IMLebanon

 «التيار الحر» يُعطِّل «هيئة الإشراف» وبرِّي: أقنِعوني أن التمديد مُفيد

الأنظار اللبنانية تتركّز على زيارة رئيس الحكومة تمام سلام والوفد المرافق إلى قطر غداً، إذ يأمل اللبنانيون أن تحقق هذه الزيارة خرقاً في قضية العسكريين المخطوفين التي تصدّرت أخيراً كل القضايا الأخرى. وفي خطوة مؤثرة تجسّد الوحدة الحقيقية بين اللبنانيين، وتشكل رداً على الفرز الذي ظهر مطلع الأسبوع، قدّم والد الشهيد علي السيد ووفداً من بلدة فنيدق – عكّار، واجب العزاء لعائلة الشهيد عباس مدلج. وفي المقلب الآخر، يترقّب الجميع ساعة الصفر لوضع الاستراتيجية الأميركية الجديدة موضع التنفيذ لضرب «الدولة الإسلامية»، علماً أن الخطوات العملية تسير بشكل سريع وثابت، وينتظر أن تتبلور أكثر في المؤتمر الدولي في باريس الاثنين. وفي هذا السياق، بدا لافتاً الاعتراض الشكلي أو اعتراض رفع العتب لقوى 8 آذار على مشاركة لبنان في هذا التحالف، فيما تغيب إيران وسوريا وغيرهما. واللافت أيضاً أن الدعوة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية تحوّلت إلى ثابتة من ثوابت المواقف الغربية والعربية، إذ سجّل أمس فقط تشديد للسفير الأميركي ديفيد هيل على أن «غياب رئيس للبلاد يحرم لبنان من رمز مهمّ للوحدة»، وتأكيد سفيرة الإتحاد الأوروبي أنجلينا إيخهورست أن «النداء الأساس يبقى إنتخاب رئيس جمهورية»، وتسريع السفير السعودي علي عواض عسيري «انتخاب رئيس جديد». وفي موازاة كل ذلك، نفت مصادر في السفارة الأميركية في بيروت لـ»الجمهورية» أن يكون الرئيس الأميركي باراك أوباما قد قال أمام وفد بطاركة مسيحيّي الشرق خلال لقائه بهم أمس الأول، إن الرئيس السوري بشار الأسد يحمي المسيحيين في سوريا. وهذا النفي يتطابق مع الموقف الأميركي التقليدي منذ اندلاع الثورة السورية.

مع اتساع دائرة المنضمين إلى لواء التحالف الدولي ـ الإقليمي ـ العربي، للقضاء على تنظيم «داعش» واجتثاث الإرهاب الذي بات يهدّد الجميع، بدت المنطقة أمام خريطة جديدة وسط عملية خلط أوراق سريع قلبت التحالفات رأساً على عقب.

ولهذه الغاية، تواصلت الاستعدادات للمواجهة الديبلوماسية والسياسية والعسكرية، فحطّ وزير الخارجية الأميركية جون كيري في أنقرة بعد اجتماع جدّة، على أن تكون القاهرة وُجهته اليوم، بعدما أعلن تخصيص حوالى 500 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للشعوب والبلدان المتأثرة بالنزاع الدائر في سوريا. وكشف السفير الأميركي دايفيد هيل أن 103،8 ملايين دولار من هذا المبلغ سيُقتطع للبنان «لمساعدة المجتمعات اللبنانية واللاجئين من سوريا فيها».

حضور إيران

وقال كيري إثر محادثاته مع مسؤولين أتراك، إنّ من غير المناسب حضور إيران المؤتمر الدولي حول العراق، المرتقب انعقاده الاثنين في العاصمة الفرنسية. وأعرب كيري عن ارتياحه لتشكيل الولايات المتحدة تحالفاً واسعاً من أجل محاربة مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية»، مضيفاً أن من غير المناسب إشراك إيران في هذه الجهود.

سلام يلتقي كيري

وكشفت مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» ليل أمس أن الحديث عن زيارة يقوم بها كيري إلى بيروت ليس وارداً، وأن هيل نقل إلى سلام موعداً مبدئياً للقائه وكيري في نيويورك على هامش رئاسته لوفد لبنان إلى إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كذلك استبعدت المصادر أن يزور الموفد الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا لبنان كما تردّد أمس. علماً أن مطار بيروت الدولي هو البوابة الإجبارية لميستورا ذهاباً واياباً من دمشق وإليها، وهو محطة رسمية معتمدة لفريق الأمم المتحدة العامل في سوريا.

لبنان ليس وحيداً

وإذ نبّه هيل إلى أن «داعش» إذا تُركت بلا رادع فستهدّد سيادة لبنان واستقراره، أكد أن لبنان «ليس وحيداً في التعامل مع هذا التهديد، وسننجح معاً»، لكنه شدّد على أن غياب رئيس للبلاد يحرمها من رمز مهم للوحدة، ويشتت انتباه الجميع عن مواجهة التهديد الحقيقي.

ورأى هيل، الذي زار امس رئيس الحكومة تمام سلام وقائد الجيش العماد جان قهوجي، أن المساعدات العسكرية للجيش ستساعده على تأمين حدود لبنان وعلى هزم الجماعات المتطرّفة التي عبرت الحدود، وتحدث عن وصول مزيد من صواريخ «هيلفاير»، كاشفاً أن الحكومة اللبنانية والجيش طلبا طائرة «سيسنا» مزودة بالسلاح وطائرات خفيفة للإسناد الجوي.

مشيراً إلى أن بلاده ستعمد إلى تسليح طائرة «سيسنا» كانت وفرتها للجيش اللبناني سابقاً، وأنها عازمة على دعم تلك الطلبات وذلك باستخدام الأموال التي قدّمتها السعودية.

قلق أوروبي

في الموازاة، عبّر سفراء الإتحاد الأوروبي عن القلق الذي يتشاطره مع لبنان حول كل الأحداث والإعتداءات الإرهابية التي حصلت، مجدداً دعمه الكامل للحكومة والجيش وقوى الأمن الداخلي. وقالت إيخهورست «إن لبنان في حاجة إلى الدعم الكامل لجبه التحديات أكان على صعيد النازحين أو الدعم الأمني وأيضاً على الصعيد الإقتصادي». وأكدت أن «النداء الأساسي يبقى إنتخاب رئيس جمهورية لأنه أمر مهم جداً وهو من الأولويات للشعب اللبناني لإظهار أن هناك موقفاً موحداً تجاه كل التحديات».

نفي أميركي

إلى ذلك، نفت مصادر في السفارة الأميركية في بيروت لـ»الجمهورية» أن يكون الرئيس الأميركي باراك أوباما قال أمام وفد بطاركة مسيحيّي الشرق خلال لقائه بهم أمس الأول، إن الرئيس السوري بشار الأسد يحمي المسيحيين في سوريا، وذلك في معرض حديثه عن وضع الأقليات في المنطقة.

وأوضحت المصادر أن أوباما قال إن وحشية نظام الأسد قد تسبّبت بمعاناة فادحة في صفوف الشعب السوري، بما في ذلك المسيحيون. وأكد أن الأسد فقد كل شرعية لقيادة سوريا، ولهذا السبب تدعم الولايات المتحدة المعارضة السوريّة المعتدلة كثقل وازن في مواجهة كلّ من الأسد و»الدولة الإسلامية».

«8 آذار»

في غضون ذلك، قالت مصادر في قوى 8 آذار لـ»الجمهورية»، إن «لا ثقة لها بأن التحالف الإقليمي الدولي لمكافحة «داعش» سيكافح هذه «الداعش» ويقضي عليه نهائيا، وانه قد يكافحه في العراق لحماية التسوية التي انتجت حكومة حيدر العبادي. أما في سوريا فإنه سيحاول إعادة توظيف «الداعشيين» في المعركة ضد النظام السوري لأن أطراف التحالف جميعاً يعادونه وينادون بسقوطه، بدليل حديثهم المتكرر عن أن الرئيس بشار الأسد فقد شرعيته».

وفي رأي المصادر «إن التحالف الإقليمي الدولي سيوجّه ضربات غير كاسحة لمسلّحي «داعش» في العراق، وهذه الضربات ستكون مدروسة يكون الهدف منها دفع هؤلاء المسلحين بغالبيتهم إلى الفرار في اتجاه سوريا ليلتحقوا برفاقهم في «داعش» السورية ويشاركوا فيها في المواجهات ضد النظام».

لكن هذه المصادر تعتقد «أن أهداف التحالف الدولي المبطّنة أو المضمرة ضد النظام السوري لن تتحقق لأن حلفاءه، من إيران إلى روسيا والصين ودول «البريكس»، لن يقفوا مكتوفين، بدليل الموقف الروسي الذي نادى بألا تتخذ أي خطوة أو لا توجه أي ضربة لـ»داعش» السورية إلا بناء على قرار يتّخذه مجلس الأمن الدولي. وهذا الموقف الروسي يبطن أن موسكو لن تسمح باستغلال ضرب «داعش» لاستهداف النظام السوري».

وزير الخارجية

في هذا الوقت، كرّر وزير الخارجية جبران باسيل أنّ الحرب على «داعش» يجب أن تنطلق من الأمم المتحدة، رافضاً إبعاد أي دولة راغبة بمحاربتها، مشدداً على وجوب تخطي أي خلاف سياسي، محلي أو إقليمي أو دولي، من أجل إزالتها. وقال: «نحن قاومنا وسنقاوم داعش وأخواتها، في الميدان وفي السياسة، مع الجيش ومن ضمن الدولة».

اجتماع في الداخلية

ومتابعة لملف تنظيم النزوح السوري وإقامة مخيّمات، علمت «الجمهورية» أنّ «إجتماعاً يعقد اليوم في وزارة الداخلية يضمّ ممثلين عن وزارة الداخلية، والشؤون الإجتماعية، والأمن العام، من أجل بلورة الخطة النهائية لإقامة مخيمين للنازحين في الشمال والبقاع، وتقديم كل الشروحات الفنية والتقنية لهذه الخطّة، والخروج بأرقام عن تكلفتهما المالية، لرفعها إلى الحكومة والمنظمات الدولية، من أجل إتخاذ الخطوات اللازمة إذا ما نجحت التجربة لتعميمها لاحقاً كحل موقت في حال لم تستطع الدولة إعادة من لم يعد ينطبق عليهم النزوح». وكانت القوى الأمنية قد واصلت أمس عمليات الدهم في عدد من المناطق وخصوصاً صور وكفرشيما والدكوانه لأماكن تجمّع النازحين السوريين.

السعودية والرئيس

وفيما غاب أي نشاط متصل بالاستحقاق الرئاسي، استعجلت السعودية انتخاب رئيس جمهورية جديد، وقال السفير السعودي علي عواض عسيري إن «المملكة مع التعجيل في انتخاب رئيس جديد ومساعدته في إطلاق حوار بنّاء يجمع القوى السياسية كافة في مهمّة واحدة هي العبور بلبنان في هذه المرحلة وإيصاله إلى شاطىء الأمن والاستقرار»، مؤكداً أن «موقف بلاده «يصبّ دائماً في هذا الاتجاه ويشجّع الأشقاء اللبنانيين على التوافق على ما فيه المصلحة العليا لبلادهم».

وفيما لم يُسجَّل أيّ تطوّر على جبهة الاستحقاقَين الرئاسي والنيابي، نقلَ زوّار رئيس مجلس النواب نبيه برّي، العائد من زيارته الخارجيّة الخاصّة، قوله «إنّني ما زلت أؤيّد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ولستُ مؤيداً تمديد ولاية مجلس النواب مجدداً، وليُقنعني أحد بأنّ هذا التمديد مفيد».

وردّاً على سؤال عن التحالف الإقليمي – الدولي لمواجهة «داعش»، قال برّي: «لا مُعطيات واضحة لديّ بعد عَن هذا الموضوع، غير ما أُعلِن في وسائل الإعلام».

هل طارت الإنتخابات؟

وفي هذه الأجواء كشفت مصادر واسعة الإطلاع عبر «الجمهورية» عن فضيحة عدم قدرة مجلس الوزراء في جلسته أمس الأول، بعد نقاش استمر أكثر من ساعة ونصف الساعة، على تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات النيابية، فطارت الهيئة على رغم الإشارة إلى تشكيلها في مقررات جلسة مجلس الوزراء.

وفي التفاصيل، روت المصادر ما حصل فقالت إنّ وعند وصول مجلس الوزراء عند البحث في بنود جدول الأعمال إلى البند الخاص بتشكيل الهيئة، طرحت سلة الأسماء المقترحة وفق الآلية المعتمدة في تعيينها، فطرحت ثلاثة أسماء عن كل جهة تشارك فيها.

ومن دون الدخول في ما حوته اللائحة الثلاثية لكل مركز، قرّ الرأي مبدئياً على كل من رئيسها المقترح نديم عبد الملك (درزي)، عطا الله غشّام وغادة حلاوي (شيعة)، النقيب ميشال ليان (كاثوليك)، خلدون نجا وحسن حلواني (سنة)، القاضي مهيب معماري رئيس غرفة في محكمة التمييز أو وائل خير (عن الأرثوذكس).

ولما وصل الأمر إلى المقاعد المارونية، عرضت أسماء القاضي أندره صادر من مجلس شورى الدولة، الزميل رفيق شلالا، فاديا كيوان، فاعترض وزير التربية الياس بو صعب على أساس أن الأمر طرح فجأة على المجلس وليس لديه أي رأي في الموضوع، وكان من المفضل التشاور في هذا الأمر من قبل.

فلفته رئيس الحكومة إلى أن هذا الإقتراح مطروح على جدول أعمال مجلس الوزراء الذي جرى تعميمه على الوزراء منذ عصر يوم الجمعة الماضي، وكان من الأفضل أن نصل إلى جلسة اليوم وقد اتخذ كل وزير قراره في هذا الشأن. عندها طلب بو صعب مهلة قصيرة للمراجعة، فحاول الإتصال بالعماد ميشال عون، فلم يوفق، ومن بعدها بالوزير جبران باسيل الذي كان يشارك في المؤتمر الأميركي – العربي في جدة.

فعاد إلى المجلس وطلب مهلة إلى الواحدة من بعد منتصف الليل لبت الموضوع، بعدما أكد الرئيس سلام وعدد من الوزراء أن على المجلس أن يعين الهيئة اليوم قبل انتهاء الصلاحية في الغد، ونشر مرسوم التعيين في ملحق خاص بالجريدة الرسمية (أمس الجمعة)، مؤكداًَ أن الحكومة تعهدت السعي إلى تأمين أفضل الظروف لإجراء الإنتخابات النيابية، ولا يجوز تحميلها وزر الطعن بها ما لم يتم تشكيل الهيئة التي يمكن، في حال عدم تشكيلها في هذه الجلسة، الطعن بالموعد المحدد للإنتخابات في 16 تشرين الثاني المقبل.

وأضاف سلام أن من يعرقل هذه العملية سيتحمل مسؤولية ما ستؤول إليه، رافعاً سلفاً المسؤولية عن الحكومة مجتمعة في هذا الموضوع.

إلا أن الاتصالات تجدّدت قبيل منتصف ليل أمس الجمعة مجدداً، لكن سلام لم يتبلغ الموقف لإصدار المرسوم كاملاً، فتعطلت عملية التعيين نهائياً.

غير أن تطيير اللجنة قد يطيّر موعد الإنتخابات المقبلة، في حال الطعن لعدم وجود الهيئة، على رغم أن آراء عدة قالت إن تشكيلها كان يجب أن يتم قبل شهر من توجيه الدعوة إلى الإنتخابات النيابية، أي قبل السادس عشر من تموز الماضي، كما يقول خبراء دستوريون، ويشاركهم الرأي عدد من الوزراء، لكنهم يدركون أن التأخير في اقتراح التعيين مردّه الإهمال باعتبار أن هناك استحالة في إجراء هذه الإنتخابات في موعدها في الأحد الأخير، قبل نهاية ولاية المجلس الممدّد له، أي في 16 تشرين الثاني المقبل، طالما أن مجلس النواب لم ينتخب رئيس الجمهورية، كما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق غير مرة، ولا سيما من على منبر رئيس مجلس النواب في عين التينة، بعدما أحال مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى مجلس الوزراء مطلع آب الماضي.

وعليه، فقد حذّر مصدر وزاري معني بالإتصالات الجارية عبر «الجمهورية»، من وجود قطبة مخفية في ما جرى بهذا الشأن لتحميل الحكومة ورئيسها مسؤولية تطيير الإنتخابات.