IMLebanon

الجمهورية:كلمة السِر الإقليمية والدولية لم تـــصل بعد

 

مع دخول البلاد اليوم عطلة الجمعة العظيمة والفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتّبع التقويمين الشرقي والغربي، يَخفتُ ضجيج المطالب العمّالية والنقابية، وتتراجع حركة الاحتجاجات في الشارع، في انتظار الموعد الجديد للإضراب العام في 29 من الجاري، في وقتٍ أكّدت اللجنة المنبثقة من الهيئة العامة للمجلس النيابي لدرس سلسلة الرتب والرواتب، التزامَها الكامل بإنجاز تقريرها في مدّة أقصاها 15 يوماً. إلّا أنّ استراحة العيد لن تنسحبَ على ملفّ انتخابات الرئاسة مع بدء العدّ العكسي للجلسة الانتخابية الأولى في 23 الجاري، حيث يُتوقّع أن تشهد عطلة العيد مروحة مشاورات واسعة داخل كلّ فريق وبين الكُتل النيابية لتنسيق الموقف وتحديد الخيارات.

لم يُبلور بروز الترشيحات للإنتخابات الرئاسية مصيرَ هذا الإستحقاق، وتحديداً مصير جلسة 23 الجاري التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس الأوّل. ولم تستبعد مصادر سياسية عاملة على خط الإستحقاق أن لا تنعقد هذه الجلسة، وإذا انعقدت فإنّها لن تشهد إلّا دورة انتخابية واحدة.

وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية» إنّ عدم انعقاد الجلسة الانتخابية، في حال حصوله، سيكون ناجماً من تخوّف فريق 8 آذار من مواقف بعض»الوسطيّين»، لذلك فإنّ هذه الفريق لن يغامر في الحضور إلى مجلس النوّاب، ما يعني حكماً أنّ الجلسة ستكون مرشّحة للتأجيل.

وقد جرت اتّصالات أمس على خطّين: داخلي وخارجي، إلّا أنّها لم تُسفر عن نتائج واضحة، لا داخل فريق 14 آذار ولا داخل فريق 8 آذار، إذ إنّ الضوء الإقليمي والدولي لم يصل بعد. وعلمت «الجمهورية» أنّ فرنسا بدأت سلسلة اتّصالات مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الايرانية للإتفاق على حدّ أدنى، وهو إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وحدّ أقصى هو الإتفاق على رئيس توافقي قوي.

«8 آذار»

وإزاء التساؤلات حول ضبابية مشهد موقف قوى 8 آذار وعدم تبلوُر صورة الاستحقاق لديها بعد، أكّدت مصادر بارزة فيها لـ»الجمهورية» أنّ الاتصالات الفعلية بين مكوّناتها ستبدأ فعلياً بدءاً من غدٍ السبت، وأنّه لا يزال هناك مُتّسع من الوقت قبل جلسة الأربعاء المقبل لتنسيق الموقف والبحث في السيناريوهات المطروحة.

أمّا على صعيد موقف تكتّل «التغيير والإصلاح «، فقد علمت «الجمهورية» أنّ التكتّل سيشارك في جلسة الانتخاب، وهو سيناقش هذا الأمر خلال اجتماعه الأسبوعي الثلثاء المقبل.

«جبهة النضال»

وإلى ذلك، تتّجه الأنظار إلى رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط لمعرفة موقفه من جلسة 23 الجاري، وهل سيشارك ونوّابَه فيها أم لا. وفي هذا الإطار، علمت «الجمهورية» أنّ الجبهة ستجتمع غداً للتشاور في موضوع الاستحقاق الرئاسي وجلسة الانتخاب.

«الكتائب»

واستكمالاً لورشة حزب الكتائب الإنتخابية، عاودَت اللجنة المصغّرة التي شكّلها المكتب السياسي اجتماعَها السابعة مساءَ أمس في بكفيا، وقوّمت التطوّرات والمواقف وردّات الفعل على إمكان ترشيح رئيس الحزب الرئيس أمين الجميّل لرئاسة الجمهورية، علماً أنّ الخطوة ليست ضرورية في المفهوم الدستوري.

وقالت مصادر اللجنة إنّ المكتب السياسي سيكون مدعوّاً إلى اجتماع استثنائيّ طارئ خلال أيّام لمواكبة التحضيرات لجلسة الإنتخاب الأربعاء.

وقالت مصادر واكبَت الاجتماع إنّ الاتصالات التي جرت خلاله شملت القوى الوسطية وبرّي وجنبلاط بُغية توسيع دائرة المشاورات قبل اتّخاذ أيّ قرار في شأن ترشيح الجميّل للرئاسة، على قاعدة خرق الاصطفافات بين طرفَي النزاع والكُتل النيابية المرجّحة للتصويت.

برّي ونضوج الجوّ

وسُئل برّي أمس هل نضجَ موضوع انتخاب رئيس جمهورية جديد حتى حدّد جلسة الانتخاب؟ فأجاب: «إذا انعقدت الجلسة اليوم فلن تنتهي بانتخاب رئيس، لأنّ الجوّ ليس ناضجاً بعد، ولكن حتى الأربعاء المقبل قد يحصل بعض التطوّرات».

وأكّد برّي أنّه سيدعو كتلة «التحرير والتنمية» إلى اجتماع برئاسته عشيّة الجلسة لمناقشة موضوع الانتخاب الرئاسي في ضوء ما يكون عليه الجوّ المحيط به، لكي تقرّر الكتلة من سيكون مرشّحها.

وأكّد برّي أنّه سيفتتح جلسة الانتخاب فور اكتمال نصاب الثلثين ثمّ يعلن بدء الاقتراع، فإذا انتُخب رئيس في الدورة الأولى يكون الأمر انتهى، وإلّا ستجرى دورة ثانية أو ثالثة، «وإذا اقتُرح عليّ رفع الجلسة للتشاور داخل القاعة سأفسحُ في المجال من دون ختمِ محضر الجلسة، أمّا إذا طُلب تأجيل الجلسة لبضعة أيام أو فُقِد نصاب الجلسة، فسيُختَم المحضَر، وسأدعو إلى جلسة انتخاب ثانية تبدأ من دورة الاقتراع الثانية، لكن شرط أن يكون نصابها أكثرية الثلثين».

وأشار برّي إلى «أنّ هناك مرشّحاً واحداً ضِمن فريق 8 آذار قد حجبَ المرشّحين الآخرين في هذا الفريق، وهو رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، أمّا في فريق 14 آذار فهناك عدد من المرشّحين». وأوضحَ أنّه عندما حدّد 23 الجاري موعدَ جلسةِ الانتخاب إنّما أخذ في الاعتبار هيبة الاستحقاق الرئاسي واحترامَه، إذ كان في إمكانه الدعوة إلى جلسة تشريعية في اليوم نفسِه حتى الثانية عشرة ظهراً، ثمّ يعقد جلسة انتخاب الرئيس بعدها، لكنّه أراد تسليط الضوء على جلسة انتخابات الرئاسة لإعطائها هيبة واحتراماً.

سلام و«التشكيك»

وحضر الاستحقاق الرئاسي في زيارة رئيس الحكومة تمّام سلام إلى بكركي أمس، وهي الأولى له منذ تولّيه منصبَه، ولم يرَ أيّ سبب لعدم إنجاز الإنتخابات الرئاسية» وقال سلام الذي هنّأ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعيد الفصح: «أنا متفائل من وتيرة الخطى التي مضينا فيها في الأسابيع الماضية، وما نحن مقبلون عليه في الأسابيع المقبلة إن شاء الله». وأضاف: «ليس هناك سببٌ كي لا يحصل هذا الاستحقاق إذا ما كان جزءاً من ممارساتنا الديموقراطية الصحيحة، وليست المرّة الأولى التي تمارَس الديموقراطية فيها بهذه الطريقة، وما من سبب اليوم لعدم حصول الانتخابات، وتحصل في اللحظة الأخيرة تسويات ولقاءات بين القوى السياسية لإنجاح هذا الاستحقاق، وقد سمعتُ من غبطته كلاماً مشجّعاً، وهو متفائل وليس لدينا لا نحن ولا غبطته سببٌ يمنع حصول هذه الانتخابات، فلماذا التشكيك في هذه الانتخابات؟ شكّكنا في أمور كثيرة ولمدّة طويلة، فكفى تشكيكاً».

الملفّ الأمني

من جهة ثانية، انعقد اجتماع أمنيّ في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال سليمان وحضور سلام ووزيري الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية، وقوّمَ المجتمعون الخطّة الأمنية في طرابلس والبقاع. ونوّه سليمان وسلام بتنفيذها وارتياح الرأي العام إليها. واتُفِق على تكثيف الحضور العسكري والأمني في المناطق، خصوصاً في محيط دور العبادة، لمناسبة الأعياد، ليستفيد المُصلّون من المناخ الأمني السائد، ولقَطعِ الطريق على المرتكبين والمُخِلّين، لئلّا يقوموا بأعمال تفجيرية وانتحارية. وشدّد المجتمعون على تعزيز المناخ الأمني على أبواب موسم السياحة والاصطياف ونشرِه على طريق المطار، ما يُطمئن السيّاح والوافدين إلى لبنان.

كذلك بحثوا في موضوع قرية الطفيل اللبنانية والوضع المأسوي الذي يعيشه سكّانها، وشدّدوا على تأمين طريق تربط هذه القرية بلبنان مباشرةً بدلاً من الطريق التي تؤدّي إليها عبر الأراضي السوريّة، ما يسهّل على أهاليها الانتقال منها إلى لبنان والعودة إليها.

وقالت مصادر المجتمعين إنّ التقارير التي قدّمها قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية عرَضت لما تحقّق في طرابلس والبقاع ومصير مذكّرات التوقيف وخلاصات الأحكام القضائية التي نُفّذت في هذه المناطق، ونجاح القوى الأمنية في القبض على عدد كبير من المطلوبين. وأكّد المجتمعون أنّ خطة طرابلس لم ولن تكتمل قبل القبض على جميع المطلوبين وإحالتهم الى القضاء.

وقالت المصادر إنّ المجتمعين قد أكّدوا أنّ 80 % من الخطة الأمنية للبقاع قد طُبّقت وإنّ استكمالها يفرض رفعَ كلّ غطاء حزبي أو عشائري عن المطلوبين قبل أن يصبح رفاقهم من الحزبيين ومن أبناء العشائر ضحاياهم في وقت ليس ببعيد، إذا استمرّ الوضع على ما هو من فلتانٍ في بعض المناطق. وناقشَ المجتمعون خططاً للمناطق الحدودية لضبطِها ووقفِ أعمال التسلّل وتهريب الأسلحة والممنوعات على أنواعها بين لبنان وسوريا.

وحول خطورة الموقوفين من قادة الشبكات الإرهابية التي اعتدَت على الجيش وخطفت لبنانيّين وعرباً وأجانب، أوضحَ القادة العسكريون أنه، إلى توقيف عدد من المطلوبين الخطرين، فإنّ التوقيفات ساعدت على اكتشاف الشبكات التخريبية والإرهابية.

ملفّ «السلسلة»

إلى ذلك، لم يغِب ملفّ سلسلة الرتب والرواتب عن المداولات اليومية، في وقت عقدت اللجنة المنبثقة من الهيئة العامة للمجلس النيابي المُكلّفة درسَها جلستَها الأولى أمس، وأكّدت التزامها إنجازَ تقريرها في مدّة أقصاها 15 يوماً. كذلك أكّدت متابعة اجتماعاتها يومياً بعيداً من الإعلام والتصريحات. وجدّدت حِرصَها على حقوق العاملين في القطاع العام بمقدار حرصِها على المحافظة على المالية العامّة وحماية الاقتصاد الوطني.

إلى ذلك، أكّد رئيس الحكومة من بكركي أنّه يتابع ملفّ السلسلة بعناية، معتبراً أنّ المطالبين أصحابُ حقّ ولا أحد يرضى بالظلم».