IMLebanon

التسوية الصعبة

دخلت المفاوضات التي ترعاها مصر بين إسرائيل و”حماس” مرحلة حاسمة وصعبة وذلك في ظل أمرين أساسيين: عجز إسرائيل عن ترجمة ما تعتبره انجازات عسكرية حققتها في حربها الأخيرة على قطاع غزة الى انجازات سياسية، وعدم تراجع “حماس” عن مطلبها الاساسي الذي من اجله خاضت هذه الحرب وهو رفع الحصار عن القطاع.

تواجه حكومة نتنياهو اليوم مأزقاً مزدوجاً، فهي تسعى الى التوصل الى وقف النار من دون السماح، “حماس” بتحقيق انتصار ولو رمزياً، وهي من جهة اخرى لا تقدر على الحصول على موافقة شركائها في الائتلاف على اي اتفاق لا يضمن منع “حماس” من بناء قوتها العسكرية من جديد، وتجريد القطاع من السلاح الهجومي على المدى البعيد. وكانت احزاب اليمين شريكة نتنياهو في الائتلاف قد حذرت من مغبة الموافقة على اتفاق سيىء لا يغير الواقع جذرياً، ولا يضعف “حماس” ويمنعها من العودة الى قصف إسرائيل والتصعيد من جديد.

تكمن المشكلة في اعتقاد الحكومة الإسرائيلية انها قادرة من طريق المفاوضات على اخضاع “حماس”، بعدما فشلت في اخضاعها عسكرياً، وذلك بارغامها على القبول بشروط هدنة طويلة الامد ووقف كامل للنار في مقابل تسهيلات جزئية على المعابر مع إسرائيل، ودفعها الى القبول بالشرط المصري لفتح معبر رفح أي تسليم الحرس الرئاسي التابع للسلطة الفلسطينية المسؤولية عن هذا المعبر وانتشاره على طول الحدود مع مصر.

الواقع انه، في ظل الاجواء الحالية السائدة في إسرائيل، من الصعب موافقة المجلس الوزاري المصغر على هدنة طويلة الامد في مقابل رفع كامل للحصار عن غزة. لذا يجري الحديث في إسرائيل عن عدد من السيناريوات المحتملة في حال فشل المفاوضات وعودة القصف والعمليات العسكرية الإسرائيلية. من هذه السيناريوات قيام إسرائيل بعملية برية جديدة داخل غزة، او العمل على اضعاف سلطة “حماس” على غزة واستبدالها بعودة السلطة الفلسطينية الى القطاع. ثمة سيناريو آخر هو ان يتحول التصعيد المتبادل حرب استنزاف تستغلها إسرائيل لاضعاف “حماس” واستنفاد مخزونها الصاروخي، ومواصلة حصارها لغزة وربما تشديده أكثر.

يبدو الاجتياج البري الإسرائيلي لقطاع غزة أمراً ينطوي على مجازفة كبيرة وثمن باهظ لا يرغب نتنياهو فيهما في الوقت الراهن، اما سيناريو اسقاط حكم “حماس” واستبداله بالسلطة الفلسطينية فيتناقض مع استراتيجيا الحكومة الإسرائيلية الحالية التي شنت حرباً شعواء على محمود عباس بعد المصالحة مع “حماس”. من هنا السيناريو الذي سيسمح لإسرائيل بعدم تقديم تنازلات الى “حماس” ويساهم في اضعافها، هو استدراجها إلى حرب استنزاف تزيد الازمة الانسانية لاهالي غزة تفاقماً.