شركة نفط أميركية ستنقل مكاتبها إلى بيروت
الاستقرار أولوية.. ورئيس الحكومة لا يحدّده الجنرال
بينما ينشط الأفرقاء اللبنانيون في اتجاهات رئاسية محددة، يكرّس الغرب اهتماماته على ملفات حيوية تعتبر الحسابات اللبنانية تفصيلاً فيها، ما دام الوضع الداخلي ممسوكاً ومتماسكاً عبر التركيبة الحكومية الحالية. والى أن يتسلل اليأس الى الشخصيات العاملة على مسار الاستحقاق الرئاسي للوصول الى سدّة الرئاسة، فإن العجلة الغربية المعبّر عنها في المواقف المعلنة هي نقيضها في الجلسات المغلقة، حيث المقاربة الدولية تنطلق من ثابتة عدم تعريض الاستقرار لأي اهتزاز.
ويندرج في هذا السياق ما أفشى به سفير غربي معتمد في لبنان لجهة قوله إن الأوروبيين، وتحديداً الفرنسيين، وجهات دولية وإقليمية مؤثّرة، تبلغت من الجانب الأميركي جملة من التوجهات الحاسمة لبنانياً والتي تعتبر قاعدة تفاوض مع «الشريك» الإيراني المفترض لاحقاً اذا نجحت المفاوضات القائمة حالياً وأدت الى نتائج راسخة، وتتلخص في خمس نقاط:
1 ـ الولايات المتحدة الأميركية ترفض أن تتحكم بمسار الحكم في لبنان طائفة بعينها، وبالتالي ممنوع تسليم لبنان لأي من الطوائف الكبرى.
2 ـ واشنطن غير مهتمة بمن يكون رئيساً للجمهورية في لبنان، بل اهتمامها منصب على منع إيصال أي شخصية الى رئاسة الحكومة قد تساهم في تنامي الحركات التكفيرية المتطرفة التي عانى لبنان من نماذجها في السنوات الأخيرة.
3 ـ انطلاقاً من ذلك، تعتبر واشنطن أن كل شخصية ساهمت أو قد تساهم عبر فريقها السياسي أو الأمني، إن وجد، في تنامي ظاهرة التكفيريين والإرهابيين لا مكان لها في مستقبل الحياة السياسية اللبنانية، وبناءً عليه فإن واشنطن تعارض بشدة وصول أي شخصية تحوم حولها شبهة دعم التطرف الى سدة المسؤولية.
4 ـ ان النظرة الأميركية لمسألة ترشيح رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون للرئاسة تنطلق من أن ضعف عون في ملف ترشيحه غير المعلن هو كونه ربط وصوله الى سدّة الرئاسة بعودة رئيس تيار «المستقبل» الى رئاسة الحكومة، وحاول أن يعقد معه مقايضة على قاعدة عون رئيساً للجمهورية والحريري رئيساً للحكومة، الأمر الذي أزعج واشنطن ومستويات دولية اخرى، لأن قرار عودة الحريري الى رئاسة الحكومة ليس بيد عون أو غيره بل نتيجة حسابات دقيقة تتقدم فيها المصلحة المحققة من العودة أو عدمها. ثم، من قال للعماد عون إن الحريري يرغب راهنا بالعودة الى رئاسة الحكومة، وهو الذي منذ خروجه من الرئاسة الثالثة كان له تأثير كبير على مسار العمل الحكومي، لا بل تحول الى صانع رؤساء الحكومات؟
5 ـ ان واشنطن تعتبر أن أي رئيس مقبل للحكومة يجب أن يتمتع بالكفاءة والمسؤولية والاعتدال المناقض لأي محاولة لإعادة بعث الروح في الجماعات الإرهابية والتكفيرية. وهذا الأمر يعزز من احتمال عودة سلام الى رئاسة الحكومة مع أي رئيس منتخب، أو تكليف شخصية لرئاسة الحكومة تكون شبيهة بشخصية الرئيس سليم الحص وتتمتع بمواصفات رجل الدولة.
ويؤكد السفير الغربي أن كل ذلك يعود لكون الولايات المتحدة الأميركية لا تزال تعتبر لبنان هو الساحة الإقليمية الوحيدة التي يمكنها من خلالها أن تطل على المنطقة من الباب العريض، وتحفظ مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط عبر هذه الساحة.
ولأن واشنطن حريصة كل الحرص على استقرار لبنان وأمنه، يضيف السفير الغربي، فهي لم تتوان عن إبلاغ من يعنيهم الأمر بأن شركة «شلوم بيرجيه» الغازية ـ النفطية العملاقة سوف تعمد قبل العام 2016 الى نقل مكاتب إدارتها الرئيسية في المنطقة من أبو ظبي الى بيروت، بما يعنيه ذلك من دلالات حول مستقبل الوضع في لبنان «الذي يجب أن لا يكون فيه أي موطئ قدم للتطرف والإرهاب».