التداعيات لا تمرّ على الأمن.. والمخطط العام «سايكس بيكو» جديد
الاجتياح الداعشي في العراق سيناريو بديل للسيناريو الذي سقط بعد معركة القلمون وحمص واللاذقية
تنظر مراجع لبنانية الى ما يجري في العراق بعد اجتياح تنظيم «داعش» الإرهابي للموصل ومناطق اخرى بقلق شديد، نظراً للتداعيات الخطيرة التي يمكن ان تحصل في دول الجوار والمنطقة، وتعتبر ان ما يحصل يتجاوز حدود الصراع الداخلي، وهو مرتبط بمخطط يرمي الى اكثر من سيناريو.
ومن الطبيعي ان تستنفر الدولة باجهزتها العسكرية والأمنية لدرء مخاطر هذه التطورات آخذه بالاعتبار ان هناك خلايا نائمة لمجموعات إرهابية متطرفة ومتعددة تنتشر في مناطق لبنانية عديدة، وتتحين الفرصة للقيام بتفجيرات واعتداءات ضد مؤسسات الدولة والجيش خصوصا في محاولة لضرب الاستقرار العام في البلاد، وضد اهداف متعددة في سياق تسعير الفتنة المذهبية.
ويقول مرجع بارز ان ما يشهده العراق اليوم سيناريو جديد هو نسخة بديلة عن السيناريو الذي جرت محاولة تمريره في سوريا قبل ان يفشله الجيش العربي السوري بدءا من معركة القصير مروراً بتحرير القلمون وحمص وانتهاء اليوم باستعادة كسب والجوار والانتشار حتى الحدود السورية ـ التركية الساحلية.
ويرى ان هناك محاولة واضحة لتكريس خطوط الدم، وخلق منطقة نفوذ للمجموعات الارهابية المتطرفة بين العراق وسوريا، بحجة قطع اوصال «الهلال الشيعي» الذي وّجت التخويف منه اوساط عربية واميركية وغربية منذ ما قبل احداث سوريا وما سمي بالربيع العربي.
ويشير في هذا المجال الى ان محاولة مشابهة جرت قبل فترة غير قصيرة في سوريا تمثلت بالسعي الى توسيع رقعة نفوذ الجماعات المتطرفة التي تقاتل ضد النظام في المناطق الشمالية والشرقية حتى الساحل، وامتداداً الى وسط سوريا وتحديداً الى حمص والمناطق المحاذية للحدود مع لبنان. وان الهدف كان خلق دويلة متطرفة بين لبنان وسوريا والعراق.
وبعد ان تمكن الجيش العربي السوري يضيف المرجع من السيطرة على القلمون والمنطقة الحدودية مع لبنان، وتحرير حمص والجوار ودحر الارهابيين عن شمالي اللاذقية، تحولت انظار اصحاب هذا المخطط الى العراق مستفيدين من توسع نشاط تنظيم «داعش» الارهابي لتكرار المحاولة هناك، وهي مستمرة اليوم بكل الادوات الداخلية والدعم الخارجي.
ولا يقتصر ما يجري في العراق اليوم على هذا الهدف يقول المرجع بل ان اصحاب هذا الممخطط يرمون ايضاً الى القضاء على وحدة هذه الدولة، وتقسيمها الى ثلاث دويلات على الاقل: واحدة للاكراد في الشمال وتمتد الى كركوك الغنية بالنفط، وثانية من بغداد الى الجنوب وهي ذات الغالبية الشيعية، وثالثة ذات غالبية سنيّة وتخضع لنفوذ المجموعات المتطرفة.
وبرأي المرجع ان هذه الخطة في العراق هي جزء من محاولة تعميم مخطط التقسيم والتفتيت في المنطقة، او ما يعرف «بسايكس بيكو» جديد على أنقاض الدول القائمة اليوم.
من هنا فان مخاطر ما يجري في العراق اليوم ليست مجرد مخاطر آنية بقدر بحسب المرجع ما هي تطاول دول المنطقة بأسرها، تماما كما خطط ونفذ ضد سوريا منذ اكثر من ثلاث سنوات وحتى الآن.
ويقول المرجع ان للبنان نصيباً من هذا المخطط، وان ما شهدناه سابقا ونشهده بين الفترة والاخرى من عمليات تفجيرية واعتداءات على يد المجموعات المتطرفة هي جزء من محاولة زعزعة الكيان اللبناني، وضرب استقراره، واشعال نار الفتنة بين مكوناته لا سيما الفتنة الشيعية ـ السنيّة.
ولذلك يعتقد ان خطر تحرك ما يسمى بالخلايا النائمة لهذه المجموعات هو خطر دائم، وان ما يحصل في العراق ربما يحفّز هذه المجموعات على القيام بأعمال ارهابية، وهذا ما يستدعي المزيد من الجهد الامني لملاحقة وضرب هذه المجموعات المذكورة، وايضا المزيد من اليقظة وتحصين الساحة الداخلية على المستوى السياسي.
ووفق معلومات امنية فإن الجهات العسكرية والامنية المعنية رصدت وترصد منذ فترة غير قصيرة حركة هذه الخلايا الارهابية، وقد استطاعت ضبط وتوقيف عدد غير قليل من عناصرها.
وتشير ايضا الى ان هذه العناصر تنتمي لجهات وتنظيمات عديدة تابعة للقاعدة «وجبهة النصرة» والى «داعش» وغيرها من المجموعات المحلية التي تندرج في اطار وفلك هذه التنظيمات.
وتقول المعلومات ان هذه المجموعات والعناصر تعتمد على بيئة حاضنة في مناطق ومخيمات النازحين السوريين، وفي اماكن عديدة اخرى منها مخيم عين الحلوة عدا عن محاولة اللجوء الى منازل وشقق سكنية في مناطق مختلفة، وتشير المعلومات الى ان هناك اجراءات عديدة اتخذتها الجهات الامنية تندرج في اطار التدبير الوقائي، والعمليات التي تشمل الرصد والمتابعة لضبط واعتقال عناصر هذه المجموعات والخلايا الارهابية.