وافق الاتحاد الأوروبي على طلب لبنان الرسمي مساعدته في إنشاء “استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب” تحل محل القانون القديم لهذه الآفة والذي لم يُحدّث ليتناسب مع تطورات الازمة السورية الدموية المستمرة منذ اكثر من ثلاث سنوات. واطلع الجانب اللبناني المنسق الاوروبي لمكافحة الارهاب جيل دو كيرشوف الذي زار بيروت قبل اسابيع في شكل فائق السرية على مستلزمات الاستراتيجية التي يطمح اليها لبنان لمكافحة الارهاب بعد التأسيس لبنية قانونية وتشريعية لمكافحة الارهاب في المستوى القانوني، أما في المستوى الميداني فالتعاون الاستخباراتي قائم لرصد تحركات “جهاديين” يحملون جنسيات اوروبية قاتلوا في سوريا ومستعدون لتنفيذ عمليات انتحارية. وستتم مراجعة ما وصلت اليه المفاوضات التي لم تنقطع خلال مؤتمر ينعقد في الرباط خلال الشهر الجاري، على ان التطورات السورية انعكست سلبا على لبنان في اكثر من مجال والاستعدادات الاوروبية لمساعدته واعدة وقريبة، نظرا الى ما يحدق بالدول المعنية من أخطار فعلية على امنها بفعل التهديد بعمليات انتحارية. ولعل بروز هذه الظاهرة هي الاخطر التي تلقاها لبنان، وتتمثل في تفجير اكثر من انتحاري انفسهم في سيارات يقودونها في انحاء مختلفة من الضاحية الجنوبية.
صحيح ان الاجراءات الامنية الصارمة التي اتخذت في تلك المنطقة المستهدفة اوقفت محاولات الجهات التي ارادت الرد على اشتراك مقاتلي “حزب الله” في القتال الجاري في سوريا الى جانب النظام، الا ان الانتحاريين جددوا محاولاتهم الشهر الماضي، واحبطتها الاجهزة الامنية في مهدها، مقدمة شهيدين وجرحى. وإحدى المحاولات تمثلت في تفجير سيارة يقودها انتحاري كانت في محلة الطيونة، والأولى في ضهر البيدر على حاجز لقوى الامن الداخلي، وسبقها توقيف ارهابي في فندق يقع في شارع الحمرا ومقتل آخر في محلة الروشة بتفجير نفسه اثناء دهم عناصر من نخبة الامن العام لغرفته.
أما السلبية الأخرى فهي النزوح الكثيف من سوريا الى الاراضي اللبنانية التي استقبلت اكثر من مليون و300 الف لاجئ انتشروا في مناطق مختلفة من البلاد وبنسب متفاوتة. لم يقصر لبنان الرسمي ولا العائلات خاصة في الشمال وعرسال في استقبال اللاجئين، ولا يزال لبنان يتبع سياسة “الحدود المفتوحة” التي تهدف الى انقاذ حياة هؤلاء الهاربين من شراسة المواجهات العسكرية الدائرة بين قوات النظام من جهة، وقوات المعارضة في شكل عام من جهة أخرى، وكذلك بين المعارضة وانصار “داعش” ومن دون هدنة على مدار ما يزيد على 36 شهرا.
اما الخطر الامني الآخر فهو لجوء مقاتلين سوريين الى جرود عرسال حيث يشكلون هدفا للطيران السوري الحربي الذي يغير عليهم داخل الاراضي اللبنانية، كما ان عناصر منهم ترتكب مخالفات تصل بعض الاحيان الى جرائم قتل كما حصل في عرسال اخيرا، ومعظم المرتكبين هم من اتباع “داعش” على ما يروى.