IMLebanon

“التيار الوطني الحر” يملأ الوقت الضائع بطرح اقتراحات “صعبة” في غير وقتها…

“التيار الوطني الحر” يملأ الوقت الضائع بطرح اقتراحات “صعبة” في غير وقتها…

23 آب 2014

يقول نائب في “التيار الوطني الحر” إنه لا يرى انتخابات رئاسية في المدى القريب لأن الخارج منهمك بما يجري في المنطقة ولا بدّ من انتظار وضوح الصورة لمعرفة أي رئيس ولأي لبنان… لذلك يرى وجوب المحافظة على الوضع الراهن والحد ما أمكن من الخسائر والقبول بالحد الأدنى من الأمن والاستقرار ليبقى لبنان حيّاً إلى حين يأتي دوره لتوضع عجلته على السكة ويستعيد وضعه الطبيعي وإلا ضاع لبنان ووقعت الخسارة على الجميع.

ويضيف أن لا قوى 8 آذار ولا قوى 14 آذار جاهزة لانتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الحاضر لأن ثمة من هو مرتبط بخارج لم يقل كلمته بعد. وإذا كان “حزب الله” ينتظر كلمة إيران فان “تيار المستقبل” ينتظر كلمة السعودية… هذه النظرة إلى صورة الوضع جعلت “التيار الوطني الحر” يملأ الوقت الضائع بطرح اقتراحات حتى وأن كان يصعب الأخذ بها خصوصاً في الوقت الحاضر، مثل إجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية ليتولى مجلس نواب جديد منبثق منها ويمثل إرادة الشعب تمثيلاً صحيحاً انتخاب الرئيس، ومثل تعديل الدستور لجعل انتخاب رئيس الجمهورية يتم مباشرة من الشعب، ومثل الطلب من الشريك المسلم انتخاب أحد الأقطاب الموارنة الأربعة للرئاسة الأولى.

نائب في “تيار المستقبل” ردّ على رأي زميله في “التيار الوطني الحر” بالقول إن الخارج كانت له كلمته في الانتخابات الرئاسية منذ العام 1943 ولكنه كان يراعي غالباً رأي الأكثرية النيابية أو الشعبية ولم يكن يتدخل أبداً لتعطيل الانتخابات بل على العكس كان يحترم الاستحقاقات الدستورية ويشجع على احترامها بالايحاء لمن يفضل أن يكون رئيساً، فأوحى الانكليز مثلاً بانتخاب بشارة الخوري رئيساً للجمهورية، ثم أوحوا بانتخاب كميل شمعون خلفاً له، وأوحت الولايات المتحدة الاميركية بانتخاب اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، وكذلك فعلت سوريا إبان وصايتها على لبنان فجاءت بالرئيس الياس الهراوي ثم بالعماد إميل لحود للرئاسة الأولى، ولم يكن أي خارج يقبل ولا أي زعيم لبناني بتعطيل الانتخابات الرئاسية بإفقاد نصاب الجلسات كما يفعل الخارج اليوم بالتواطؤ مع زعماء لبنانيين، لا بل إن الرئيس حافظ الأسد حذَّر ياسر عرفات من مغبّة الاستمرار في القصف المدفعي على “فيلا منصور” التي كانت مقرّاً موقتاً لمجلس النواب بقصد تعطيل النصاب والحؤول دون انتخاب الياس سركيس رئيساً للجمهورية، حتى إن اسرائيل إبان اجتياحها جزءاً من لبنان حرصت على أن يتم انتخاب بشير الجميل رئيساً للجمهورية بنصاب الثلثين تطبيقاً للدستور.

أمّا القول بأن “تيار المستقبل” ليس جاهزاً لانتخاب رئيس للجمهورية مثله مثل كتلة “الوفاء للمقاومة” لأن كلاً منهما ينتظر كلمة الخارج، فهو قول في غير محله، وإلا لكان نواب “المستقبل” تغيبوا عن جلسات الانتخاب كغيرهم لافقاد نصاب الجلسات، لكنهم حرصوا على حضور كل الجلسات ومارسوا حقهم في انتخاب مرشحهم الدكتور سمير جعجع، في حين أن نواب “حزب الله” ونواب “تكتل التغيير والاصلاح” استمروا في مقاطعة جلسات الانتخاب، وعندما حضروا الجلسة الوحيدة لم يقترعوا لمرشح إنما اقترعوا بأوراق بيضاء… لأنهم لا يعرفون لمن يقترعون ولأن الخارج المرتبطين به لم يسمّ بعد المرشح الذي ينبغي الاقتراع له، فتحمّل هؤلاء النواب أمام الرأي العام وأمام الله والتاريخ والوطن مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وتعريض البلاد لخطر الفراغ الشامل. ولو صح القول إن نواب “تيار المستقبل” هم مثلهم غير جاهزين لانتخاب رئيس كما كانوا حضروا كل الجلسات وانتخبوا مرشحهم المعلن جعجع، ولما كانوا اعلنوا أنهم مستعدون لانتخاب رئيس توافقي، بل كانوا تضامنوا معهم في التغيب عنها. وهذا يعني أن إيران هي التي طلبت من حلفائها في 8 آذار تعطيل جلسات الانتخاب إلى حين تقرر تسمية المرشح المرغوب فيه. أما السعودية فلم تطلب ذلك من نواب “تيار المستقبل” ولا من غيرهم لأنها تريد إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وليس عندها “فيتو” على أحد. الواقع أن قادة لبنان في الماضي هم غير قادتهم اليوم، والخارج الذي كان يتدخل في الانتخابات الرئاسية هو غير خارج اليوم، فالقادة في الماضي لم يكونوا يقبلون ولو للحظة تأجيل أو تأخر الانتخابات الرئاسية ولم يكن الخارج أيضاً يطلب ذلك فكانت كل الانتخابات تجرى في موعدها الدستوري. أما اليوم فلأن للخارج مصحلة في تأجيل أو تأخير إجراء الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير معروف، فان القادة المرتبطين به يخضعون، ويا للأسف، لرأيه ويبررون ذلك أمام الرأي العام بالقول إنهم يريدون رئيساً قوياً للجمهورية من بين الأقطاب الأربعة تحقيقاً للمشاركة الصحيحة ولا يتفقون على اختيار مرشح واحد منهم يجعل الشريك المسلم مضطراً لانتخابه كما اضطر الشريك المسيحي لانتخاب المرشح الشيعي الوحيد لرئاسة المجلس والمرشح السنّي الوحيد لرئاسة الحكومة.

الحقيقة أن المسيحيين يكون لهم دور ولا أحد يستطيع أن يأخذه منهم عندما يكونون متفقين ومتحدين، ولا دور لهم حتى وإن أعطي لهم إذا كانوا متفرقين ومنقسمين.