جلسة ثامنة لانتخاب رئيس الجمهورية مرت أمس ولا نصاب ولا انتخاب ولا رئيس والاسوأ لا أفق واضحاً لوضع حد لازمة الفراغ الرئاسي. بل ان مؤشرين متلازمين للدوران في دوامة الأزمة الرئاسية برزا وتمثلا في التراجع الملحوظ أولاً في عدد النواب الذين حضروا الى مجلس النواب وقاعة الجلسات والذي لم يتجاوز السبعين، ومن ثم ارجاء موعد الجلسة التاسعة نحو ثلاثة أسابيع الى 23 تموز الجاري وهي المرة الاولى يبعد الموعد مثل هذه الفترة.
وكما جرت العادة التي لازمت كل “لاجلسة” انتخابية، استعيض عن النصاب المفقود وتطيير الجلسة بسجالات كلامية، لكن الاسوأ الذي سجل امس كان استعادة الفريقين المسيحيين المتنافسين “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية” سجالاتهما حول ظروف قيام اتفاق الطائف، على خلفية الردود التي أثارها اقتراح رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون تعديل الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب. وهو عامل طارئ من شأنه زيادة التعقيدات والاجواء المتوترة التي تعترض أي محاولة داخلية، على الأقل للتقريب بين الافرقاء المسيحيين، علماً ان تساؤلات اثيرت أخيراً عن صمت حلفاء عون حيال اقتراحه وترك الامر عرضة لاحياء سجالات مسيحية – مسيحية.
وسط هذه الاجواء برز الاهتمام التصاعدي بتنسيق عمل الاجهزة الامنية في مواجهة الاستهدافات الارهابية التي يبدو من المعطيات الامنية لدى مختلف الاجهزة انها على مستوى مقلق فعلاً في الفترة الحالية، مما يحتم رفع مستوى الجهوز الامني الى ذروته. وغداة الاجتماع الامني الذي انعقد برئاسة وزير الداخلية نهاد المشنوق أول من أمس، عقد امس اجتماع وزاري – أمني موسع آخر برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام في السرايا عرض ما توصلت اليه التحقيقات الجارية في الاعمال الارهابية الاخيرة والوضع الامني العام. وأفاد وزير الدفاع سمير مقبل ان المجتمعين “اشاروا الى دقة الوضع الامني وضرورة التنبه لأي مخططات مشبوهة، داعين اللبنانيين الى الثقة بجيشهم وقواهم الامنية وبقدرتها على أحباط أي مخطط يهدف الى ضرب سلمهم الاهلي”. كما أكدوا “الحفاظ على أقصى درجات التأهب في صفوف الجيش والقوى الامنية واستمرار التنسيق بين الاجهزة والمضي في تنفيذ الخطط الامنية المقررة”. واذ اكد مقبل صحة المعلومات عن وجود سيارات مفخخة وانتحاريين، أعلن ان الخطط الامنية ستنفذ في كل المناطق “وقريبا جداً في بيروت”.
وتزامن ذلك مع قيام قوة من الجيش أمس بعمليات دهم في شارع عفيف الطيبي وفي مناطق أخرى من الطريق الجديدة اسفرت عن توقيف أحد الاشخاص ومصادرة سيارة، في اطار ملاحقة المشتبه في انتمائهم الى تنظيمات ارهابية.
وقبيل انعقاد الاجتماع الامني في السرايا، أفاد قائد الجيش العماد جان قهوجي ان عمليات الدهم التي نفذت في الطريق الجديدة تدخل ضمن الخطة الاستباقية التي تضطلع بها الاجهزة الامنية والعسكرية لكشف الخلايا الارهابية.
المشنوق
وفي ضوء الخطة الامنية التي بدأ أمس تنفيذها حول سجن رومية، أبلغ وزير الداخلية نهاد المشنوق “النهار” ان ثمة أهمية للمساهمة التي قدمتها جمعية المصارف دعماً للسجون، وقال: “ان نجاح المصارف هو نجاح للبنان وانجازاتها هي انجازات للبنان”. وشدد على “ان المساهمة في الحل المرحلي لمسألة السجون في لبنان هو جزء من العمل لمواجهة الارهاب”.
اللاجئون
على صعيد آخر، علمت “النهار” ان موضوع اللاجئين السوريين سيطرح أمام مجلس الوزراء اليوم من طريق وزير العمل سجعان قزي الذي سيسجل ملاحظات على موقف السفير السوري علي عبد الكريم علي بعد لقائه وزير الخارجية جبران باسيل والرافض للاقتراح اللبناني اقامة مخيمات على الحدود بين البلدين لاستيعاب هؤلاء اللاجئين. كما علمت “النهار” ان وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس اقترح على الرئيس سلام دعوة خلية الازمة للانعقاد والتي تتولى ملف اللاجئين لمواكبة آخر التطورات في شأن تحمل لبنان الاعباء على هذا الصعيد. وقد أظهر موضوع اللاجئين السوريين تباينا بين خطين ضمن الحكومة احدهما لا يؤيد الاتصال بالجهات السورية عملا بسياسة النأي بالنفس والآخر بدأ يتصرف عملياً بما يخدم سعي النظام السوري الى حمل لبنان على التفاوض معه في مسألة اللاجئين، الامر الذي قد تظهر تداعياته في جلسة مجلس الوزراء اليوم.
الى ذلك، علم ان بند خفض الغرامات او الغائها عن مؤسسات والمعروض على مجلس الوزراء سيلقى اعتراضا من عدد من الوزراء انطلاقا من ان المؤسسات المشمولة بالاعفاء لا تعاني عسراً يبرر ذلك.
الملف التربوي
وتفيد المعلومات المتوافرة لدى “النهار” أن الملف التربوي المعروض على مجلس الوزراء اليوم سيثير جدلا انطلاقا مما هو معروض من خلال احد بنود جدول الاعمال او من خلال ما سيطرح أثناء الجلسة. ففي أحد البنود اقتراح إعطاء تراخيص لانشاء جامعات وكليات جديدة والتعاقد مع عدد من اساتذة الجامعة اللبنانية ممن بلغوا سن التقاعد وذلك للاستفادة من خبراتهم. ويبلغ عدد هؤلاء 32 أستاذاً. أما ما هو متوقع ليطرح من خارج جدول الاعمال، فهو تعيين عمداء وتفريغ نحو 1200 أستاذ في الجامعة اللبنانية. وقد كان العدد السابق للاساتذة المرشحين للتفرغ 700 أستاذ. وفي هذا الاطار سأل الوزير قزي عبر “النهار” باسم وزراء حزب الكتائب: “هل هناك اولوية لطرح هذا الموضوع في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية؟”. وأضاف: “من حيث المبدأ، نحن نرفض التعامل مع موضوع إنشاء جامعات وكليات جديدة بعيداً من المعايير التربوية ومن دون مراعاة مستوى التعليم وحاجات لبنان ومصالح الأجيال في حمل شهادات معترف بها. أما في ما يتعلق بملف الجامعة اللبنانية، فنحن نرفض المحاصصة السياسية بل يجب ترك الملف لاصحاب الاختصاص. وإذ لا يمكن اقرار تفرغ هذا العدد الكبير من الاساتذة من دون معرفة من هم هؤلاء، كما ان المرجعيات السياسية والوزراء ليسوا هم الجهة الصالحة لتقويم ملفات هؤلاء الأساتذة، ومع رغبتنا في ان نكون ايجابيين، لن يكون ذلك على حساب الاجيال ومستوى الجامعة”.