لم تُحسم معركة عرسال سريعاً إذ تجدّدت الإشتباكات بين الجيش اللبناني والمسلّحين التكفيريين، الأمر الذي يُضاعف من خطورة الوضع الأمني في البقاع، بحسب بعض المراقبين، خصوصاً أنّ كلّ التحليلات سبق وأن أشارت الى ضرورة حسم المعركة في أقرب وقت ممكن، وإلاّ فإنّ الأمور سوف تكون مفتوحة على كلّ الاحتمالات، ومن الممكن أن يمتدّ الإرهاب الى مناطق أخرى في لبنان.
فعملية الكرّ والفرّ، فضلاً عن إقامة المحاور في المعركة من شأنهما، على ما يرى مصدر سياسي مطلع، إطالة عمر المعركة، في الوقت الذي يسعى فيه لبنان الى إنهائها بأسرع وقت ممكن، وبأقلّ كلفة ممكنة. صحيح أنّ الحكومة اتخذت قرار دعم الجيش في معركته هذه للقضاء على الإرهابيين، ولكن في الوقت نفسه، فإنّ لبنان بغنى عن تكبّد المزيد من الضحايا من عناصر المؤسسة العسكرية.
وارتكز المصدر نفسه على ما قاله وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي يُتابع موضوع الإرهاب الذي يضرب المنطقة في الخارج، إذ أكّد أنّ معركة عرسال اظهرت أولاً أنّ لبنان ليس «بيئة حاضنة» للإرهابيين، كما أنّ مسألة إقامة مخيمات للنازحين داخل الأراضي اللبنانية التي سبق وحذّر منها، كشفت إمكانية أن تضمّ هذه الأخيرة الى جانب المدنيين، عناصر إرهابية..وشدّد على أنّ لبنان اتخذ قرار مواجهة الإرهابيين في عرسال لدرء الخطر عنه، بعد أن تسرّبوا من الحدود السورية – اللبنانية، واختبأوا بين النازحين العزل بهدف توسيع دائرة إمارتهم التي أقاموها في القلمون في سوريا، وأنّه اليوم يلقى الدعم الكافي المطلوب من الداخل، وأنّه في حال احتاج الى دعم عربي أو سواه، فلن يتوانى عن طلبه.
وما يقوم به التكفيريون اليوم في عرسال يدخل في باب «احتلال الأرض»، يقول المصدر ولهذا اتُخذ القرار السياسي من قبل الحكومة بأن يقوم الجيش بتحريرها من أيدي هؤلاء، وإن كلّف الثمن غالياً لا سيما أنّ الوطن هو أغلى من كلّ شيء. ورأى المصدر نفسه أنّه بعد استعادة الجيش للمواقع كافة، فإنّ المسلّحين سيدركون أنّ «لا موطىء قدم لهم في لبنان»، ولا «ساحة جهاد»، ولا حتى «إمارة ضائعة»، يبحثون عن أجزاء لها فيه. ومن هنا فسوف يعودون من حيث أتوا، بلا أي تفكير بالعودة، حتى ولو بقيت المعابر غير الشرعية موجودة، ومشرّعة أمامهم.
ويبدو اليوم يضيف المصدر أنّ انسحاب التكفيريين من عرسال، وتسليمهم كلّ العناصر الأمنية المحتجزة لديهم، هو الحلّ الأنسب للجميع خصوصاً أنّ لبنان، الذي احتضن النازحين السوريين بأعدادهم التي وصلت الى نحو نصف سكّان لبنان، لن يكون «بيئة حاضنة» لأي إرهابي، ولا في أي منطقة من مناطقه، بل على العكس سوف يُحارب الإرهاب، وسوف يتحوّل شعبه ككلّ الى مقاومة لهؤلاء العابثين بأمن منطقة الشرق الأوسط.
ويعوّل المصدر نفسه على ضرورة أن يربح الجيش اللبناني معركة عرسال، تماماً كما سبق ان انتصر في معركتي الضنية، ومخيم نهر البارد، وحتى في أحداث عبرا، لكي يُعيد الطمأنينة لنفوس اللبنانيين الذين باتوا يخشون على مصيرهم، بعد ما رأوه في العراق وسوريا من امتداد للتكفيريين وتوسيع لدولتهم الإسلامية. فهذا المخطط يجب أن يُكسر في لبنان، وتحديداً في عرسال، لكي تُعلّم المخطّطين للعبث بالأمن وتهجير المدنيين واحتلال الأرض بالقوة، درساً لا ينسونه في حياتهم.
وفيما عدا ذلك يشير المصدر الى ان هذا يجعل الأمور تسوء أكثر فأكثر، وتمتد طويلاً وتؤدّي الى مخاطر عدّة، نحن بغنى عنها. لهذا يجب أن يحسم الجيش المعركة بسرعة كبرى للجم التطوّرات الدراماتيكية على الصعد كافة، ويكون نموذجاً من نماذج الصمود في المنطقة، فكما انتصرت المقاومة على إرهاب الدولة في غزّة، لا بدّ من أن ينتصر لبنان على التكفيريين في عرسال الذين يريدون إقحامه في مخططهم، وجعل بعض مناطقه ضمن دولتهم الإسلامية المزعومة.
وشدّد المصدر في الوقت نفسه، على ضرورة أن يصبح كلّ مواطن لبناني خفيراً، وأن يبلّغ عن كلّ ما من شأنه أن يثير الارتياب في منطقته، خصوصاً أنّ عناصر عدّة لهذه الجماعات المسلّحة يتغلغلون اليوم في بعض المناطق في محاولة للعبث بأمن البلاد، أو في انتظار الضوء الأخضر من قياداتهم لتنفيذ مهمة إرهابية محدّدة. وقال: أن يصبح للداعشيين بطاقات تسهيل مرور باسمهم، أو باسم دولتهم المفترضة في لبنان، على غرار ما جرى في تنورين، هو أمر لا يمكن السكوت أو التغاضي عنه. ولهذا فعلى الحكومة اتخاذ التدابير اللازمة للقبض فوراً على حاملي هذه المستندات، كما على أي شخص له علاقة بها.
ويمكن القول يؤكد المصدر بأنّ لبنان أثبت أن لا شيء يقضي على التكفيريين سوى المقاومة، إن عن طريق المواجهات التي يقوم بها الجيش في عرسال، أو الدعم المعنوي الكامل الذي يحتضن به الشعب اللبناني عناصر الجيش لكي ينتصر في معركته ضد الإرهابيين الذين يريدون إدخال لبنان في المعمعة التي يقومون منها في دول عدّة في المنطقة، رغم أنّه يعتمد سياسة الحياد عن الصراعات الدائرة في المنطقة.