لم يفت الأوان بعد امام تلقف «حزب الله» حراجة اللحظة السياسية والميدانية والمذهبية وانتقاله الى شيء آخر، تسووي وقريب من حال هذه الدنيا وجغرافيتها ومجتمعاتها.
خطاب العداء والصدّ وصل الى الحائط وبدأ النطح! وخطاب التشاوف والمكابرة المقاوماتي وصل الى ادنى مستوياته ودرجاته وبدأ جني الحنظل! وخطاب التجبّر الميداني واصطناع الأدوار الأسبارطية وصل الى الضمور والانكشاف في مواجهة حالات مثيلة ومضادة. وخطاب «الأمّة» وصل الى سقف انقساماته بل تكاد شدّة الفرقة والفتنة ان تخرقه وترمّده! وخطاب الممانعة من اصله وفصله تعرض لانتكاسات قاتلة حتى صار او يكاد «جثّة فكرية» مرّت قبلا في مرحلة العفونة السياسية التامة تبعاً لاعتبار بشار الاسد سيف العرب المسلول!
مفهوم ومعلوم ان التنظيرة المضادة تشبه (مرّة اخرى) الصيحات الديكية. وهي لا ترى سوى الجانب الآخر من الصورة. ولا تسمع سوى الجزء الاول من الصيحة من دون ان ترى «مسرح» الصوت او تشم روائحه النفّاذة!. .. .. وهي تعتقد اليوم (؟) ان بشّار الاسد في قمة انتصاراته وانه لا يزال في السلطة! وان سوريا بألف خير! وان العراق قلعة مقاومة لا تهدّها الجبال! وان اجتماعها البشري والعمراني في قمة تَمَاسُكهِ واندماجه! وان دولته في ذروة تجلّياتها في السياسة والامن والتنمية والاقتصاد. وان العرب والمسلمين في الاجمال يقفون عند أبواب النهضة التامة في الفكر والعلم والابداع والسياسة والاقتصاد وبناء الدول.. وان اسرائيل في المقابل تعاني بالمعنى التاريخي، ما لا قدرة لها على مواجهته وانها عند ابواب الانهيار والاندثار!
هذا تكرار فيه شيء من المبالغة لتنظيرة ديوك الممانعة. لكن الاساس موجود وقائم وصلب! وهو لا يفاجئ على الاطلاق. غير ان الارض في مكان آخر. والحقيقة لا تكلّف الكثير من اجل الأخذ بها وتقديم فروض الاحترام الجليل والكريم لمفرداتها وأدبياتها وقوانينها وشروطها. وهي حقيقة تفيد بأن النكبة مكتملة وان الضجيج الصوتي والتلوث الفكري وارتكاب الحرام في الكلام والاحكام، لا يُعدّل في وضوحها ولا في مصائر ضحاياها ولا في الانحدار الكئيب، تحت تأثيراتها، لمساحات الضوء والخضرة الى نواحي العتمة واليباس.
الحقيقة التي تقول اننا في عزّ زمن الغفوة. وان الصحوة الوحيدة هي لتلك النكبة ومفرداتها وافرازاتها. وان الاندثار شعار العصر. والقتل ألمع هواياته. والتكفير صنو التخوين. وان العمى طافح. والغباء موضة دارجة! الحقيقة التي تقول ان طريق العودة لم يقفل تماما بعد.. وان التواضع سليل الشجاعة، وهذه أولها وقمّة فضائلها الاقرار بالخطيئة والتراجع عنها خصوصاً اذا كان الدم هو الحبر الذي كُتبت به!