تُطلق معظم الكتل السياسيّة مواقف رافضة للتمديد لمجلس النوّاب، وإذا إستمرّت على مواقفها هذه، فذلك يعني أنّ لا تمديد، إلّا إذا طرأ تغيير ما في ربع الساعة الأخير.
السيناريوهات المطروحة والإحتمالات الواردة مخيفة، فاذا تشبَّثت الكتل بمواقفها ووصلنا الى نهاية الولاية الممدّدة أساساً للمجلس النيابي ولم تنجز الإنتخابات، فإنّ البلاد مقبلة على كارثة دستورية كبيرة، إذ إنّنا سنصبح بلا مجلس نوّاب بعدما أُفرغ قصر بعبدا، وستصبح الحكومة حكومة تصريف أعمال، وعندها تُطرح المسائل أو بالأحرى القنابل الميثاقية والدستوريّة في وجهها، ولعلّ أبرزها كيف ستستمرّ في إتخاذ القرارات في غياب مجلس نوّاب يراقب عملها، مع أنّ هذه الصلاحية الممنوحة الى المجلس تبقى حبراً على ورق في ظلّ عدم قيامه بواجباته الرقابية والإنتخابية. وعندها أيضاً ستطرح المسائل الميثاقيّة، وسندخل في أزمة كبيرة، لا تحلّ إلّا باتفاق ترعاه الدول الخارجية بعدما أثبَت الداخل عجزه عن صوغ الحلول.
لا يرغب تيار «المستقبل» بالوصول إلى هذا الوضع، فالرئيس فؤاد السنيورة أعلن موقفاً واضحاً بأننا قد نضطرّ للذهاب الى التمديد لأنّ الوضع الأمني صعب وخطير.
وهذه الصراحة «المستقبلية» مستقاة من الواقع السياسي والأمني الذي يعيشه البلد، حيث تشير مصادر «المستقبل» لـ»الجمهورية» الى أنّ «الأولوية الآن هي لمواجهة التطرّف والإرهاب وإعادة لمّ شمل الساحة السنّية تحت هذا العنوان، مع رفض إجراء الإنتخابات النيابية في غياب رئيس للجمهورية لأنّ الحكومة تُعتبر مستقيلة حكماً».
وتوضح المصادر أنّ «تيار «المستقبل» دخل في مواجهة كبيرة مع المتطرّفين الذين تعاطف معهم قسم من الطائفة السنّية، لكنه مدعوم في الوقت نفسه، بغطاء كبير من المملكة العربية السعودية، ويقود حراكاً واسعاً مع المرجعيات السنّية.
ومن هذا المنطلق زار السنيورة مصر والتقى شيخ الأزهر لتكوين أكبر تحالفٍ سنّي سياسي ديني في وجه موجات التطرّف. لذلك، فإنّ دخول التيار في معركة جانبية، أمر غير واقعي، لأنّ محاربة الإرهاب لا تكون إلّا ضمن الدولة اللبنانية ومؤسّساتها، وإذا أصبحت الحكومة مستقيلة، فهذا يعني أنّ تراجعاً ما قد حصل في مشروع المواجهة الحالية».
في المقابل، يملك حلفاء «المستقبل» المسيحيون وخصومه حسابات أخرى، إذ إنّ الإنتخابات النيابية تشكّل فرصة لتسجيل نقاط رئاسية، وهذا التعارض سيخلق تبايناً جديداً ضمن فريق «14 آذار»، مع إصرار «القوّات اللبنانية» وإلتزامها موقفها المبدئي الرافض التمديد، مثلما التزمت عدم المشاركة في الحكومة إذا لم ينسحب «حزب الله» من سوريا.
وفي هذا الإطار، يؤكد النائب فادي كرم لـ»الجمهورية»، أنّ «موقفنا نهائي، ونحن مع انتظام عمل المؤسسات وإلتزام المواعيد الدستورية، فبعد إفراغ موقع رئاسة الجمهورية لا نرغب بتطيير إستحقاق الإنتخابات النيابية»، لافتاً الى أنّ «موقفنا موجّه ضدّ «حزب الله» وتكتل «التغيير والإصلاح» اللذين يعطلان ويشلّان كل الدولة».
ويعتبر أنّ «تكتل «التغيير والإصلاح» يقرر موقفه وفق المناسبة، وإذا وجد أنّ الانتخابات لا تناسبه سيعطّلها مثلما عطّل الإستحقاق الرئاسي»، مشدّداً على أنّ «رفضنا التمديد لن يخلق مشكلة مع «المستقبل» لأنّ العلاقة اجتازت مطبات كبيرة وصمدت».
بدوره، يتحمَّس «التيار الوطني الحرّ» لإجراء الإنتخابات لأنه يعتقد أنّه سيؤمّن أكثرية نيابية تسمح للعماد ميشال عون بالفوز في الانتخابات الرئاسية، في وقت يصرّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على إجراء الانتخابات الرئاسية قبل أيّ شيء.
من جهته، يلمّح «حزب الله» الى رفض التمديد، لكنّه لم يخرج بمواقف علنية رافضة، لأنّه يعرف دقّة المرحلة، وفي حال تلاقَى موقفه مع موقف «المستقبل»، سيُصبح التمديد أمراً واقعاً، خصوصاً أنّ أولوية الحزب تتلاقى مع «المستقبل» في مكافحة التطرّف.
ويقول عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب الوليد سكرية لـ»الجمهورية» أنّ «الذهاب الى الإنتخابات هو رهن إتفاق اللبنانيّين، فإذا كان هناك نيّة لإجرائها ستحصل، لكن طالما هناك خلافات، فالوضع صعب».
ويشدّد سكريّة على أنّ «اللبنانيّين أمام خيارين إذا لم يمدّدوا للمجلس، فإمّا الذهاب الى الإنتخابات أو الفراغ، وعندها تسقط المؤسسات ونذهب الى مؤتمر تأسيسي يُعيد إنتاج السلطة مجدّداً»، رافضاً حصول الإنتخابات على أساس قانون الستين، «لأنّه سيعيد إنتاج السلطة الحالية، وهذا يعني أنّ المشكل سيبقى على ما هو عليه، لذلك تغيير الواقع مرتبط بتغيير قانون الانتخاب».
قد يُؤخذ موقف الحلفاء في الإعتبار، لكنّ خطورة الموقف على مستوى المنطقة قد يدفع «حزب الله» وتيار «المستقبل» مع ما يمثلان من إمتدادات مذهبية وإقليمية، الى الضغط على الحلفاء والقول لهم إنّ الاولوية هي للمواجهة الكبرى… أي الحرب على التكفيريين.