تبرز معطيات ديبلوماسية متفاوتة حول مصير الاستحقاق الرئاسي اللبناني. منها ما يقول، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة، ان هناك محاولات جدية عربية ايرانية برعاية أميركية لإرساء تفاهم حول الانتخابات الرئاسية، وان التواصل مستمر، وليس هناك من جهة أو أحد يمكنه التكهن بموعد الوصول الى التفاهم. وان هذا النقاش يشمل: البرنامج النووي الايراني والعلاقات السعودية الايرانية، والأزمة السورية والوضع في أوكرانيا.
وفي السياسة الدولية ليس هناك من ملفات منفصلة، والدول الكبرى تقوم بصفقات سياسية وفق مصالحها. وحول لبنان لا أحد يعرف تماماً اذا ما كان التفاهم ينجز قبل 25 أيار الجاري أو بعده بأسابيع قليلة، وانه بين أسبوع وأسبوع ليس من مشكلة، وإحدى نتائج هذا النقاش أو المحاولات الجدية، تكمن في عودة السفير السعودي علي عواض عسيري الى بيروت.
وثمة مناخ يعتبر أن التفاهمات على ملفات المنطقة يمكن أن تبدأ بالوضع اللبناني في وقت قريب، وان كل الأطراف الخارجية مرتاحة لمسار الأمور في لبنان، نسبة الى عدم وجود خطابات حادة.
أما المعطيات الأخرى فتفيد أن حصول الانتخابات يلزمه أشهر، وتعود أسباب هذا المناخ الى اعتبارات عدة في مقدمها:
أن لا ضغوط دولية فعلية لإنتاج تفاهم محلي حول الاستحقاق الرئاسي. الضغوط الدولية أنتجت حكومة وخططاً أمنية ودعماً للجيش. فقط هناك دعوات خارجية لكي يتفاهم اللبنانيون في ما بينهم حول الاستحقاق واسم الرئيس، لكن ليس هناك من طرف يمكنه الفصل في الموضوع. وهناك في البرلمان كتلتان كبيرتان وشبه متوازيتين، في حين أن كتلة رئيس جبهة «النضال الوطني» النيابية النائب وليد جنبلاط، ليست مستعدة لإعطاء أو تقديم مكاسب لأي طرف إذا لم تحقق بدورها مكاسب ثمناً لذلك.
التحولات في سوريا وانعدام بقاء ملفها اولوية دولية، أدى الى أن يتجه وضعها للجمود في انتظار نهاية حزيران المقبل موعد القمة الأميركية الروسية التي يعمل عليها، وبالتزامن مع بداية اتضاح صورة التفاهم الأميركي الايراني من خلال التفاوض الغربي الايراني القائم حول البرنامج النووي الايراني في هذا التاريخ. والملف اللبناني سيكون أحد تفصيلات التفاهمات الدولية والدولية الايرانية. بحيث يمكن أن ينتج صورة واضحة حول الرئاسة اللبنانية في تشرين الأول المقبل. أي انه في نهاية حزيران يتضح المشهد الاقليمي في ظل الحركة الدولية الإيرانية فضلاً عن ظهور نتائج الانتخابات السورية وانعكاساتها. وأي تفاهم يحصل بين العرّابين سينعكس على لبنان، كما أن عدم حصول التفاهم سينعكس على لبنان أيضاً، لجهة إبقاء المسألة الرئاسية عالقة لاحقاً. وهي عالقة حالياً بسبب انعدام هذا التفاهم، والذي انعكس عدم قدرة الأطراف اللبنانيين على التنازل أو تغيير التحالفات أو التراجع عن سقف المواقف التي يتخذونها ما جعل التفاهمات الداخلية غير ناضجة.
لذلك إذا جرى تفاهم بين العرابين تحل المسألة. وفي هذا السياق يقول مسؤول لبناني أمام زواره انه لا يريد خطوة تسلم الحكومة صلاحيات رئاسة الجمهورية ولا يريد الفراغ، لكنه أشار الى انه على ما يبدو فإنه سيشرب هذه «الكأس المرّة». وفي ضوء ذلك، فإن بلورة الحل في تشرين حول لبنان، ستكون في إطار «رزمة» تتناول ايضاً مراجعة قانون الانتخابات وتحديد موعدها. فضلاً عن قيادة الجيش حيث تعتبر بعض الأطراف ان قائد الجيش يفترض أن يسير عموماً باستراتيجية الدولة وليس بالاعتبارات الشخصية.
كما ان أي تفاهم أميركي ايراني، له انعكاسات على «حزب الله»، مع الاشارة، بحسب المصادر، الى أن من بين مؤشرات تراجع الولايات المتحدة عن عدم قبولها بالحزب داخل الحكومة هي محاولة بناء الثقة الأميركية مع ايران.
وعلى مستوى العملية السلمية في المنطقة هناك تمهيد للتوطين، لبنان ليس قادراً على السير به. وكان لافتاً تصريح مرشد الثورة في ايران علي خامنئي، الذي قال فيه ان بلاده تسير بما يرضى به الفلسطينيون.
في هذه المرحلة الضبابية دولياً وإقليمياً، لم يتمكن أي فريق لبناني من إعطاء مكاسب، ولم يقم أي فريق بفك ارتباطاته. مثال على ذلك أن التيار الوطني الحر لم يستطع فك ارتباطه مع «حزب الله» في تحركه حول الرئاسة لا سيما في اتجاه تيار «المستقبل». وهناك إيجابية عربية لكي لا تفلت الأمور في لبنان في ضوء قوة الحزب على الأرض، لذا فإن لبنان يخطو نحو الفراغ في انتظار بلورة الصورة نهاية حزيران وانضاج الطبخة في تشرين الأول، وان كل ملفات المنطقة مربوطة ببعضها.
وتدخل في إطار الرزمة للتفاهم عليها ايجاد حل لمسألة النازحين السوريين، نظراً الى أنها باتت مرتبطة بالأمن والاقتصاد ويجب ضبطها ثم عدم التلاعب بالدستور لناحية التوطين.