بدا واضحاً أن الحوار الذي انطلق مع رئىس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون من قبل مرجعيات وقيادات سياسية في طليعتها الرئىس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، يجري على «نار حامية» مشوبة بالتوتر الكبير، وهو ما قد دفعها في الساعات الماضية الى إحراق كل قنوات التواصل التي كان يعوّل عليها البعض على الساحة الداخلية، كما في الاوساط الدولية، للخروج من أزمة الشغور الرئاسي وانتخاب رئىس للجمهورية. وقد كشف وزير بارز ان المبادرة العونية الاخيرة وما ورد في مواقف نواب التكتل في الساعات الأخيرة، هو مؤشر على ان اقتراح العماد ميشال عون منذ الاساس يهدف الى الوقوف في وجه المساعي الجارية لانتخاب رئىس جديد للجمهورية والردّ بالتالي على المبادرات التي اطلقها بعض الموفدين الدوليين للوصول الى مرشح تسوية، والتي قطعت شوطاً متقدماً مما بات يسمح بالحديث عن احتمال خرق الازمة الرئاسية في الخريف المقبل.
واوضح الوزير نفسه أن هذه المبادرة قد انطلقت من عاصمة اوروبية وبقيت بعيدة عن الاضواء ولعبت بكركي دوراً رئيسياً فيها، وذلك بعدما اعلن البطريرك بشارة الراعي موقفاً واضحاً بالنسبة الى رفضه وصول رئىس جمهورية محسوب على فريق سياسي معين.
وانطلاقاً من هذه الاجواء، فان «دفة» الاستحقاق الرئاسي كانت قد بدأت تميل اعتباراً من الاسبوع الماضي الى مرشح وسطي قريب من بكركي، مما دفع نحو التصعيد العوني تقول مصادر في 14 اذار، الذي تزامن ايضاً مع التطورات الخطيرة بحق المسيحيين في سوريا والعراق، وذلك بهدف الايحاء بأن «التيار الوطني الحر» هو اساسي في معادلة دعم المسيحيين في المنطقة والوقوف في وجه تهجيرهم.
وعلى هذا الاساس، تضيف مصادر 14 آذار، أتت زيارة وزير الخارجية جبران باسيل الى العراق وتوليه بالأمس شخصياً قراءة البيان بعد اجتماع «تكتل التغيير والاصلاح»، وهذا الامر يشير بوضوح الى ان شهر العسل بين العماد عون وبعض القوى السياسية قد انتهى، خاصة ان تيار «المستقبل» سرّب امس معلومات تشير الى ان الرئيس الحريري سيبلغ العماد عون ان حظوظه في الرئاسة باتت متدنية. وقد قرأت المصادر في الاشارة من قبل اوساط الحريري الى عون خطوة نحو قطع الحوار الذي دام لأشهر، وبالتالي مقدمة لعودة التصعيد السياسي والحملات بين الطرفين.
وتوقع الوزير ان يأخذ هذا التصعيد اشكالاً متعددة ومنها مبادرة توقيع عريضة نيابية تطالب بتعديل الدستور لانتخاب الرئىس مباشرة من الشعب.
وفي سياق متصل، وجد الوزير نفسه ان هذا التعديل المطروح يستهدف اتفاق الطائف، ويعيد الى الواجهة طرح المثالثة. ورأى ان في خلفيات هذا الطرح معالم مقلقة على صعيد المرحلة المقبلة، حيث ان هذا التصعيد السياسي قد يكون حلقة في مسلسل مستقبلي يهدف الى الرد على الاجواء الاقليمية والدولية، التي بدأت تستبعد العماد عون من لائحة المرشحين مثله مثل الدكتور سمـير جعجع.
وتوقع ان تشهد هذه الحركة العونية ردود فعل من اكثر من كتلة نيابية، خاصة ان فريق 14 آذار رفض بوضوح كل ما يطرح عن المثالثة. كذلك اعتبر ان الحديث عن ان تعديل الدستور يهدف الى تصحيح الخلل الحاصل بحق المسيحيين واستعادة صلاحيات رئىس الجمهورية، هو تصويب مباشر على كل ما ينادي به تيار «المستقبل»، وبالتالي فإن هذا الامر يعني القضاء على كل الآمال التي كانت قد بدأت تتعزز في الايـام الماضيـة لجـهة انسحـاب التطورات في العراق وسوريـا على الاستحـقاق الرئاسي من خلال توفير مناخات ملائمة لتسوية اقليمية ـ دولية تسمح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.