«الثقة فقدت» بين «المستقبل» و«الإشتراكي» بعد أحداث أيّار

«الثقة فقدت» بين «المستقبل» و«الإشتراكي» بعد أحداث أيّار

جنبلاط لم يُبادر مع الحريري لتعطيل حواره مع عون والتنسيق مع برّي «لعدم تعطيل مُؤسّسات دستوريّة»

هناك أمور إذا ذهبت لا تعود: الكلمة إذا انطلقت، والسهم إذا رمى، والزمن إذا قضى، والثقة إذا ضاعت، هذه الحكم تنطبق على علاقة «تيار المستقبل» والنائب وليد جنبلاط الذي لا ينكر فضله مع صياح الديك، خصوصاً انه كان رأس حربة «ثورة الارز» وفتيلها الى جانب رفيق دربه الوزير السابق مروان حماده وفقاً لاوساط متابعة لحركة جنبلاط السياسية.

وتضيف هذه الاوساط، لقد ضاعت الثقة بين «التيار الازرق» و«الاشتراكي» بعد احداث 7 ايار على الرغم من ان البعض يعتبر ان زعيم المختارة هو من اشعلها بعد مواقفه المتشددة حيال كاميرات المراقبة التابعة لـ «حزب الله» والتي طالب صديقه النائب حماده ازالتها، الا ان مفاعيل الاحداث انعكست بشكل كبير على مواقف جنبلاط الذي بدأ يفكر كيف يجنب الجبل اي شرارة، خصوصاً ان تجربة 7 ايار كادت توصل الى «حرب جبل » ثانية لا تنفع معها المصالحات في زمن سالت فيه الدماء، مع تحرك التيارات المتشددة داخل الطائفة الدرزية والتي تسمى بجماعة الداعية عمار.

اذا هي المرة الاولى تضيف الاوساط التي اطاحت باحد اعمدة الثقة بين الازرق والاشتراكي هي 7 ايار ومن بعدها كرت سبحة الانهيارات في هذه الاعمدة بعد تسمية النائب جنبلاط للنائب نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة، هذا فضلاً عن انسحابه من فريق 14 آذار وبذلك هدم «حيط العمار» بينه وبينهم.

الا ان هذه الاوساط ترى ان جنبلاط يحاول قدر المستطاع ان يجنب ابناء طائفته اولاً والبلد ثانياً الحرائق التي بدأت تتناثر شراراتها على طول الاراضي اللبنانية وعرضها، خصوصاً انه يدرك تماماً ان الحلول على صعيد الانتخابات الرئاسية والنيابية باتت مستعصية مع تعدد الرؤوس بين الموارنة وعدم وحدة مواقفهم تجاه ما يجري، وان الجميع يريدون منه ان يقف الى جانب كل منهم، ولكنه يدرك ان هذا الامر قد يحرق كل اوراقه ومراكبه.

البارحة شن «تيار المستقبل» عبر مصادره هجوماً عنيفاً على الزعيم الاشتراكي لم يسبق له مثيل، الا عندما تحدث النائب فريد مكاري في وقت سابق عن أن «الحسنة الوحيدة لتقارب النائب ميشال عون والرئيس سعد الحريري هي إلغاء دور جنبلاط كبيضة قبان في الحياة السياسية اللبنانية»، الا ان ما يظهر اليوم يشير الى ان القصة ليست «قصة رمانة بل قلوب مليانة».

فكيف ترى اوساط جنبلاط ما يجري خصوصاً انه اضافة الى هذه التهم هناك تهمة اخرى وجهت الى «ابو تيمور» وهي تخريب العلاقة بين الجنرال ميشال عون والرئيس سعد الحريري.

مصادر مقربة من النائب وليد جنبلاط اكدت ان «المستقبل» نفى ان يكون وراء التسريبات جهات رسمية في التيار، ومن الوجهة الثانية هناك تواصل دائم، على الرغم من انه ليس سراً ان هناك تبايناً في وجهات النظر حول بعض القضايا ولكن ليس الى حد الفتور او النفور.

اما في ما خص ترشيح رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب هنري حلو للسدة الرئاسية وآخر لرئاسة الحكومة، فليس هناك احد في «تيار المستقبل» او غيره لديه الرغبة في الغاء صيغة التعاطي السياسي التقليدي في لبنان، لان البلد ليس موزعاً الى قبائل وملل على الصورة التي يتخيلها البعض، بل هناك تعاون بين المجموعات السياسية، والطوائف على الرغم من اننا لا نحب استخدامها.

واضاف المصدر ليس هناك نية لالغاء هذه التبادلية وهذا التعاطي الذي اعتادت عليه الحياة السياسية اللبنانية منذ زمن طويل، فهل لا يحق لزعيم سياسي ان يعطي رأيه او يتدخل في موضوع رئاسة الجمهورية او رئاسة الحكومة او حتى رئاسة مجلس النواب، لان هذا الامر يعتبر الغاءً للحياة السياسية اللبنانية، وللديمقراطية.

ولا يعتقد المصدر ان الجهات التي سربت الخبر ووضعته بعنوان «الرئيس الحريري مستاء من رئيس جبهة النصال الوطني» هي من مصدر مسؤول لان هناك تفاهماً بين القيادات السياسية وخاصة بين الرئيس سعد الحريري ووليد بك على الملفات الاساسية، لانه لو كان الامر صحيحاً وكان ممنوعاً على جنبلاط ان يتدخل او يتعاطى في شؤون رئاسة الجمهورية او الحكومة فهذا الامر ينطبق ايضاً على الحريري من الجهة المقابلة، لذا فان هذه التسريبات وفق مراجع المستقبل ليست صادرة عن مراجع مسؤولة في التيار.

وعن وجود اجنحة في «التيار الازرق» التي لا ترغب بالتقارب، اكد المصدر ان هذا الامر صحيح والنقاش السياسي موجود في كل التيارات والاحزاب السياسية، ولكن هناك فرق ان يكون نقاش سياسي ووجهات نظر داخل الاحزاب او ان يكون هناك موقف رسمي لهذه الاحزاب، لان النقاش السياسي حول تقييم اداء جنبلاط، نعرف انه موجود داخل المستقبل وكذلك داخل قوى 14 آذار كما هناك تباين في تشخيص دور وليد بك وهذا الامر يتطبق على فريق 8 آذار، وحتى داخل الاشتراكي هناك نقاش تقييمي للعلاقة مع الاطراف، ولكنه لا يعني انه موقف.

وعلى مستوى العلاقة بين «الاشتراكي» و«امل» يؤكد المصدر ان هناك تنسيقاً اكثر من السابق، والدليل الاجتماع الذي حصل بين الوزير وائل بو فاعور والوزير علي حسن خليل والسيد نادر الحريري. اما اذا كان البعض ينطلق من تقييم التباين على خلفية ان هناك اتفاقاً بين الرئيس نبيه بري وجنبلاط على تعطيل دور الحكومة اذا لم يسر العمل في مجلس النواب، فان هذا الامر غير دقيق وغير صحيح، لان جنبلاط ليس شريكاً في تعطيل اي مؤسسة، وان الرئيس بري لا يطرح رغبته باعادة العمل الى مجلس النواب على خلفية تعطيل المؤسسات الدستورية الاخرى.

اما بالنسبة لدور جنبلاط في تعطيل الحوار العوني – المستقبلي، فأكد المصدر ان كتلة السمتقبل اعلنت موقفاً صريحاً من الحوار مع «الحر» قبل اجتماع جنبلاط بالرئيس سعد الحريري، خصوصاً فيما يتعلق برئاسة الجمهورية، وان الجهات المقربة من «التيار الحر» التي تحاول تحميل جنبلاط مسؤولية الاخفاق في الحوار بينهم وبين المستقبل غير صحيح، لان جنبلاط لم يحاور الرئيس الحريري على قاعدة تعطيل حواره مع الرئيس عون، لان هناك تقاطعاً في نقاط معينة وتبايناً في اخرى وهذا الامر ليس سراً.

وختم المصدر ان اللجنة التي كلفها جنبلاط للقيام بمروحة من الاتصالات للخروج من مأزق سلسلة الرتب والرواتب قد وصلت الى اكثر من نصف نتيجة ايجابية، وكذلك موضوع الجامعة اللبنانية، فانه ليس صحيحاً ان موقف جنبلاط هو على خلفية الاتفاق الذي حصل بين وزير التربية الياس بو صعب والرئيس فؤاد السنيورة حول تعيين العمداء وان «جبهة النضال» «تحاول خربطة» هذا الاتفاق، بل هناك رأي للنائب جنبلاط ينطلق من التأكيد على الرفعة الاكاديمية والحفاظ على الطاقات المبدعة في الجامعة وليس له خلفيات اخرى نهائياً.