوفة بـ«خطر» التمديد

في ظلّ استمرار الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية، وتقدُّم حظوظ التمديد النيابي، استدركَ مجلس الوزراء الأمرَ في اللحظة الأخيرة فأصدرَ مرسوم دعوة الهيئات الناخبة رغمَ انقضاء يومٍ من المهلة الدستورية المحدّدة بتسعين يوماً لتوجيه هذه الدعوة، وحدّد موعد إجراء الانتخابات في 16 تشرين الثاني المقبل. وفي الموازاة ظلّ الحراك المطلبي في الواجهة، وقرّرت هيئة التنسيق النقابية التصعيد والإضراب الشامل في الوزارات والإدارات العامة بعد غد الخميس، مشفوعاً باعتصام قبل الظهر أمام وزارة الاقتصاد، مؤكّدةً أنّها ستضع خطّة تحرُّك للمرحلة المقبلة، وذلك بعد إسدال الستار عن تصحيح الامتحانات الرسمية من خلال «قونَنة» لجنة التربية النيابية الإفادات التي أعطاها وزير التربية الياس بوصعب لطلّاب الشهادات الرسمية.

رفعَ مجلس الوزراء عنه مسؤولية التورّط في طبخة التمديد للمجلس النيابي، وأقرّ في خطوة مباغتة مرسوم دعوة الهيئات الناخبة من خارج جدول الأعمال، بتأخير 18 ساعة عن بدء المهلة الدستورية لتوجيه هذه الدعوة، وذلك على قاعدة «أن تأتي متأخّراً خيرٌ من أن لا تأتي أبداً». ورمى الكرة في ملعب مجلس النوّاب تاركاً له قرار إخراج التمديد من عدمه.

وقد خرج مرسوم دعوة الهيئات الناخبة هذه المرّة ممهوراً بتوقيع 24 وزيراً، لعدم وجود رئيس للجمهورية وانتقال صلاحياته وكالةً إلى مجلس الوزراء. فهذا المرسوم عادةً لا يُصدره مجلس وزراء، بل يصدر حاملاً تواقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية.

وفور توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي حملَ الرقم 321، وتواقيع 24 وزيراً (علماً أنّ وزير الداخلية بالوكالة سمير مقبل قد وقّع المرسوم نيابةً عن وزير الداخلية الأصيل نهاد المشنوق لوجوده خارج لبنان) أُرسِل بملحق الى الجريدة الرسمية ونُشِر فوراً وهنا نصّه:

«إنّ مجلس الوزراء، بناءً على الدستور ولا سيّما المادة 63 منه، بناءً على القانون الرقم 25 الصادر بتاريخ 8/10/2008 (قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب)، لا سيّما المواد 43 و44 و80 و104 و105 و110 و115 منه،

بناءً على القانون الرقم 246 تاريخ 31/5/2013 الرامي إلى تمديد ولاية مجلس النواب الحالي بصورة استثنائية حتى تاريخ 20/11/2014،

بناءً على اقتراح وزير الداخلية والبلديات، يرسم ما يأتي:

المادة الأولى: تُدعى الهيئات الناخبة في كلّ الدوائر الانتخابية المحددة بموجب القانون الرقم 25 تاريخ 8/10/2008، لانتخاب أعضاء مجلس النواب، وفقاً للمواعيد الآتية:

1 – إقتراع اللبنانيين المقيمين على الأراضي اللبنانية يوم الأحد الواقع فيه 16/11/2014.

2 – إقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الاراضي اللبنانية، وفق الآتي:

– يوم الجمعة الواقع فيه 7/11/2014 في دولة الكويت.

– يوم الأحد الواقع فيه 9/11/2014 في دولة أستراليا (سيدني / ملبورن)

المادة الثانية:يُنشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ويُبلغ حيث تدعو الحاجة، ويُعمل به فور نشره.

بيروت في 19 آب 2014».

برّي

وتلقّى رئيس مجلس النواب نبيه برّي أثناء انعقاد مجلس الوزراء اتّصالاً من وزير المال علي حسن خليل الذي أبلغَ اليه توقيع المجلس مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وإنّ هذا المرسوم سيُنشَر فوراً.

وتعليقاً على هذا الأمر قال برّي أمام زوّاره: «إنّ هذا المرسوم خطوة أولى على طريق إجراء الانتخابات النيابية، ويشير إلى أنّني على حقّ في موقفي الرافض التمديدَ لمجلس النواب». وأضاف: «عندما مدّدنا للمجلس في المرّة السابقة إنّما مدّدنا على اساس أن نعاود تصنيع قانون انتخاب جديد من بين مشاريع القوانين الانتخابية المطروحة.

وفي البداية كان الاقتراح أن تمدَّد ولاية المجلس سنة لتكون كافية لتصنيع مثل هذا القانون وإجراء الانتخابات النيابية، لكنّ البعض استدرك واقترح أن يكون التمديد 17 شهراً لكي لا يصادفَ انتهاء الولاية النيابية مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 24 أيار 2014، بحيث يعطي المجلس لنفسه مهلة سنة لإقرار قانون انتخاب وإجراء الانتخابات مضافًا إليها خمسة أشهر لانتخاب رئيس جمهورية جديد.

لكنّ ما حصل بعد التمديد كان استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وخروج أطراف سياسية بنغمة معارضة انعقاد مجلس النواب في جلسات تشريع في وجود حكومة مستقيلة، ما حالَ دون إقرار قانون الانتخاب الموعود.

ثمّ انقضَت عشرة أشهر إلى أن تمّ تأليف حكومة الرئيس تمّام سلام. وعندما انتهت ولاية رئيس الجمهورية استمرّ تعطيل الجلسات التشريعية بحجّة الشغور في سدّة الرئاسة وطاولَ التعطيل، الى حدّ ما، الحكومة ومجلس الوزراء».

وجدّد برّي رفضَه التمديد للمجلس، مشدّداً على وجوب إجراء الانتخابات النيابية للخَلاص من مجلسٍ لا يجتمع ولا يشرّع ولا يحاسب ولا يراقب، مكرّراً القول: «أنا لا أفكّر في مصلحتي الشخصية بالبقاء رئيساً للمجلس، فأنا منذ سنوات عميدُ رؤساء المجلس النيابي، ولكن ما قيمة التمديد لمجلس لا يجتمع لانتخاب رئيس جمهورية ولا يجتمع للتشريع»؟

وردّاً على سؤال عن إقرار الإفادات للطلّاب، قال برّي: «إنّ هذه الإفادات تحتاج حتماً إلى قانون يقرّه مجلس النواب، لكن إذا انعقدَ المجلس في جلسة تشريعية لن يناقش أيّ بند من جدول أعمالها بما فيها الإفادات ما لم يبتّ أوّلاً بمصير مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي أنجَز المجلس معظمَ بنوده وبقيَ منه بعض البنود عالقاً.

فإذا قرّرت الهيئة العامة للمجلس إقرار مشروع السلسلة أو ردَّه فعندئذٍ ننتقل الى بنود أخرى، وإن لم تكن مدرَجة في جدول الأعمال، مثل مشروع قانون قوننة الإفادات». وقال: «لا يمكن تجاوز جدول أعمال الجلسة الذي يتصدّره مشروع السلسلة، ولن تكون هناك أيّ جلسة بجدول أعمال آخر، السلسلة أوّلاً ثمّ البقية تأتي».

سلام

وفيما تردّدت معلومات عن أنّ رئيس الحكومة تمّام سلام أبلغَ إلى وزراء حركة «أمل» وحزب الله بخطوته قبيلَ انعقاد الجلسة، نفَت مصادره هذا الأمر، وأكّدت أنّه أبلغَ إلى قيادات سياسية وزوّاره أنّه سيطرح الموضوع من خارج جدول الأعمال وفق الآلية التي تمّ التفاهم عليها سابقاً، فإذا وافق الوزراء يناقش الموضوع وفي حال العكس يؤجَّل.

وقالت مصادر سلام لـ»الجمهورية « إنّه قرّر اللجوء إلى هذه الخطوة تعبيراً عن استعداد الحكومة لإجراء الانتخابات والتأكيد للجميع أنّها جاهزة لهذا الاستحقاق. وقد سبق لوزارة الداخلية أن أكّدت استعداداتها اللوجستية والتقنية عندما أودعَت مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء في مطلع آب الجاري.

وردّاً على التفسيرات في شأن الخروج على مهلة التسعين يوماً، قالت المصادر «إنّ التأخير 24 ساعة أمرٌ تقني يمكن تجاوزه، فالقرار في شأن إجراء الانتخابات هو قرار سياسيّ بالدرجة الأولى، ومن صلاحية القوى السياسية التي إذا شاءَت تُجرى الإنتخابات في المواعيد التي يمكن اقتراحها وفي حال العكس يكون الأمر قد قضي». ولفتت إلى أنّ مجلس الوزراء في تركيبته هو «ميني مجلس نواب».

أمّا وقد أدّت الحكومة واجبها الدستوري فتبقى الإشارة الأهمّ في ما يريده مجلس النواب والقوى الممثلة فيه، فهل يريدون إجراء الانتخابات أم التمديد؟ وعلى أساس أيّ قانون يريدون إجراء الانتخابات؟ هذه هي الأسئلة المهمّة والجوهرية».

وعن التأخير في تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات وتأمين الاعتمادات المالية للعملية الانتخابية، قالت المصادر: «لم يرتبط مرسوم دعوة الهيئات الناخبة بهذه الخطوات يوماً، ويمكن في أيّ لحظة تشكيل هذه الهيئة وطلبُ الإعتمادات اللازمة، فالمهلة الفاصلة عن نهاية ولاية المجلس تتّسع لكلّ هذه الخطوات، والقرارات في شأنها سياسية وليست تقنية.

حرب

وفي هذا الإطار قال وزير الاتصالات بطرس حرب لـ«الجمهورية»: «إنّ توقيع المرسوم يعني أنّ الحكومة تحمّلت مسؤولياتها في توقيع المراسيم ورفضَت إلصاق التهمة بها بالتخلف عن القيام بواجباتها بإجراء الانتخابات وتطبيق القوانين، والجدل الذي يمكن أن يبقى هو الجدل حول ساعات التأخير، لكنّ هذا الجدل لا يستقيم لأنّ التعقيدات تتعلق بطريقة عمل مجلس الوزراء التي استدعَت هذا الوقت البسيط، وأصلاً هناك اجتهادات حول اعتبار المهلة الدستورية بدعوة الهيئات الناخبة مهلة حضّ أم مهلة إسقاط».

ريفي

وقال وزير العدل أشرف ريفي لـ«الجمهورية»: «بعد أحداث عرسال، نجحنا في إبعاد النار من دارنا إلى خارجها، وسجَّل لبنان إنجازاً بوحدة جيشه وأجهزته الأمنية في تجاوز الخطر، لكنّ المرحلة دقيقة وحسّاسة وتتطلب منّا يقظة ووعياً استثنائياً».

جنبلاط

إلى ذلك، يواصل رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط تحرّكه الذي ستكون له تتمّة قريبة، وتتجلّى بزيارتين، الأولى لبكفيا والثانية لمعراب، علماً أنّ اللقاء الأوّل الذي شكّل انطلاقة تحرّكه بدأ من بكفيا وسبقَ بقليل زيارة مماثلة لرئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة إليها.

ولم تستبعد مصادر مُطّلعة أن يزور جنبلاط الرابية مجدّداً لاستكمال البحث في بعض القضايا التي تفاهمَ وعون على استمرار البحث فيها، وقد يحدّد موعد هذه الزيارة بعد إبلال رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح»النائب ميشال عون.

وقالت المصادر: «ليس ضرورياً أن تنتجَ حركة جنبلاط تبدّلات واسعة في وقت قريب، لكنّها وفي حال استمرارها ستشكّل تهيئة للأرضية الضرورية لسلوك مسارات أُخرى قد تنضج قريباً بفعل التطوّرات الجديدة في المنطقة والتي تُرجمت من خلال ما اعتُبر بدايات تحرّك جدّي لمعالجة الوضع في العراق تزامُناً مع بداية حرب حقيقية من شأنها تقليص مخاطر «داعش» وتوجيه رسالة قاسية إلى قادتها ورعاتها، وإعادة رسم خطوط حُمر وسقوف جديدة لحركتها ومدى تمدّدها».

شمعون

في غضون ذلك، عزا رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون تحرّك جنبلاط الى خوفه على لبنان «لذلك هو يجهد لتحييد منطقة الجبل عن أيّ مشكلة في المستقبل». وقال لـ»الجمهورية»: «إنّنا في المبدأ ضدّ التمديد للمجلس النيابي لولاية ثانية، لكن ما هو البديل؟

نحن لا نرى إمكانية لإجراء انتخابات نيابية جديدة، أوّلاً بسبب غياب قانون انتخابي، وثانياً لعدم توافر الظروف الملائمة لإجرائها في كلّ المناطق، وبالتالي لا بدّ من التمديد لكي تبقى لنا مؤسّسة اسمها مجلس نواب تقف على قدميها، وحفاظاً على العمل البرلماني وواجبات المجلس».

وإذ شدّد شمعون على «ضرورة إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، إذ لا يجوز أن يبقى لبنان بلا رئيس»، استبعد انتخاب رئيس في جلسة 2 أيلول المقبل، مؤكّداً «أنّ فريق 14 آذار ليس هو المسؤول عن الشغور الرئاسي، فنحن نحضر إلى الجلسة في كلّ مرّة، فيما الفريق الآخر لا يقوم بواجباته الدستورية».

ووصف شمعون خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله بخطاب (رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل)، وقال: «هناك حدود للرياء، ثمّ لا أحد «يقبضه» بعد اليوم».

واعتبر أنّه «إذا كان هناك من خطر ما فبسبب تصرّفات «حزب الله»، إذ لولا تدخّله في سوريا لما حصلت ردّات فعل سُنّية». وقال: «نحن لا ندافع عن تنظيم «داعش»، بل كذلك لا نستطيع أن ندافع عن حزب يعرّض الشعب اللبناني للقتل، وكلُّ تصرّفاته ليست لمصلحة لبنان».

الراعي والمسيحيون

إلى ذلك، وعشيّة سفره إلى العراق مع وفد البطاركة، طلبَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي» أن يُلهمَ الربّ المجلس النيابيّ والكتلَ السياسيّة لينتخبوا اليوم قبل الغد رئيساً للبلاد حتى تستقيم كلّ حياة الجسم اللبناني»، وكرّرالقول: «إنّ جسماً من دون رأس لا يمكن أن يعيش، ودولة من دون رئيس لا يمكن أن تستمرّ ولا بأيّ شكل من الأشكال».

وأضاف: «يجب علينا أن نصلّي من أجل المسيحيين في لبنان، خصوصاً المسؤولين السياسيين في هذا الوطن، لا نقدر أن نتلاعب بالمصير اللبناني وبالدور المسيحي».

وأسفَ لأنّ «كثيرين من المسيحيين، مسؤولين وغير مسؤولين، لا يعرفون القدّاس ولا يدخلون الكنيسة ولا يسمعون الإنجيل ولا يعترفون ولا يصلّون، ويريدون الحفاظ على القرار المسيحي».

قهوجي

وسط هذا المشهد، ظلّ الأمن تحت المجهر وقضية الأسرى العسكريين في الواجهة. وكرّر قائد الجيش العماد جان قهوجي أمس أمام وفد من أفراد عائلات العسكريين الشهداء في عرسال زاره في اليرزة «أنّ قضية الشهداء والمفقودين العسكريين ستبقى في مقدّمة اهتماماتنا حتى تحقيق العدالة كاملةً، وعودةِ جميع المفقودين إلى مؤسّستهم وعائلاتهم في أسرع وقت ممكن». وأكّد «أنّ دماء الشهداء حمَت وحدة لبنان من التفكّك والانهيار، وحالت دون امتداد نار الفتنة إلى قلب الوطن».