IMLebanon

التسوية الرئاسية مؤجّلة لما بعد مواجهة «داعش» في العراق

تركت تحذيرات رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط من المرحلة المقبلة تساؤلات حول مدى تجاوب القوى السياسية التي ذكرها بالإسم في أكثر من مناسبة في الأيام الماضية مع مناشدته لإجراء الإنتخابات الرئاسية والتوافق حول مرشح غير صدامي، وتسوية المأزق السياسي الذي دخلته الساحة الداخلية منذ أشهر. فالمؤشّرات حول إمكان التجاوب مع الدعوة إلى تسوية لملف الشغور الرئاسي لا تزال ضعيفة، وإن كانت أحداث عرسال الأخيرة وعودة الرئيس سعد الحريري بعد غياب طويل، قد رسمت خارطة طريق جديدة بفعل توحيد الخطاب بين كل القوى ضد الإرهاب واستهداف الجيش اللبناني. ويقول مرجع حكومي سابق أن أزمة الرئاسة مرشّحة لأن تطول على الرغم من كل الطروحات المحلية والدولية الهادفة إلى تسويتها من خلال اتفاق سياسي داخلي، علماً أن مؤشّرات التطوّرات الإقليمية تحتّم تغيير المواقف في القضايا الخلافية كلها، وليس فقط في الإستحقاق الرئاسي. وإذ اعتبر أن التركيز يقتصر فقط على مواجهة الإرهاب التكفيري الذي بات نقطة مشتركة يجمع عليها كل المسؤولين من دون استثناء، أكد أن هذه المقدمة فشلت، حتى الساعة على الأقلّ، في إنضاج التسوية الرئاسية، وذلك في الوقت الذي تحدثت فيه أكثر من شخصية سياسية عن تأجيل أي حسم في هذا الملف إلى الخريف المقبل نظراً لترقّب عواصم القرار في المنطقة اكتمال المشهد الإقليمي وتحديداً في العراق وسوريا، على أساس أن أي حل في لبنان لن يبصر النور إلا بعد نهاية عملية القضاء على إرهاب «داعش» التي تقودها واشنطن ودول الإتحاد الأوروبي، وبدأت تحقّق نتائج ملموسة على الأرض وخلال الساعات الماضية.

وفي خضم اللحظة المعقّدة في المنطقة، فإن كل المساعي التي تبذلها الأطراف القلقة على مصير ومستقبل الساحة اللبنانية مع استمرار الشغور الرئاسي وتعطيل عمل مجلس النواب، وجد المرجع الحكومي السابق نفسه، أن العلاقات الإقليمية هي في مرحلة إعادة بناء بعدما وصلت كل القيادات العربية، كما الإيرانية، إلى مفترق طرق، كما أن هناك إشارات على تفاهم أميركي ـ إيراني حول العراق لا يقتصر فقط على هذه الساحة، بل قد يمتدّ إلى ساحات أخرى في المنطقة، ولكن بنوده لا تزال في طور الإعداد، وهو ما يرجح «تعليق» الملف الرئاسي اللبناني بضعة أسابيع أخرى. وبانتظار ترجمة هذه الإشارات إلى أفعال، تبقى القوى المحلية على موقفها المعلن من الإستحقاق الرئاسي، وقد تكرّس ذلك مع إعلان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله أن موقف الحزب من هذا الملف معروفاً وكذلك مرشّحه، وأن الفريق الآخر لم يبدأ بعد النقاش أو الحوار حوله وعليه أن يتوجه إلى الجهة المناسبة للوصول إلى اتفاق أو تسوية.

وفي هذا المجال، اعتبر المرجع نفسه، أن تغيير الحسابات من قبل عواصم القرار الإقليمي، كما الدولي، قد فرض تأجيل جلسة انتخاب الرئيس الى مطلع أيلول المقبل وسيفرض تأجيلاً جديداً إذا لم تنجح المساعي التي تبذل من أكثر من جهة على خط تأمين الحد الأدنى المطلوب من التوافق لإخراج الحياة السياسية والبلاد من مأزق الشغور الرئاسي، مع العلم أن مشهد النصاب غير المكتمل الذي يتكرّر في كل جلسة يؤكد أن مفتاح الحل ليس في المجلس أو حتى في بيروت. وكشف أن التجربة السياسية العراقية والتي انتهت إلى تسوية شاملة، قد تسلك دربها إلى لبنان حيث الأزمة عميقة وخطيرة، لا سيما وأن تغيير الموازين في المعادلة العراقية لم يتم على نار هادئة، بينما في المقابل شكّل «اختبار عرسال» محطة حاسمة أمام فريقي 8 و 14 آذار للإسراع في تأمين المخرج للوضع السياسي المعقّد، لكن الخلاف في قراءته وتفسير أبعاده وتحليل أسبابه دفع بالنائب جنبلاط وحده إلى دقّ ناقوس الخطر، وإلى استعجال الوفاق، وأدى بالتالي إلى بقاء دعواته إلى كل المسؤولين من دون أية أصداء إيجابية.