يعاود مجلس الوزراء اليوم، وفي جلسته الثالثة تواليا بعد انتقال صلاحيات رئاسة الجمهورية اليه وكالة في ظل الفراغ الرئاسي، الخوض في موضوع آلية اتخاذ قراراته وتوقيعها الذي لم يبت في الجلستين السابقتين بما يرشح الجلسة الثالثة لأن تشكل اختبارا دقيقا لنيات الافرقاء الذين تمسكوا بطروحات اثارت انقساما وجمدت عمل مجلس الوزراء منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان.
وعلمت “النهار” ان رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أوضح لوزراء ان الدعوة التي وجهها لعقد جلسة اليوم ارفقت بجدول اعمال وزع في 30 أيار الماضي وقد وجهت الدعوة وفقاً للاصول الدستورية وواجباته في هذا المجال وان تكن هناك محادثات جارية بينه وبين جميع الاطراف في ما يتعلق بآلية عمل مجلس الوزراء في ظل خلو موقع رئاسة الجمهورية. واوضحت اوساط وزراية ان النقاش سيكون مفتوحا في كل المجالات ولن يتأثر البحث بتداعيات ما جرى في مجلس النواب اول من امس.
وأشار احد الوزراء الى ان الدعوة الى الجلسة اليوم تميزت باولوية جدول الاعمال العادي على بند استكمال البحث في طريقة عمل مجلس الوزراء مما يطرح علامة استفهام عما اذا كان هذا الترتيب سيلقى قبولا عند جميع الوزراء ام ان هناك من سيعترض ليعكس هذا الترتيب، الأمر الذي سيتضح في سياق الجلسة اليوم. وفهم ان الرئيس سلام اجرى اتصالات مع كل ممثلي الاتجاهات السياسية في الحكومة لتسهيل العمل الحكومي وعدم اتخاذ انتخابات رئاسة الجمهورية هدفا لتعطيل هذا العمل. وتفيد المعلومات ان الاتجاه الغالب هو الى تجميد المواقف السلبية في انتظار انجاز الامتحانات ومراقبة تطورات العراق وجلاء الموقف الاميركي منها.
غير ان المناخ السياسي الملبد بغيوم المواجهة التربوية المتعلقة بموضوع الامتحانات الرسمية وسلسلة الرتب والرواتب بدا على كثير من التوتر الضمني وخصوصا في ظل تصاعد سجالات اكتسبت دلالات ساخنة يصعب معها توقع انطلاقة سهلة متجددة للحكومة، علما ان الاستحقاق التربوي لا يزال عالقا على شروط متبادلة بين وزارة التربية وهيئة التنسيق النقابية كان من شأنها ان كشفت تحكم البعد السياسي بهذا الاستحقاق بما يعني انزلاق البلاد الى خطر ربط كل الملفات بالانقسامات السياسية ومناخ التخبط الذي يحكم حقبة الخلو الرئاسي.
وقد برزت في هذا السياق الانتقادات التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري اول من امس الى الرئيس فؤاد السنيورة ورد الاخير عليها امس بما رسم جوا محتقنا نجم عن النقاشات الكثيفة لمأزق سلسلة الرتب والرواتب من شأنه ان يبقي الشكوك ماثلة بقوة الى امكان التوصل الى مخرج لهذه المشكلة في الجلسة المقبلة لمجلس النواب التي تأجلت بفعل تعطيل نصاب الجلسة الاخيرة. وفي رده على بري نفى السنيورة امس التوصل الى اتفاق على مبالغ السلسلة مع رئيس المجلس ونفى تاليا ما قاله بري عن حصول “انقلاب على الاتفاق من كتلة المستقبل والرئيس السنيورة”، مشيرا الى ان النقاش لا يزال مفتوحا حول ارقامها “وهو ليس بين من هو مع اقرار السلسلة ومن هو مع عدم اقرارها كما يحاول البعض ان يوحي به بل بين من يمارس سياسة متسرعة بهدف الكسب السياسي ومن يدعو الى التروي واتخاذ القرارات الرصينة”. وأضاف: “يبدو ان بعض كلام بعض الاطراف السياسيين وطريقة تصرفهم يخفي نيات واهدافا سياسية مضمرة ليس اقلها دفع لبنان الى هاوية عميقة لتدمير اقتصاده لكي تسهل السيطرة على شعبه ومقدراته”. لكنه شدد على استمرار كتلة المستقبل في “مد يدها وجهوزيتها للنقاش المجدي البعيد من المهاترات من اجل التوصل الى اقتراحات مقنعة”.
في غضون ذلك، تواصلت الاستعدادات لاجراء الامتحانات الرسمية في مرحلتها الاولى غدا وسط اجواء طبيعية بعد الاتفاق الذي أمكن التوصل اليه بين وزير التربية الياس بو صعب وهيئة التنسيق النقابية. وقال الوزير بو صعب لـ”النهار” ان الامتحانات ستكون في اجواء طبيعية الجمعة داعيا التلامذة الى ان يكونوا جاهزين لاجرائها، مبديا تفهمه للمعاناة التي مروا بها واشار الى ان الامتحانات ستأخذ هذا الامر في الاعتبار.
الازمة الرئاسية
على صعيد الازمة الرئاسية، جدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في افتتاح سينودس الكنيسة المارونية السنوي امس في بكركي دعوته النواب الى “التزام ما يوجب عليهم الدستور وان ينتخبوا فورا رئيسا للجمهورية وان يتوقفوا عن اي عمل تشريعي عملا بالمادة 75 من الدستور”. وشدد على ان “الممارسة الحالية في عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية تنتهك الدستور والميثاق الوطني وهذا امر مرفوض بالمطلق ومعيب بكرامة مجلس النواب”. كذلك حض الراعي المرشحين للرئاسة ومن فريقي 8 و14 آذار “على مبادرات شجاعة”.
ولليوم الثاني كانت لرئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط امس مواقف من مجمل الوضع الداخلي ولا سيما منه الاستحقاق الرئاسي، فقال في حديث الى “تلفزيون لبنان ” تعليقا على مواصفات الرئيس القوي: “انا ارغب بشخص يرسي قواعد الدولة القوية وهذا غير موجود اليوم ويا للاسف”. واعرب عن اعتقاده ان “القوى المركزية لم تعتمد الوصول الى رئيس حواري يتحاور مع الجميع فليس مهما ان يكون قويا بطائفته بل يجب ان يتحاور مع الجميع لنستطيع معا ان نبني دولة قوية تكون هي المرجعية”. واعتبر ان النائب المرشح هنري حلو “يمثل خط الحوار” مؤكدا انه لا يعترض على العماد ميشال عون و”لكن لا نؤيده ولن اصوت له ولا لسمير جعجع”، كما قال انه يفضل عدم انتخاب قائد الجيش العماد جان قهوجي.
في سياق آخر، قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ”النهار” انه أبلغ اللجنة التنفيذية للمفوضية العليا للاجئين ان لبنان ماض في تطبيق القرار الذي اتخذه في شأن اللاجئين السوريين والقاضي بإسقاط صفة اللجوء عن كل لاجئ يعود الى سوريا وذلك بموجب المادة الاولى من اتفاق جنيف. واضاف ان لبنان لن يقبل بأي لجوء سياسي الا نتيجة قتال على الحدود اللبنانية – السورية.