IMLebanon

الجنرال سليماني خرج من قيادة العراق الى سوريا

 

سقط نوري المالكي، فتغيرت الكثير من المعادلات في العراق. شخص المالكي ليس مهماً. لم يكن أكثر من «صدّام صغير»، مأمور من جنرال إيراني عند المرشد خامنئي. لم يسقط لأن الجنرال سليماني أو المرشد غضبا عليه. بالعكس، قاتلا به حتى اللحظة الأخيرة، ليبقى عنواناً نافراً في امساكهما ببغداد. عملياً خسرا «المعركة»، فسارعا الى لملمة الخسائر حتى لا يخسرا «الحرب». المرجعية في النجف وجهت الضربة القاضية في رسالة الى حزب «الدعوة». فانسحب المالكي وكأنه لم يكن.

المالكي خسر، لكن الجنرال سليماني أيضاً خسر. لم يحسنا قيادة المعركة، لأن سلطتهما صعدت فوق «مستنقعات» وليس فوق أرض صلبة. لم يكن العراق عند المرشد أكثر من ملف، مع أن العراق أكبر من أن يكون ملفاً، حتى وهو عارٍ من كل شيء.

تسلم العبادي رئاسة الحكومة. محاولةً أخيرة للملمة العراق المثلث الأضلاع. كونه من حزب «الدعوة»، يخفف من حجم الخسارة الايرانية، لكنه لا يلغيها. لم يعد بين طهران والسنّة في العراق، علاقة أكثر من «شعرة معاوية». لن تستطيع طهران وضع ألسنة العراقيين تحت «عباءتها«. أما الأكراد، فإن على طهران الحذر كثيراً في تعاملها معهم. وضع البرزاني «خنجر» الانفصال في ظهر ايران وتركيا. التغييرات هي التي ستفرض لحظة اندفاع «الخنجر» في الجسمين التركي والايراني. أصبح الأكراد وإعلان دولتهم خطراً قائماً وليس خطراً محتملاً.

الجنرال قاسم سليماني، دفع ثمن خسارة المعركة. اللواء حسين همداني من «فيلق القدس« وقائد طهران عام 2009، أصبح خليفته. لا يمكن للبديل أن يكون بقوة الأصيل، حتى ولو كان اسمه على قائمة العقوبات الأميركية والغربية. «اليوتيوب» المعروض، في وداع سليماني، يؤكد نقطتين:

[ أن دور سليماني لم ينته لأنه قائد أعطى للشيعة القوة والأمجاد.

[ يؤشر الى مسار عمل جديد في العراق، وهو اعتماد الميليشيات الشيعية المسلحة مثل «حركة النجباء» على غرار «حزب الله» في لبنان لملء فراغ الجيش الضعيف.

تبقى واشنطن أحجية كبيرة على «رقعة الدومينو« في المنطقة. في قلب هذه «الأحجية»، داعش. لم يعد السؤال الآن، لماذا سيطر داعش بهذه القوة وبهذه السرعة، السؤال الآن ما العمل؟ وماذا تريد واشنطن؟

القتال على سدّ الموصل وتدخل الطيران الأميركي، يفرض السؤال: هل كانت «إستراتيجية التدخل السلبي« مدروسة من أوباما وإدارته أم أنها تدحرجت بسرعة وأنتجت ما لم يتم حسابه؟

حتى الآن تبدو السياسة الأوبامية كارثية. أوروبا بدأت تشعر بالخوف وليس القلق، ماذا لو وصل« داعش« الى الضفة الجنوبية للمتوسط، وأصبح خطراً قائماً ضد الضفة الشمالية؟ هل ستدخل أميركا الحرب مباشرة أم تتركها تتدحرج لتصيغ سياسة الواقعية السياسية مساراتها؟ وهل الحرب ضد داعش شاملة أم محدودة؟ أخيراً ما معنى الديموقراطية، إذا كانت في واشنطن لا تنتج تغييراً حقيقياً وعميقاً لسياسة خاسرة، فيستمر الرئيس حاكماً، يأمر بتنفيذ سياسته الخطأ والخاطئة ولا يعترضه أحد؟

لا يمكن محاربة داعش والإبقاء على سبب انتشار هذا التنظيم الأسود؟ المالكي أساء الى العراق، وساهم من حيث يدري أو لا يدري في انتشار داعش في الوسط السني العراقي، ليس لأن العراقيين، و»السوريين«، مجتمعان أصوليان متطرفان. عندما يترك الفرد أو المجموعة فريسة للإحباط والقهر واليأس، يصبح التطرف وسيلة قتال ودفاع عن النفس. اسقاط «داعش« لا يكتمل إلا بإعادة شعور السنة في العراق وسوريا أن لهم حقوقاً وعليهم واجبات. سقوط المالكي بداية. حتى لا يتحول الى نهاية مغمسة بالدماء، يجب استعادة السنة في العراق. أن يشعر السّنة بالشراكة، ليس في عدد الوزارات والمواقع وإنما في النفوذ وصياغة سياسة الدولة.

أما في سوريا، فإن القضاء على داعش وبقاء الأسد فلا يعني شيئاً. الأسد يريد كل شيء، ببساطة لا يعترف بوجود معارضة. كل سوري يرفضه هو إما داعشي أو عميل لأجنبي.

من سوريا الى لبنان، استمرار حزب الله في لعب دور المنفذ للاستراتيجية الايرانية تحت عباءة المقاومة والدفاع عن لبنان، أصبحت مكشوفة وغير منتجة. أمام الحزب فرصة كبيرة لتنفيذ نهج «الشراكة» مع المكونات الأساسية اللبنانية. تعطيل الانتخابات الرئاسية باسم الوفاء لحلفائه مكشوفة، وهي خاسرة.

إمساك الجنرال سليماني وحده بسوريا وجوداً ومصيراً لا يعني انتصاره في الحرب. توجد كلمة للآخرين. عمود استراتيجية التدخل الأميركي السلبي، في إلحاق المزيد من الخسائر بكل الأطراف، حتى يصبح التدخل الأميركي الايجابي مطلباً من الأطراف الداخلية، كما حصل في العراق. لا شيء مستحيلا في سوريا ولبنان. حزب الله قادر على الربح إذا طبّق سياسة الربح المتبادل، الآن قبل الغد.

البديل. نهاية المقاومة في وحول سوريا والمذهبية!